عا إلى الصيام يوم الاقتراع وانسحاب المرشحين
المرشح القبطييقاطع انتخابات الرئاسة المصرية

إقرأ أيضا

مطالب باستبعاد السيدات عن الانتخابات المصرية

هيومن رايتس تطالب مبارك بالتحقيق في الاعتداءات

إغلاق باب الترشيح لرئاسة مصر اليوم

نبيل شرف الدين من القاهرة : في اليوم الأخير للتقدم للجنة المشرفة على الانتخابات في مصر، وقبل أن توصد باب الترشيح لأول انتخابات ‏‏تعددية بين أكثر من‏ مرشح، أعلن رجل الأعمال القبطي المقيم في سويسرا عدلي أبادير يوسف، انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية، وتراجعه عن ترشيح نفسه كأول قبطي يسعى إلى رئاسة مصر، وبرر ذلك بقوله إنه "كمواطن مصري قبطي، يحمل هموم الأمة ـ أقباطاً ومسلمين على حد سواء ـ يجد أنه من الأشرف له، والأكثر اتساقاً مع النفس واحترام الذات والأمة، أن يعلن مقاطعته ـ ترشيحاً وتصويتاً ـ لهذه الانتخابات الشكلية التي دبر لإفسادها بترسانة من القوانين الجائرة، والأنظمة الاحتيالية، والأساليب الالتفافية، ووضعوا من الشروط ما يعجز عن تحقيقه أي مصري باستثناء الرئيس حسني مبارك ونجله جمال فقط"، على حد تعبيره . ومضى عدلي أبادير، رئيس المؤتمر الدولي لأقباط المهجر قائلاً في اتصال هاتفي أجرته (إيلاف) معه، إنه يدعو جميع المصريين إلى "مقاطعة هذه الانتخابات الشكلية سواء بالترشيح أو التصويت أو المشاركة في هذه المسرحية الهزلية، التي لم يعد خافياً على أحد، أنها ترمي إلى تمديد حكم مبارك الأب، تمهيداً لتوريث السلطة إلى نجله جمال"، حسب تعبيره .

الحكومة والإصلاح

وفي بيانه الذي أعد لإعلان انسحابه من سباق الرئاسة، وتلقت (إيلاف) نسخة منه، قال عدلي أبادير إنه "كان حسن النية شأن الملايين من أبناء مصرنا الغالية، حين تصور أن النظام الحاكم قد استوعب المتغيرات، واستجاب للحراك الذي يموج به المجتمع المصري، وبدأ يراجع سلوكه السياسي المتمثل في هيمنة الفرد الأوحد والحزب الأوحد على الساحة، خاصة حين أعلن الرئيس حسني مبارك ما أسماه "الإصلاح السياسي"، ابتداء بتعديل المادة 76 من الدستور، بما يسمح بخوض انتخابات حرة نزيهة بين متنافسين على أرفع منصب في الدولة وهو رئاسة الجمهورية" .

وبرر أبادير وهو رجل أعمال قبطي يقيم في مدينة زيورخ السويسرية منذ عقود تقدمه للترشيح بقوله "وصل بي التفاؤل مبلغه حين قررت ترشيح نفسي لخوض هذه الانتخابات كأول مواطن مصري قبطي يخوض معركة من هذا النوع في تاريخ مصر الحديث، لكن ـ وكما يقال ـ فإن الشيطان يسكن في التفاصيل، فقد انبرت الشياطين إلى تفريغ هذه "المبادرة الإصلاحية" المزعومة من محتواها، حين قرر شياطين الاستبداد والفساد وضع عراقيل من شأنها أن تجعل مجرد الترشيح للانتخابات أمراً مستحيلاً، حين وضعت لقبول أوراق ترشيح المستقلين شروطاً متعسفة، لا يمكن لأي مخلوق أن يحققها، كأن يحصل على تأييد وتزكية 250 من أعضاء المجالس النيابية والمحلية، في وقت يهيمن فيه الحزب الوطني (الحاكم) على أغلبية تتجاوز التسعين بالمائة من أعضاء هذه المجالس، وبالتالي فإن الحصول على موافقة هذا العدد الذي اشترطه القانون المنظم للتعديل الدستوري هو المستحيل بعينه، ويقطع الطريق على أي منافسة حرة من قبل المستقلين ـ وهم القوة الأكثر أهمية وبروزاً في الواقع السياسي المصري، على حد تعبيره .

واتهم أبادير الحزب الوطني الحاكم في مصر باحتكار للسلطة منذ نشأة التعددية السياسية في البلاد، وسيطرته على مقدرات الحياة السياسية في البلاد، وتداخله مع الجهاز الإداري للدولة"، وأضاف أن هذا السلوك كان من شأنه "تهميش دور أحزاب المعارضة، بل وجعل مجرد تأسيس حزب سياسي جديد أمر يرتبط برضا الحكومة التي تهيمن على لجنة شؤون الأحزاب صاحبة قرار تأسيس الأحزاب، وهو منطق يثير السخرية المريرة أن يحدد الحزب الحاكم خصومه ومنافسيه سلفاً" .

كيان أخطبوطي

وساق أبادير في مذكرته التي تلقت (إيلاف) نسخة منها أسباب انسحابه بالقول "إذا كانت الأحزاب السياسية المعارضة القديمة التي يمنحها التعديل الدستوري وقانون الانتخابات الرئاسية الجديد حق ترشيح قياداتها دون شروط قد آثرت الانسحاب من هذه اللعبة الهزلية السمجة، كما فعل حزبا التجمع والناصري مثلاً، فإن مهمة المستقلين تبدو ضرباً من ضروب المستحيل"، وتساءل أبادير قائلاً: "كيف يتأتى الحصول على تزكية 250 من أعضاء المجالس النيابية والمحلية، لمجرد قبول أوراق الترشيح، فضلاً عن المنافسة غير المتكافئة بالمرة، بين فرد ونظام سياسي استبدادي يملك كل أوراق اللعبة السياسية، ويسيطر على كافة مفاصل الجهاز الإداري للدولة، ويسخر جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة لصالحه، كما يمتلك سلطات المنع والمنح، ويصدر التعليمات ويرسم السياسات ويحدد الأهداف ويضع الخطط الخاصة بأجهزة الأمن التي تحكم البلاد، وتتحكم بمصالح الملايين من المصريين، كل هذا وغيره من الأوراق التي يمتلكها النظام الحاكم، والحزب الوطني الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك، بينما يجب أن يكون رئيساً لجميع المصريين، وأن يرفع يديه عن رعاية هذا الحزب أو ذاك"، على حد تعبيره .

وتابع عدلي أبادير بيانه الموسع قائلاً إنه "مع كل هذا فقد وضع قانون انتخابات رئاسة الجمهورية الذي جرى إقراره مؤخراً، عراقيل من شأنها أن تحسم المنافسة سلفاً، وأن تحدد هوية المتنافسين، وأن تضع قواعد اللعبة كاملة لصالح ذلك الكيان الأخطبوطي المتحكم في مصائر ملايين المصريين منذ أكثر من نصف قرن، وأن تستبعد من يشكلون أي منافسة ـ حتى لو كانت رمزية ومعنوية ـ من الساحة، فإن الحديث عن خوض مثلي ـ كمصري مستقل ـ يصبح شكلاً من أشكال العبث ومحاربة طواحين الهواء، وهو ما أربأ بنفسي عنه، كمصري شريف يحب بلده، ويسعى إلى خير أبناء أمته المصرية، ويعمل من أجل الأجيال القادمة من أبنائنا وأحفادنا، حتى يشبون في ظروف وأجواء أفضل من تلك التي كابدناها منذ أن اختطف العسكر السلطة، ونجحوا في إفساد كل جميل ونبيل في حياتنا، ورسخوا مفهوم "عسكرة المجتمع" المصري، وأشاعوا الفساد السياسي والإداري والاجتماعي في كل حدب وصوب، وقضوا على النخب السياسية والثقافية، واستبعدوا قادة الفكر والرأي عموماً بالترويع تارة والإرهاب الفكري تارة أخرى والإفساد تارة ثالثة، والتهميش والملاحقة تارات، لتخلو الساحة تماماً للمنافقين والفاسدين وأصحاب المصالح الخاصة الذي يدورون في فلك النظام الحاكم، ليس حباً فيه ولا إيماناً به، بقدر الاستفادة من وجوده واستمراره" حسب تعبيره .

دعوة للمقاطعة

إنني كمواطن مصري قبطي، يحمل هموم الأمة ـ أقباطاً ومسلمين على حد سواء ـ أجد أنه من الأشرف لي، والأكثر اتساقاً مع النفس واحترام الذات والأمة أن أعلن مقاطعتي ـ ترشيحاً وتصويتاً ـ لهذه الانتخابات الشكلية التي دبر لإفسادها بترسانة من القوانين الجائرة، والأنظمة الاحتيالية، والأساليب الالتفافية، ووضعوا من الشروط ما يعجز عن تحقيقه أي مصري باستثناء الرئيس حسني مبارك ونجله جمال فقط، ومن هنا أدعو أيضاً إخوتي وأبنائي في مصرنا الحبيبة إلى مقاطعة هذه الانتخابات الشكلية سواء بالترشيح أو التصويت أو المشاركة في هذه المسرحية الهزلية، التي لا يخفى على أحد، أنها ترمي إلى التمديد لحكم مبارك، تمهيداً لتوريث السلطة إلى نجله جمال مبارك .

واختتم عدلي أبادير بيانه بالقول "إني إذ استشعر مرارة الاستبعاد من المشاركة الإيجابية في هذا الشأن الوطني، فلا يسعني إلا الدعوة لمقاومة هذا العبث سلمياً بالمقاطعة، بل وأناشد جميع المصريين صيام يوم الانتخابات كتعبير رمزي عن الاحتجاج على هذا التلاعب الفج والمكشوف بمقدرات مصر، والاستهتار بحاضر ومستقبل شعبها، والتمسك بالاستبداد منهجاً، والالتفاف على الإصلاح السياسي الحقيقي الجاد، والتنصل من الإشراف القضائي الكامل على هذه الانتخابات الرئاسية، وغيرها من الانتخابات البرلمانية والمحلية"، على حد تعبيره .

وأشاد عدلي أبادير بمواقف "كافة القوى الوطنية التي اتخذت مواقف واضحة وحاسمة لمواجهة هذا الاستبداد والاحتيال السياسي الذي يمارسه النظام العسكري والبوليسي الحاكم في مصر، وأخص بالذكر موقف حزب التجمع الوطني بمقاطعة هذه الانتخابات الهزلية، كما أشيد بموقف الدكتورة نوال السعداوي، والحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية)، كما ناشد قادة أحزاب المعارضة في مصر، وفي صدارتهم الدكتور نعمان جمعة، رئيس حزب (الوفد)، والدكتور أيمن نور رئيس حزب (الغد)، وغيرهما من قادة المعارضة، مقاطعة هذه الانتخابات المحسومة سلفاً ترشيحاً وتصويتاً . وأخيراً وجه عدلي أبادير الشكر لجميع القوى الوطنية المعارضة لهذا النظام المستبد، ممن لم تسعفني الذاكرة بذكرهم، مؤكداً أن نضالنا ضد هذا الحكم الفاشي الاستبدادي لن تتوقف، وأننا سنواصل ـ كلُ من موقعه ـ فضح هذا النظام أمام الشعب المصري أولاً، والمجتمع الدولي عموماً، وبكل الوسائل السلمية المتاحة حتى يشرق فجر الحرية، وتسطع شمس الديمقراطية على بلادنا وشعبنا الذي يستحق أن ينعم بحكم نزيه يعبر عن إرادة الأمة، ولا يغتصب السلطة بالطوارئ والقمع والفساد والاستبداد"، حسبما ورد في بيان المعارض القبطي عدلي أبادير يوسف .