إقرأ أيضا



عبدالله: إنها لحظة حزينة


عبد الله هامة عربية عالية مدججة بالكبرياء

ولي العهد السعودي:سنخضع لرغبات شعبنا

حين بكى الملك أخيه

الملك عبد الله يريد تعزيز تعاونه مع واشنطن

الخلف على سياسة السلف

سيف الصانع من دبي ونصر المجالي من لندن: رأى مراقبون عالميون، حيث الشأن السعودي يحظى باهتمام ذا حساسة وحرارة خاصتين بعد رحيل الملك فهد والانتقال الهادئ للسلطة في المملكة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ليكون سادس ملك للجزيرة العربية خلال سبعين عاما، رأوا أن خطاب الملك الجديد أمس لشعبه عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية حدد بوضوح واختصار ما يرغب السعوديون أولا بسماعه من الزعيم الجديد. ولاحظ هؤلاء أن الخطاب الملكي وهو الأول والمباشر من نوعه كان مختصر الكلمات وبعيد المرامي والأهداف.

ولقي الخطاب الملكي أصداء شعبية واسعة حيث تضمن وضوحًا ومكاشفة في أقل قدر من الكلام، وتمكن من الوصول إلى المعنى والهدف الحقيقيين مقتصرًا على الشأن الوطني السعودي الداخلي فقط من دون التطرق إلى القضايا الخارجية، بالرغم من الدور الكبير الذي تراهن عليه الدول الشقيقة والصديقة للسعودية في قابل الأيام.

وأرجع مصدر مقرب من أصحاب القرار الأعلى في الرياض ومطلع على شؤونها الداخلية السبب في خطاب الملك المختصر إلى أنه كان "رثاء للملك الراحل، وجه فيه الملك الجديد الشكر للمواطنين من أهله وشعب مملكته على موقفهم المتحد في السراء والضراء، وتعاضدهم لحماية مملكتهم وبناء مستقبلها، الأمر الذي يمثل حقيقة ما يريده الملك عبد الله الذي ركز في شكل واضح وغير مسبوق على إعداد الخطاب المختصر بهذه الكلمات والتعهدات".

وعلمت "إيلاف" على صعيد متصل، أن الملك عبد الله بن عبد العزيز، سيوجه خطابًا ملكيًا في نهاية الأسبوع المقبل يحدد فيه صورة وصيغ آفاق تصوراته للمستقبل، وكذلك رؤيته الشاملة لنهج الحكم ودور المملكة إقليميًا وعالميًا، وهو كما علمت "إيلاف" سيعيد التأكيد على "ثوابت السياسة السعودية في المجالات كافة محليًا وخارجيًا".

ورجحت المصادر أمام إيلاف أن يتضمن الخطاب الملك الجديد المنتظر "مفاجآت سارة ستبهج قلوب المواطنين السعوديين".

إضافة إلى ذلك، تشير المصادر إلى أن "هناك أسئلة ستطرح في الأيام القليلة المقبلة، حول احتمالات اجراءات تنظيمية تتعلق بالديوان الملكي، وديوان ولي العهد، وهي أمور تفرضها حركة انتقال الموظفين وتبادل مراكزهم".

وأخيرا أكدت المصادر أن "أسلوب الملك عبد الله بن عبد العزيز في العمل مريح وواضح وسلس، حيث خادم الحرمين الشريفين، كما هو معروف عنه يعتمد في إصدار القرارات على المشورة، وهو نهج اختص به كما قبلة من الزعماء السعوديين، وأخذ أكثر من رأي في قرارات كثيرة مهمة خاصة أن جهازًا قويًا وحيويًا من الخبراء والاختصاصيين والمستشارين في مجالات عدة مهمة يحيط به، الأمر الذي يساهم في تنفيذ سياسات المملكة داخليًا وخارجيًا".

** كلمة عبد الله .. حوار مع العالم
ومع الحشد التأبيني العالمي الكبير الذي كان في وداع الملك فهد بن عبد العزيز، تابع مراقبون سياسيون في كل مكان من عواصم الدنيا، حيث المملكة العربية السعودية مركز قيادة وقرار، الخطاب كلمة بكلمة، مركزين على ما تضمنه أول بيان خطابي يصدر عن القيادة الجديدة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده وزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبد العزيز.

مصادر القرار في عواصم غربية كبرى عمومًا، منها واشنطن ولندن وباريس وبرلين خصوصًا، حيث علاقات استراتيجية مهمة على مدى نصف القرن الماضي، درست وحللت الخطابين الذين بثتهما وسائل الإعلام الرسمية السعودية عبر القنوات الفضائية والمحلية.

في هذا الإطار، قال مسؤول كبير من مكتب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير: "نعم فقدنا الملك الكبير صاحب النظرة الواسعة المبدئية من دون تراجع، فهد بن عبد العزيز، لكننا نؤمن تمامًا بأن الخلفاء سيسيرون على ذات النهج، حيث لنا معهم علاقات وثيقة ونعرف من هم، وكيف تقاليدهم في القيادة، وهي مصدر ثقة الجميع".

وفي خطابه القصير والمختصر كعادته، حدد الملك السعودي الجديد عبد الله بن عبد العزيز السياسة التي ستنتهجها حكومة المملكة خلال فترة ولايته للحكم كملك سادس للبلاد.

والملاحظ هو أن كلمة الملك عبد الله المختصرة أعطت مؤشرات ورسائل واضحة لتحديد سياسات المملكة للجيل الجديد المقبل من بعده أيضًا، مشيرًا إلى أن الحمل ثقيل "وهو ما يتطلب حمل الأمانة بالنصح". ومن هنا، حيث خاطب الملك وولي عهده شعب المملكة بهذه المكاشفة والوضوح في حمل المسؤولية من قبل الجميع أمام التحديات، فإنه على حد تعبير متابعين للحدث السعودي مرتبط بالتداعيات العالمية، فإن الرسالة السعودية في عهد قيادتها الجديدة صارت واضحة.

وهذه الرسالة ممكن أن يكون تقديرها بالمزيد من التحرك نحو الإصلاحات، إذ لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وهو كان القيّم على العهد لسنوات عشر خلت سجالات كثيرة مع مثقفي وكتاب وليبراليي مملكته المتسعة الأرجاء ودعاة الإصلاح فيها، حتى أن الملك الجديد أكد مرات عدة في عهد الملك الراحل أن المملكة ستظل فاتحة بوابات الحوار مع الفئات الضالة، وهو تعبير يقصد به الإرهابيين الذين نفذوا عميلات إرهابية في العاصمة الرياض ومناطق أخرى من المملكة بتوجيه من شبكة (القاعدة) التي يتزعمها من باكستان أو حيثما وجد أسامة بن لادن ومناصريه من العرب الآخرين المتشددين دينيا.

يشار إلى أن الملك عبد الله بن عبد العزيز، ظل على الدوام من دعاة حوار الحضارات والثقافات، وكذلك ولي عهد لم يبتعد عن هذه الرؤية قرارا وممارسة، وهو بادر في إبريل (نيسان) الماضي إلى عقد قمة كانت الأنجح بين كل القمم مع الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، وفيها أعاد صياغة الاستراتيجية في التحالف القائم بين البلدين منذ أول لقاء بين الرئيس الراحل ثيودور روزفلت والملك المؤسس عبد العزيز قبل ستين عاما إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية على يخت في قناة السويس المصرية.

وتؤكد تعهدات الملك الجديد وولي عهده باعتماد القرآن الكريم دستورًا والإسلام منهجًا، وخدمة المواطنين السعوديين بلا تفرقه، الشرعية التي أعطت للحكم السعودية بقاءه واستمراره وامتداده على مر العقود ورغم كل الأزمات والمشاكسات والمصادمات مع القريبين قبل الأبعدين. كما تعهد الملك سواء بسواء بالسير على ذات النهج من دون حيدة وهو نهج اهتداه الملك الراحل الفهد بن عبد العزيز إذ قال خادم الحرمين الشريفين الآتي "اقتضت إرادة الله أن يختار إلى جواره أخي العزيز وصديق عمري خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته بعد حياة حافلة بالأعمال التي قضاها في طاعة الله وفي خدمة وطنه وفي الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية". وأضاف "في هذه الساعة الحزينة نبتهل إلى الله أن يجزي الراحل الكبير خير الجزاء عما قدمه لدينه ثم لوطنه وأمته وأن يجعل كل ذلك في موازينه وأن يمن علينا وعلى العرب والمسلمين بالصبر والأجر".

الملك أكد أيضًا في حديثه إنه إذ تولى المسؤولية بعد الراحل العزيز وشعوره بالحمل الثقيل "فإن الأمانة عظيمة أستمد العون من الله وأسأل الله سبحانه أن يمنحني القوة على مواصلة السير في النهج الذي سنه مؤسس المملكة العربية السعودية العظيم جلالة الملك عبد العزيز آل سعود واتبعه من بعده أبناؤه الكرام وأعاهد الله ثم أعاهدكم أن اتخذ القرآن دستورا والإسلام منهجا وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة ثم أتوجه إليكم طالبا منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة وأن لا تبخلوا علي بالنصح والدعاء".

وفي هذه الكلمات دعوة صريحة ومكاشفة إلى المشاركة الشعبية التامة من جانب الجميع على أرض المملكة من أبناء الشعب السعودي خاصة للقيام بمهماتهم ومسؤولياتهم كل في موقعه ومقامه لتنفيذ الأهداف الكبيرة لمستقبل الأجيال المدعوة أيضا لمهماتها بلا خوف او رهبة من مستقبل بعيد أو قريب.

وتأييدًا لكلام الملك الذي بويع من الناس كافة أسرة حكم وشعب كسادس ملك من بعد الملك المؤسس عبد العزيز ثم سعود وفيصل وخالد والفهد، فإن ولي عهده الرجل القوي الأمير سلطان ناصره بحديث مماثل في كلمة متلفزة بثتها القناة الرسمية الأولى في التلفزيون السعودي، حيث نعى فيها أخيه الملك الراحل الذي فقدته المملكة والعرب والمسلمين كقائد رمز ورائد للنهضة ونذر حياته لخدمة دينه وأمته "وفقد فيه العالم قائدا عمل من أجل إحقاق العدالة وإرساء السلام".

وولي العهد الجديد الذي لم يترك منصبه كوزير للدفاع والطيران ومفتش عام للقوات المسلحة توجه إلى الشعب السعودي الذي بادل ملكه الراحل الحب والوفاء، وإلى أمتنا العربية والإسلامية بخالص العزاء والمواساة في "فقيدنا الغالي تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته".

وتعهد ولي العهد، كما الأخ غير الشقيق للملك بالعمل الدؤوب واستمرار النهج الذي اختطته القيادة السعودية منذ فجر تاريخها الحديث خدمة لشعبها والعرب والمسلمين والعالم باحترام كبير عبر حوار حضاري أصيل وباحترام الطرف الآخر، وهو ختم خطابه بالقول "لقد كان فهد بن عبدالعزيز أبًا للصغير وأخًا للكبير وحّد القلوب فتوحّدت القلوب في حبه وفاضت مشاعر شعبه تعبيرًا عما يعتصره من أسى ومرارة لفقدانه ولقد كان زعيمًا متفردًا بثاقب بصيرته ورجاحة عقله وبواسع حلمه وشجاعته في زمن أحوج ما تكون فيه الأمة إلى من يجمع كلمتها ويذود عن مصالحها ويحيي الأمل في مستقبلها فعمل لبناء وطنه والارتقاء بشعبه وبذل جهوده بلا حدود لخدمة قضايا أمته العربية والإسلامية".