محمد الخامري من صنعاء: علمت "إيلاف" من مصادر مقربة أن الرئيس علي عبدالله صالح أوعز عبر شخصية نافذة للتواصل مع الشخصية الوطنية محمد سالم باسندوه المقيم في العاصمة المصرية القاهرة وحثه على العودة إلى صنعاء بهدف تكليفه بتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد اعتذار عدد من الشخصيات الوطنية الذين وقع عليهم اختيار القيادة السياسية في صنعاء للعب دور بارز خلال المرحلة القادمة في حياة اليمن خصوصاً بعد القرار الذي اتخذه صالح وأعلنه يوم 17 يوليو الماضي بمناسبة مرور 27 عاماً على انتخابه رئيساً للبلاد والقاضي بعدم الترشيح للانتخابات الرئاسية القادمة المقررة في أيلول (سبتمبر) من العام القادم 2006م.
الجدير ذكره أن محمد سالم باسندوة المولود في مدينة عدن في 18يناير1935م ، والذي كان أحد الأعضاء القياديين في حزب الشعب الاشتراكي الذي تأسس في عدن 1962م ، ظل وعلى مدى 43 عاماً من الشخصيات السياسية البارزة في اليمن (شماله وجنوبه) حيث شارك في معظم الأحداث التي عرفتها البلاد إذ ساهم في شرح قضية الجنوب اليمني المحتل أمام الأمم المتحدة أربع مرات من خلال أربعة أعوام متتالية ، وكان أحد المساهمين في حرب تحرير الجنوب المحتل ومن أول ضحايا الصراع السياسي الذي شهده الشطر الجنوبي بين رفاق السلاح في الجبهة القومية (الحزب الاشتراكي فيما بعد) التي تسلمت السلطة من الحكومة البريطانية وجبهة التحرير ، التي استبعدت من جميع المواقع ، و دخل الطرفان في حرب أهلية أفضت إلى نزوح معظم قادة الأخيرة إلى الشمال و هو احدهم ، حيث انتقل العام 1965م للإقامة في صنعاء.
ومثلما كان فاعلاً ونشطاً في الجنوب فإنه لعب دوراً أساسياً في الشمال حيث تبوأ عددا من المناصب الرسمية وعاصر مختلف الرؤساء فكان وزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل والشباب عام 1974م ، فمستشارا سياسيا لرئيس مجلس القيادة عام 1975م ، ثم تقلد منصب وزير التنمية ورئيس الجهاز المركزي للتخطيط عام 76-78م ، ثم عين وزيرا للإعلام والثقافة أواخر 78م ، فعضو المجلس الاستشاري ومستشارا لرئيس الجمهورية 79-85م ، ثم مندوبا دائما للشطر الشمالي لدى الأمم المتحدة85-88م ، وبعد إعلان الجمهورية اليمنية في 22مايو1990 عين عضوا للمجلس الاستشاري وعضوا في مجلس النواب ، ثم وزيرا للخارجية في 30مايو 1993م ، فوزيرا للإعلام في 6 اكتو بر 94م ، ومن خلال تلك المناصب أقام علاقات واسعة على المستويين العربي والدولي ، وكان آخر منصب رسمي تقلده سفيرا لليمن في الإمارات العربية المتحدة.
وكان الرئيس علي عبدالله صالح قد منح الأسبوع قبل الماضي حكومة عبد القادر باجمّال الحالية فرصة وصفها بالأخيرة دون الإشارة إلى مدتها الزمنية لتحسين أدائها في تسيير أمور البلاد بعد أن كان الشعب اليمني يتهيأ لسماع التشكيل الوزاري المعدل الذي أثيرت حوله العديد من التكهنات والتشكيلات الحكومية التي تناقلتها المواقع الاليكترونية والصحف المحلية بعد عدول الرئيس صالح عن فكرة التغيير إلى فكرة التعديل في التشكيلة الحكومية الحالية وهي الفكرة التي لم تدم طويلاً بسبب ما يشاع عن اختلاف كبير في وجهات النظر بين الرئيس صالح و رئيس الوزراء عبد القادر باجمّال الذي ألح على اخذ إجازته السنوية في ظروف غير مناسبة وغادر اليمن ليقضيها في مدينة البندقية (فينيسيا) الإيطالية.
وكانت مصادر مطلعة قد أكدت لـ"إيلاف" في وقت سابق أن الرئيس علي عبدالله صالح أوعز إلى بعض الشخصيات السياسية المقربة منه باقتراح تعديل وزاري في الإنجازات التي حققها وزراء الحكومة الحالية التي يترأسها عبد القادر باجمّال والتي شكلت في 17ايار (مايو) من العام 2003 بالقرار الجمهوري رقم 105 لسنة 2003م ، وعلى ضوء التقارير التي استلمها مؤخراً من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الذي يتبع رئاسة الجمهورية والذي أصدر مؤخراً العديد من التقارير التي تؤكد أن الخزينة العامة للدولة تكبّدت خلال العام الماضي 2004م حوالي 2.5 مليار ريال وما يزيد عن مليون دولار بسبب 68 قضية فساد تركزت في وزارات النفط والمعادن ، والصحّة والسّكان ، والتعليم المهني والتقني ، والتعليم العالي ، والشباب والرياضة ، والإدارة المحلية ، والداخلية ، والتربية والتعليم ، والكهرباء ، والأشغال العامة ، والزراعة والري ، مؤكدة أن هذا التعديل يأتي بديلاً للتغيير الوزاري الذي لم يتم بسبب اعتذار اغلب الشخصيات المرشحة لمنصب رئيس الوزراء عن تولي المنصب للمرحلة القادمة التي يصفها البعض بالحرجة في ضوء المتغيرات الدولية والمحلية ، خصوصاً منذ إعلان الرئيس علي عبدالله صالح عدم ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة المقرر إجراؤها في أيلول (سبتمبر) من العام القادم.
وأضافت المصادر التي تحدثت لـ"إيلاف" أن التعديل الوزاري الذي كان من المتوقع الإعلان عنه خلال الأيام القليلة الماضية سيشمل معظم تلك الوزارات وسيعمل على اختيار كوادر مؤهلة وشابة من الذين اثبتوا كفاءتهم في المهام التي أوكلت إليهم خلال الفترة السابقة والذين تم تعيينهم في مناصب وكلاء ووكلاء مساعدين لبعض الوزارات والمصالح الحكومية ومدراء عموم ، مؤكدين استبعاد عدد كبير من وزراء تلك الوزارات وإحالة جزء كبير منهم إلى مجلس الشورى وبعض السفارات اليمنية في الخارج.
كما أكدت المصادر انه تم مؤخرا سحب بعض الصلاحيات من بعض الوزراء في الحكومة الحالية تمهيداً لإحالتهم إلى جهات خاصة لمساءلتهم حول العديد من الأخطاء التي ارتكبوها أثناء فترة توليهم الوزارة ، ومن ثم إقالتهم وإحالتهم للتقاعد دون تعيينهم في مناصب أخرى كما جرت العادة في التعامل مع الوزراء الذين يتركون الوزارة بحيث يتم تعيينهم كمحافظين أو سفراء أو يتم تعيينهم كأعضاء في مجلس الشورى.
وكانت المصادر قد قالت انه أصبح في حكم المؤكد تغيير رئيس الوزراء الحالي عبد القادر باجمّال الذي وصفته برجل المرحلة التي انقضت وهي مرحلة الجرع والإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة منذ العام 1995م وحتى بداية العام الحالي عندما اقر مجلس النواب الموازنة العام للدولة لهذا العام 2005م والتي تتضمن في طياتها جرعة كبيرة من الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة الحالية بتوجيهات من صندوق النقد والبنك الدوليين وذلك برفع الدعم الكلي عن المشتقات النفطية ، الأمر الذي من شأنه رفع تسعيرة البترول والديزل والغاز على المواطن اليمني إلى مستويات مرتفعة مقارنة بدخل الفرد ، والذي سيتبعه رفع أسعار جميع السلع والبضائع الاستهلاكية المعروضة في الأسواق اليمنية ، مشيرة إلى أنه سيخلف الدكتور عبد الكريم الارياني في الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) الذي يعاني من تدهور في صحته أعاقته عن القيام بمهامه مؤخرا وجعلته يكلف الأمين العام المساعد صادق أمين أبو راس بالقيام بمهامه كأمين عام للحزب الحاكم الذي يترأسه الرئيس صالح شخصياً.
ونوهت تلك المصادر إلى أن خطوة التعديل الحكومي ماهي إلا حلقة واحدة وإجراء واحد ضمن الإجراءات التي يستعد الرئيس علي عبدالله صالح لعملها خلال الفترة القادمة ضمن خطوات تصحيحية تشمل العديد من المرافق والشخصيات المدنية والعسكرية ، وبما يتناسب والوضع القادم لليمن وبما يواكب المرحلة القادمة في ظل العولمة والنظام العالمي الجديد ، مشيرين إلى أن الرئيس صالح قد اتخذ العديد من التدابير والإجراءات الهامة التي من شأنها إصلاح الاختلالات الحاصلة في الهيكلين المالي والإداري ، والقضاء على الفساد والمحسوبية وكل الأخطاء الموجودة في الجهازين المدني والعسكري وعلى مستوى الشخصيات التي وصفها بـ(الكبيرة وذات النفوذ) ، ولم يتبق إلا الإعلان عنها ووضعها في مرحلة التنفيذ التي قال أنها ستكون خلال الفترة القليلة القادمة.