بيروت: بعد مضي نحو 200 يوم على اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، اصدر قاضي التحقيق العدلي القاضي الياس عيد مذكرات توقيف وجاهية بحق اربعة من كبار القادة الامنيين اللبنانيين الموالين لسورية والمقربين من رئاسة الجمهورية، ما ينذر بانعكاسات سياسية قد تطاول رئيس الجمهورية نفسه.
وتتزامن هذه التطورات مع الذكرى الاولى لموافقة المجلس النيابي في الثالث من ايلول(سبتمبر) 2004 وتحت ضغوط دمشق على تمديد ولاية رئيس الجمهورية اميل لحود لمدة ثلاث سنوات، رغم قرار مجلس الامن 1559 الذي اعلن قبل يوم واحد "تأييده لعملية انتخابية حرة ونزيهة في الانتخابات الرئاسية المقبلة تجري وفقا لقواعد الدستور اللبناني الموضوعة من غير تدخل او نفوذ اجنبيين".
واصدر مساء اليوم السبت القاضي عيد مذكرات توقيف وجاهية بحق القادة الامنيين الاربعة الموالين لسورية الموقوفين كمشتبه بهم في قضية اغتيال الحريري، على ما اعلنت وكالة الانباء الوطنية اللبنانية الرسمية.
ونقلت الوكالة ان قاضي التحقيق العدلي القاضي الياس عيد اصدر "مذكرات توقيف وجاهية بحق الموقوفين الاربعة: قائد لواء الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان، المدير السابق للاستخبارات في الجيش العميد ريمون عازار، المدير العام السابق للامن العام اللواء الركن جميل السيد والمدير العام السابق لقوى الامن الداخلي اللواء علي الحاج، وذلك سندا لمواد الادعاء".
وصدرت مذكرات التوقيف بحقهم في اطار تهم عدة هي "جرم القتل عمدا، محاولة القتل عمدا، اعمال ارهابية، حيازة اسلحة ومتفجرات، وذلك استنادا الى مواد ادعاء النيابة العامة التمييزية".
وتصل عقوبة بعض هذه التهم الى الاعدام حسب القوانين اللبنانية.
وسط هذه التطورات غادر صباح اليوم السبت رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري القاضي ديتليف ميليس بيروت متوجها الى نيويورك عن طريق باريس لاطلاع الامين العام للامم المتحدة كوفي انان على نتائج تحقيقاته كما ذكرت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية.
وكان ميليس قد كشف الخميس بعضا مما توصل اليه موضحا في مؤتمر صحافي انه طلب من القضاء اللبناني ابقاء المسؤولين الامنيين قيد التوقيف الدائم كونهم "مشتبها بهم لانهم شاركوا الى حد ما في التخطيط الذي ادى الى الاغتيال" بناء على ادلة مادية وليس فقط افادات شهود.
وبعد اطلاعها على ملف ميليس سارعت النيابة العامة في لبنان الى الادعاء عليهم، وبدأ قاضي التحقيق العدلي الياس عيد الجمعة استجوابهم بعد ان اقتيدوا مكبلي الايدي وبثياب مدنية من مكان توقيفهم في مقر قوى الامن الداخلي الى قصر العدل.
وصدرت مذكرات التوقيف هذه في نهاية مهلة الاحتجاز الاحتياطي التي انتهت مساء اليوم.
كما تم استدعاء النائب السابق ناصر قنديل المقرب من سورية الذي استمعت اليه اللجنة واخلي سبيله مع حجز جواز سفره لانه ما زال "مشتبها به".
وقد سارعت القوى المعارضة للحود الى مطالبة الاخير بالاستقالة.
وراى النائب وليد عيدو عضو الكتلة النيابية التي يترأسها سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، ان "التغيرات الحاصلة لا بد ان تستكمل باسقاط كل النظام الامني السابق وبرموزه كافة ليس العسكرية فقط وانما السياسية" مطالبا "بانهاء احتلال قصر بعبدا بعد ان تم اغتصابه في 3 ايلول(سبتمبر) 2004 بتخطيط المتهمين انفسهم".
من ناحيته اعتبر النائب فؤاد السعد، عضو كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، ان الكرة اصبحت في ملعب رئيس الجمهورية لافتا الى "ترتيب مسؤولية سياسية عليه بالنسبة الى تورط قادة الاجهزة الامنية الموقوفين، وهم اقرب المقربين اليه ومعاونوه المباشرون وبوساطتهم حكم لبنان".
من جهة ثانية اعلن فيصل المقداد مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة ان الحكومة السورية "وجهت دعوة" الى ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري لزيارة سورية يومي الاثنين او الثلاثاء المقبلين.
وترغب لجنة التحقيق الدولية في الاستماع الى الرئيس السابق لاجهزة الاستخبارات السورية في لبنان رستم غزالة واثنين كانا من ابرز معاونيه في بيروت محمد مخلوف وجمعة جمعة.
واعلن مقداد في حديث مساء اليوم السبت مع قناة العربية ان زيارة ميليس "ستثبت ان سورية ستتعاون في التحقيق من دون تحفظ لان لها مصلحة باستكماله واثبات ان سورية لا علاقة لها بهذه القضية على الاطلاق".
وبعد ان اعرب عن الامل "في ان يكون التحقيق مستقلا وان يبتعد عن التسييس" اعلن ان بامكان ميليس البقاء في سورية "الوقت الكافي لاجراء هذه التحقيقات".
صحيفة +النهار+ اللبنانية رأت "ان رحيل لحود بات محسوما وان الاختلاف هو على التوقيت".
وتوقعت ان يشهد لبنان "فصلا جديدا من فصول التجاذب السياسي والصراع الشديد بين المطالبين باستقالة لحود واستخدام كل الوسائل المشروعة لحمله على التنحي وبين المطالبين ببقائه في منصبه حتى جلاء الحقيقة وصدور حكم القضاء اذ لا يجوز اعتبار المشتبه بهم مدانين بموجب تقرير اللجنة النهائي انما بموجب حكم يصدر عن المحكمة".
ورات +السفير+ "ان لحود مستمر في خطوات معاكسة لهذا الاتجاه مثل اعلان انه يحضر رحلته الى نيويورك (الجمعية العمومية) وانه ماض في ولايته الى نهايتها".
يشار الى ان مهام رئاسة لواء الحرس الجمهوري يؤمنها حاليا، وفق العادة، مساعد حمدان العميد الركن خليل مسن. مع الاشارة الى ان تعيين قائد جديد للواء يتطلب اصدار مرسوم.
ونقلت +النهار+ عن مصادر سياسية قريبة من قصر بعبدا "ان الاجواء التي يشيعها اطراف سياسيون عن تغيرات قريبة داخليا تعكس تمنيات هؤلاء اكثر منها حقائق".
واعتبرت المصادر نفسها "ان كل طرح يربط استمرار رئيس الجمهورية في منصبه بنتائج التحقيقات الجارية في الجريمة هو كلام سياسي لا اساس دستوريا له".
وكتبت +الحياة+ "مثلما بدا لبنان عند اغتيال الحريري في 14 شباط(فبراير) غيره في 13 شباط(فبراير) بدا لبنان الجمعة عند اقتياد قادة الاجهزة الامنية مكبلين الى قاضي التحقيق مختلفا عما كان عليه".

دمشق تتفق مع ميليس على زيارتها في العاشر من الشهر

وصرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية لوكالة فرانس برس مساء السبت بانه تم الاتفاق مع رئيس لجنة التحقيق الدولية المكلف التحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري على العاشر من ايلول(سبتمبر) الجاري موعدا لقدومه الى دمشق.
وقال المصدر نفسه الذي طلب عدم ذكر اسمه ان ميليس ابلغ دمشق بانه "لا يستطيع ان ياتي قبل التاسع من ايلول(سبتمبر) لذلك تم تحديد موعد العاشر من ايلول(سبتمبر) موعدا لقدومه الى دمشق".