قدم رواية مضادة لرواية الصديق عن اغتيال الحريري
"إيلاف" تكشف مهمة آصف شوكت في باريس

إيلاف من باريس: ماذا يفعل اللواء آصف شوكت رئيس شعبة المخابرات العسكرية السورية في باريس؟ مصادر ثقة في العاصمة الفرنسية أكدت ل"إيلاف" أن الغاية من زيارة الضابط السوري الكبير هي تقديم معلومات إلى الدوائر الفرنسية المعنية مضادة للمعلومات التي قدمها الرائد السوري المنشق زهير محمد سعيد الصديق إلى لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري، والتي تورط مسؤولين كبارا في النظام السوري في جريمة اتخذت أبعاداً دولية لم تكن لتخطر ببال .

وأضافت مصادر "إيلاف" أن شوكت طلب من مسؤولين فرنسيين التقاهم السعي إلى الحؤول دون تسييس التحقيق الدولي في القضية بطريقة تشتم منها الرغبة في الاقتصاص من النظام السوري بسبب مواقفه من قضايا أخرى، كما نبه إلى احتمال أن تكون غاية الإدارة الأميركية ضرب النظام بسوريا، محذراً من أخطار اعتماد هذا التوجه على مستوى يتجاوز النطاق السوري.ولمحت المصادر نفسها إلى أن شوكت أراد أن يعرف ماذا يفعل في باريس نائب رئيس الجمهورية السورية السابق عبد الحليم خدام، وكذلك رئيس الأركان السوري السابق العماد أول حكمت الشهابي.

لكن ثمة رؤية أخرى لزيارة شوكت قدمها "المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية"، إذ نشر في موقعه الإخباري الذي يحمل اسم "الحقيقة "، ويترأس تحريره الصحافي نزار نيوف، أن صهر الأسد الذي يصطحب زوجته الدكتورة بشرى وأولادهما يزور باريس بدعوة من جهة فرنسية رسمية لم يتسن تحديدها، وأكد عن مصدر فرنسي ارتباط الزيارة بالتحقيق الدولي في جريمة اغتيال وتداعياتها على الساحة السورية ، لكنه أضاف أنها ترتبط كذلك باجتماع " ترويكا " تحدثت عنه نشرة " الحقيقة " قبل أيام، وضم كلا من زعيم "تيار المستقبل" اللبناني النائب سعد الحريري وخدام والشهابي " .

وأشارت النشرة الإلكترونية إلى أن اللواء شوكت هو أحد المدرجين في قائمة المحقق الدولي ديتليف ميليس التي قدمها إلى السلطات السورية خلال زيارته إلى دمشق الاثنين الماضي.أماعلى الصعيد الرسمي فقد أعلن مصدر ديبلوماسي سوري في باريس لوكالة "فرانس برس" أن اللواء شوكت قام بـ"زيارة خاصة وقصيرة الى باريس وهو على وشك العودة الى دمشق". ولم يشأ المصدر ذكر اسمه ولا تحديد تاريخ وصول المسؤول السوري الى باريس.

ورداً على سؤال عن سبب وجود شوكت في باريس، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية دوني سيمونو إن الوزارة لا تملك "معلومات خاصة" عن هذا الموضوع. وأضاف: "في شكل عام، نحن لا نعلق على الزيارات الخاصة التي تقوم بها شخصيات أجنبية من أينما أتت".
جدير بالذكر أن الرئيس السوري بشار الأسد عينه صهره رئيساً لشعبة المخابرات العسكرية بالتكليف في 14 شباط /فبراير الماضي، أي يوم اغتيال الحريري، خلفاً للواء حسن خليل الذي كان يشغل هذا المنصب منذ نهاية التسعينات وبلغ سن التقاعد. وتم تثبيت شوكت في منصبه في حزيران (يونيو) الماضي.

عن زيارة ميليس لدمشق

ولا تزال المعلومات التي يصعب التأكد من دقتها تتوالى في هذا الوقت عن زيارة ميليس إلى دمشق واجتماعه نحو أربع ساعات مع المستشار القانوني لوزارة الخارجية السوريين رياض الداوودي وبعض المسؤولين الأمنيين الذين تضاربت مواقفهم حيال بعض النقاط بحسب ما ذكرت جريدة "النهار" البيروتية الثلثاء الماضي.

وبعدما حرصت وكالة الأنباء الرسمية " سانا " على تأكيد أن المباحثات بين الداوودي وميليس أسفرت عن اتفاق على " اجراءات الاستماع الى الشهود السوريين وترتيباته " ، نقل موقع "الحقيقة" عن مصادر دبلوماسية غربية في دمشق أن " ميليس أخفق في إقناع السوريين بتوقيع اتفاق يحدد إجراءات الاستماع إلى الشخصيات السورية التي يرغب في استجوابها ،إذ أصر الجانب السوري على أن يكون الاتفاق شفويا ، أو ما يعرف باتفاق جنتلمان ". وعزت المصادر سبب الفشل إلى خلاف نشب بين ضباط المخابرات السوريين الذين كانوا يقودون ويوجهون محادثات الداوودي من غرفة مجاورة للغرفة التي اجتمع فيها مع ميليس . وأشارت إلى أن رئيس لجنة التحقيق الدولية "رفض طلبا سوريا تقدم به الداووي بحضور قضاة و / أو محامين عرب من مصر أو السعودية جلسات الاستجواب التي سيجريها مع المسؤولين السوريين العسكريين والمدنيين " . ونسبت النشرة إلى مصدر غربي في بيروت تأكيده هذه المعلومات ، وإشارته إلى أن الزيارة المقبلة التي اتفق ميليس مع المستشار الداوودي على القيام بها إلى دمشق "ستكون لاستكمال المحادثات حول الآليات الإجرائية ، مما يعني أن استجواب المسؤولين السوريين المعنيين قد يتأخر بضعة أيام أخرى " . إلا أن المصدر رجح الوصول إلى اتفاق حول الآليات الإجرائية عبر اتصالات غير مباشرة خلال اليومين المقبلين . ونقلت " الحقيقة " عن مصادر قريبة من لجنة التحقيق الدولية في بيروت أن ميليس قدم " قائمة غير مكتملة بالضباط والمسؤولين المدنيين السوريين الذين ينوي استجوابهم ، وحرص على الإشارة إلى أنها قائمة غير نهائية لاعتقاده بأن التحقيقات التي سيجريها ستؤدي إلى زيادة عدد الأسماء التي تضمنتها ".

ضباط سوريون يطلب ميليس مقابلتهم

وطبقا لمصدر سوري "شبه رسمي" اتصل بـ " الحقيقة " عبر البريد الإلكتروني ، ضمت القائمة التي سلمها ميليس لرياض الداوودي كلا من :
1ـ محمد سعيد بخيتان ، الأمين القطري المساعد لحزب " البعث" بصفته رئيسا لمكتب الأمن القومي في سورية وقت حدوث جريمة اغتيال الحريري .
2ـ اللواء هشام الاختيار ( بختيار) رئيس مكتب الأمن القومي حاليا ، ومدير إدارة المخابرات العامة وقت حدوث الجريمة . وكانت " الحقيقة " قد تحدثت في وقت سابق عن وجود اسمه على اللائحة .
3 ـ اللواء آصف شوكت رئيس شعبة المخابرات العسكرية.
4 ـ اللواء حسن خليل ، رئيس شعبة المخابرات العسكرية السابق ، الذي أحيل على التقاعد بقوة " قانون خدمة الضباط " أواسط شباط / فيراير الماضي .
5 ـ اللواء غازي كنعان ، وزير الداخلية والرئيس السابق لجهاز المخابرات العسكرية السورية في لبنان .
6 ـ العميد رستم الغزالي ، آخر رئيس لجهاز المخابرات العسكرية السورية في لبنان .
7 ـ العميد جامع جامع ـ فرع بيروت .
8 ـ العميد محمد خلوف ـ فرع بيروت .
9 ـ المقدم عبد الكريم عباس الذي كانت نشرة " الحقيقة " ذكرت قبل يومين أشارت أن " شقة معوض " في الضاحية الجنوبية من بيروت ، المشتبه بأنها كانت " غرفة عمليات التخطيط للجريمة " ، استؤجرت باسمه.
10 ـ المقدم ناظم يوسف ، ضابط متخصص في الاتصالات الإلكترونية ، وشريك عباس في " الغرفة المشبوهة " .
11 ـ العقيد سليمان شبلاق ، المسؤول السوري السابق عن مطار بيروت .
12 ـ العقيد فريد الحكيم ( مسؤول سابق عن جهاز الأمن السوري في منطقة الحمرا في بيروت ، ويتعلق التحقيق معه بطبيعة العلاقة التي تربطه بالجهاز الأمني للحزب السوري القومي الاجتماعي في عين المريسة التي وقعت فيها الجريمة ، والمسؤوليات الأمنية التي كان ينيطها بجهاز الأمن في الحزب المذكور ) .
13 ـ اللواء بهجت سليمان : رئيس الفرع 251 في المخابرات العامة إلى حين عزله من هذا المنصب أخيراً . ويتمحور التحقيق على حول قضية أحمد أبو عدس الذي ظهر في شريط " الجزيرة " وادعى مسؤوليته ومسؤولية التنظيم الأصولي الذي ينتمي إليه عن تنفيذ الجريمة . وكان " المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية " قد ذكر في مطلع آذار / مارس الماضي أن " أبو عدس " كان معتقلا لدى بهجت سليمان بتاريخ 6 شباط / فبراير الماضي ، ومن المعتقد أنه سلمه في تلك الليلة إلى جهاز أمن الحرس الجمهوري.
14 ـ ضباط الحرس الجمهوري : للتحقيق معهم في القضية " أبو عدس " . وليس معروفا حتى الآن عدد هؤلاء الضباط . ففيما ذكر مصدر ل "الحقيقة" إن قائمة هؤلاء تضم أربعة ( ماهر الأسد ، العميد مناف طلاس ، العميد محمد سليمان ، العميد بشير قره فلاح ) ، أشارت إلى معلومات أخرى مفادها أن التحقيق مع ماهر الأسد لا يزال أحد أوجه الخلاف بين ميليس والسلطات السورية .
15 ـ اللواء مدير إدارة التسليح : وموضوع التحقيق معه يتعلق بتقرير نشره
"المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية " في 3 آذار / مارس الماضي عن اختفاء ما يزيد على طن من المتفجرات من أحد مستودعات السلاح السورية في البقاع اللبناني العام الماضي .
16 ـ " العقيد " جهاد الصافتلي : ويدور حول هذا الاسم لغط كبير . ففيما تؤكد السلطات السورية أنه توفي في حادث سيارة منذ سنوات ، أشارت أوساط لجنة التحقيق الدولية إلى أنها تملك مستندات تثبت أنه لم يزل حيا ، وأنه " متوفى على الورق " فحسب ، وأن عملية " تمويته الصورية مع ضباط آخرين " كانت بهدف قطع الخيوط المتعلقة باغتيال رئيس الجمهورية اللبنانية السابق رينه معوض عام 1989 ، بالنظر إلى أنه ، وفق المعطيات المتوافرة ، هو من قاد تنفيذ جريمة اغتياله.

رؤية دبلوماسية من دمشق

ومن العاصمة السورية، نقلت وكالة "فرانس برس" عن دبلوماسيين يتمركزون في دمشق قولهم ان "الوضع السياسي متوتر للغاية، والشائعات تعزز التوتر"، خصوصا في ضوء الاسئلة الصعبة التي تواجهها دمشق في اطار التحقيق باغتيال الرئيس الحريري.

وقال أحد الدبلوماسيين للوكالة طالباً عدم الكشف عن اسمه: "تضاف الى التوتر والشائعات هفوات ترتكب في إدارة الملفات التي تهم الأسرة الدولية، إن لم تكن هذه الهفوات سوء نية من السلطات" السورية. وأضاف: "الواقع هو أنه حتى لو كانت دمشق محقة في بعض المسائل، إلا أنها تتصرف في شكل غير مناسب". وتضاف الى هذه العزلة الآفاق الاقتصادية غير المشرقة. وقال رجل أعمال ثري يدعى حسن حسن إنه "منذ 30 عاماً، لم نعرف أوضاعاً أسوأ من اليوم".

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قالت في مقابلة مع محطة "سي بي اس" إن "على سوريا أن تشرح كيف يمكن ضباطاَ أمنيين لبنانيين رفيعي المستوى ولهم علاقات وثيقة بالأجهزة الأمنية السورية أن يصبحوا متورطين في اغتيال الرئيس الحريري". وكانت رايس تشير الى مهمة ميليس الذي حضر الى سوريا الاثنين للتحضير لجلسة الاستماع الى "شهود" سوريين. الى ذلك، أكد الأسد أمس أن سوريا كانت ولا تزال متمسكة بحقوقها والحقوق العربية المستندة الى قرارات الشرعية الدولية وسعيها الى السلام العادل والشامل في المنطقة.

جاء ذلك خلال استقباله أمس أعضاء المكتب التنفيذي الجديد لاتحاد الكتاب العرب السوريين برئاسة رئيس الاتحاد حسين جمعة. وتطرق الحديث خلال اللقاء الى الأوضاع في المنطقة وبخاصة في العراق وفلسطين والتهديدات ضد سوريا. واعتبرت اذاعة دمشق أن "التصعيد الأميركي غير المبرر ضد دمشق يأتي مع عمق المأزق الأميركي في العراق وهبوط شعبية الرئيس الأميركي جورج بوش الى أدنى مستوياتها بعد اكتشاف السياسة الأميركية بعد اعصار كاترينا والفشل الذريع الذي أصاب هذه الإدارة في إدارة أزمة داخلية بينما تقدم نفسها على أنها راعية لحقوق الإنسان والديموقراطية".

وانتقدت الاذاعة في تعليقها السياسي "الاتهامات الباطلة التي وجهها الرئيس الأميركي بوش الى سوريا وادعاء بوش أن سوريا لا تتعاون مع الحكومة العراقية في ما يتعلق بالأمن والاستقرار".

وذكرت صحيفة "تشرين" السورية بما اسمته "فبركة الأكاذيب" الأميركية حول أسلحة الدمار الشامل في العراق، محذرة من تكرار التجربة مع سوريا.

وكتبت الصحيفة أنه "لم يعد لدى الإدارة الأميركية من هم يؤرقها وخطر يتهددها إلا سوريا لذا جندت كل فريقها السياسي والديبلوماسي والإعلامي لشن حرب ضروس ضد دمشق". وتابعت أن "السفير الأميركي في بغداد (زلماي خليل زاد) لم يقدم أي دليل ملموس على الاتهامات الخطيرة (التي وجهها الى سوريا) لسبب بسيط هو أنه فعلاً لا يملك أي دليل، اللهم إلا إذا لجأت إدارة بوش الى أسلوبها المحبب في فبركة الأكاذيب وترتيب الأدلة المصورة عبر الأقمار الصناعية والمعالجة على الفوتوشوب".