إيلاف من نبيل شرف الدين: للمرة الأولى منذ العام 1969 شهدت أفغانستان اليوم الأحد انتخابات برلمانية يحق لنحو 5,12 مليون أفغاني التصويت بها لانتخاب الجمعية الوطنية (البرلمان) الجديدة، حيث أغلقت صناديق الاقتراع بعد الإدلاء الناخبين بأصواتهم في 26 ألف مركز اقتراع موزعة على 34 ولاية، وتجرى المنافسة في هذه الانتخابات بين نحو 5800 مرشحاً من كافة ألوان الطيف السياسي، من بينهم 750 سيدة يتم بموجبه اختيار أعضاء البرلمان (249 عضوا) و34 مجلسا إقليميا (مجلس عن كل ولاية) مكلفة بتعيين عدد من أعضاء مجلس الشيوخ .

ووفقاً لتقارير صحافية عبر عدة مواقع باكستانية على شبكة الإنترنت فإن عملية الانتخابات مضت بهدوء وبكثافة متفاوتة بين المدن الرئيسية والعاصمة الأفغانية والمناطق الاقليمية الأخرى، مشيرة إلى أن أعلى كثافة انتخابية تتركز في معظم المراكز الانتخابية في العاصمة الأفغانية كابول على الرغم من اصابة شخص واحد على الاقل بجراح بعد قصف مقر الامم المتحدة في المدينة، بينما قلت الكثافة نسبياً في بقية مراكز العاصمة ثم المدن الرئيسية الكبرى، ووصلت إلى درجات متدنية في المراكز الاقليمية وخاصة مناطق الشرق والجنوب . ومضت التقارير الباكستانيه قائلة إنه رغم أن الجداول الانتخابية تشمل نحو 5 ر12 مليون ناخب، لكن نسبة المشاركة ربما تكون أقل من هذا العدد بكثير لافتة إلى أن الناخبين توجهوا الى المراكز الانتخابية صباح اليوم للمفاضلة بين 5800 مرشح لشغل 249 مقعدا في البرلمان الاتحادي و34 مقعدا في المجالس الاقليمية" المختلفة .

الطيب والشرير

وتشكل الانتخابات اليوم مظهراً نادراً للديمقراطية في أفغانستان التي تأتي بعد عام واحد من فوز حميد كرزاي في الانتخابات الرئاسية التي جرت بعد أكثر من ثلاثين عاماً على آخر اقتراع تشريعي في البلاد . ومازال الوضع السياسي داخل البلاد شائكاً، ووضعت على كفة ميزان الاستقرار السياسي حزمة من مشكلات أفغانستان التقليدية، ويتصدرها الصراع بين التكنوقراط الذين يدعون إلى دولة علمانية وإجراء إصلاحات ديمقراطية من جهة، وبين القادة الميدانيين الكثيرين الذين لا يريدون منح الدولة امتيازاتهم كقادة "للجهاد" وأمراء محليين من جهة أخرى، والمشكلة الثانية هي الصراع على السلطة بين الأقليات القومية التي تقطن المحافظات الشمالية في أفغانستان كالطاجيك والاوزبك وغيرهم، وبين البوشتو الذين يرون أنفسهم العرق الأبرز والمتنفذ تقليدياً في تاريخ الدولة الأفغانية عبر عدة قرون .

من جانبه قال الرئيس الأفغاني حميد كرزاي في حديث لصحيفة (لوموند) الفرنسية اليوم الأحد بمناسبة الانتخابات التشريعية التي شهدتها أفغانستان اليوم أصبح لأفغانستان دستور، مؤكداً أن هناك إقبالاً كبيراً على التسجيل في القوائم الانتخابية، وإسهاما واسعا للمرأة في كل مظاهر الحياة السياسية والعامة .
وتوقع الرئيس الأفغاني نسبة اقبال كبيرة على التصويت في انتخابات اليوم خاصة في اقليم "باكيتا" المتاخم لباكستان الذي يعاني مما وصفه بشرور الارهاب مشيرا الى أن الاقليم يضم عددا ضخما من الناخبين المسجلين بينهم عدد كبير من النساء، موضحاً أن نسبة مشاركة المرأة الأفغانية في الانتخابات الاخيرة وصلت إلى 42 % , وأن هناك أكثر من 600 امرأة ضمن المرشحين في انتخابات اليوم .

وفي معرض تعليقه على وجود أمراء حرب سابقين ووزراء ورجال من حركة "طالبان" كمرشحين في الانتخابات, قال كرزاي "إنه لا يمكن الفصل بين الطيب والشرير من المرشحين وإن القادة وامراء الحرب السابقين حملوا السلاح لكنهم لم يرتكبوا جرائم في حق الانسانية, ومنهم من سلم السلاح, وأن الحكومة لاتفرز المرشحين لتحدد الصالح منهم والطالح فهذه كانت مهمة اللجنة الانتخابية، وعندما يقول الشعب كلمته فليس للحكومة أن تعترض وانما عليها ان تحترم اختيار الشعب"، على حد تعبير كرزاي .

واختتم الرئيس الأفغاني قائلاً إن "أفغانستان كانت عليلة وعاجزة ودامية", مشيرا الى أنه "كان على الحكومة الأفغانية بداية أن تعالج البلاد وتعيد اليها زخمها من خلال بناء المدارس والمنازل وتوفير الطعام وشق الطرق، وقال بعد أن ننتهى من كل ذلك سوف نتطلع الى مانصبو اليه من قيم معنوية نحتفظ بها بداخلنا الى الآن وأهمها بالطبع العدل"، على حد تعبيره .