تركيز في الشارع السوري على تسييس التحقيق الدولي
دمشق تستقبل ميليس ثانية اليوم بالتكتم والصمت

ميليس مع مستشار وزير الخارجية السوري رياض الداوود أ ف ب

إيلاف من بيروت وبهية مارديني من دمشق: أعلنت سورية اليوم ان زيارة رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق "رفيق الحريري "قد تستمر حتى نهاية الاسبوع الجاري " بعكس ما كان اعلن سابقا عن انه سيعود في نفس اليوم ليكمل فريقه المهمة . وقالت وكالة الانباء السورية التي تستقي معلوماتها في العادة من مصادر رسمية موثوقة ان ميليس سيلتقي عددا من الاشخاص السوريين بصفة شهود في اطار المهمة الموكلة اليه.

وكانتإيلاف علمتانميليس وصل الى دمشق دون اعلان رسمي عن الوصول حتى الان للاستماع الى عدد من القادة الامنيين السوريين الذي خدموا في لبنان ابان فترة الوجود العسكري السوري الذي استمر هناك لثلاثين عاما .

ومن المرجح ان يلتقي "ميليس "ثمانية مسؤولين سوريين هم " وزير الداخلية الحالي والرئيس السابق للمخابرات العسكرية السورية في لبنان اللواء غازي كنعان والعميد رستم غزالة الذي خلفه وضابطي مخابرات خدما في لبنان هما محمد خلوف وجامع جامع .كما يتوقع بحسب المعلومات التي تسربت ان يستمع ميليس الى شهادة اربعة مسؤولين سوريين هم حسن خليل الرئيس السابق لشعبة المخابرات العسكرية ورئيسها الحالي "آصف شوكت""وبهجت سليمان "رئيس جهاز الامن الداخلي السابق" وهشام الاختيار"رئيس مكتب الامن القومي الحالي السوري ".

واستبقت دمشق وصول ميليس بالتأكيد على انها ستتعاون مع لجنة التحقيق الدولية حيث عنونت صحيفة تشرين الحكومية في صفحتها الاولى "ان الحقيقة مصلحة سورية والطريق اليها يمر عبر القانون الدولي والقرائن والادلة" ، ولم تنس الصحيفة الاشارة الى ان ما تسرب "من ضجيج اعلامي غير مسبوق وتسريبات غير مفيدة او غير مثمرة ".

وبالتأكيد تجد سورية نفسها في وضع جيوسياسي صعب جدا وسط رغبة اميركية في شن حملة دولة ضد سورية "لعزلها "بحجة انها خارج السياق الذي يتطور فيه الشرق الاوسط ".

ويرى مراقبون انه مهما كانت النتائج التي سيتوصل اليها ميليس سواء عبر تحقيقاته في سورية او في لبنان وخارجه فان الاذى قد لحق بسورية من جراء الحملة الاعلامية التي تبدو منظمة ضد النظام السوري الذي يبدو اليوم يلعب لعبة الوقت وكسبه انتظارا لظروف مواتية تهب فيها رياحه فيغتنمها كالعادة ".

صحيح ان الظروف هذه الايام تختلف عن ظروف الماضي ولكن كثيرون يصرون على ان الاجماع الدولي الذي بدأ يتبلور حول لبنان ماهو الا مظهر من مظاهر المجاملة الدولية التي لن تلبث ان تفترق عندما تحين ساعة المصالح ..
اما الحقيقة فرهن بمصلحة من ستخدم فاذا كانت تصب في مصلحة واشنطن فالبتأكيد سينال المذنب عقابا شديدا واذا لم تكن كذلك فربما تكون دعوات ضبط النفس والتحلي بالحكمة وفتح صفحة جديدة اهم ما سينتج عن تقرير ميليس في النهاية ".

وأجمعت الأنباء الواردة من دمشق إلى بيروت على أن المسؤولين السوريين يلتزمون الصمت المطبق في كل ما يتعلق بميليس ومهمته، بحيث تتعذر من سيقابل بالضبط من المسؤولين، وإلى أي مستوى يمكن أن تصل تحقيقاته، وماذا يحتمل أن يحصل إذا قرر أن يحوّل الشهود الذين سيأخذ إفاداتهم إلى مشبوهين في القضية، وأين سيلتقيهم.

ويلاحظ في الوقت نفسه أن ثمة تركيزاً بطرق متعددة في سورية شعبياً وفي الكواليس على أن مهمة ميليس مسيسة، والغاية منها فرض شروط أميركيةعلى دمشق لتقدم تنازلات على مستويي العراق والصراع مع إسرائيل، وإلا السعي إلى إطاحة نظامها في حال أصر على موقفه المعاند. وتشبه أوساط سورية كثيرة مهمة ميليس بمهمات لجان التفتيش عن الأسلحة المحظورة في العراق تمهيداَ لاجتياحه، علمأ أنه تبين لاحقاً أن تلك الأسلحة لم يكن لها وجود.

وتشير اوساط دبلوماسية في بيروت الى ان هناك اتصالات دولية واقليمية حساسة جدا تتعلق بالتحقيقات التي تجريها اللجنة الدولية وانعكاساتها السياسية التي يحتمل جداَ أن تطاول دمشق في العمق.

رد جنبلاط
على صعيد آخر رد الحزب التقدمي الاشتراكي على الاتهامات التي اوردتها مجلة "الاقتصادية" السورية لرئيسه النائب وليد جنبلاط. وقال في بيان: "طالعتنا احدى الصحف السورية بهجوم على رئيس الحزب وليد جنبلاط، متهمة اياه بأنه اول من خان سورية، ولعله من المفيد التذكير ببعض المواقف والمحطات السياسية علها تصوب حملة مشوشة تهدف الى تعطيل اي محاولة لتصحيح العلاقات اللبنانية - السورية.

كيف يكون وليد جنبلاط اول من خان سورية وهو الذي ذهب الى دمشق والتقى الرئيس حافظ الاسد بعد اربعين يوما على اغتيال كمال جنبلاط، معلنا خيار العروبة الاستراتيجي، ومؤكدا على تاريخية العلاقات بين لبنان وسورية وفتحه مع دمشق صفحة جديدة؟! وكيف يكون جنبلاط اول من خان سورية وهو الذي وقف الى جانبها عند الاجتياح الاسرائيلي سنة 1982، ولعب دورا اساسيا على كل الجبهات، وخصوصا جبهة سوق الغرب، وخاض معارك سياسية وعسكرية كبرى لإسقاط اتفاق 17 مايو والحيلولة دون انضمام لبنان الى المنظومة الاسرائيلية الاميركية والحفاظ على هويته العربية؟".

عزم سوري
من جانب آخر، أكدت صحيفة تشرين الحكومية السورية ان دمشق عازمة على "التعاون" مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري مشيرة الى ان رئيسها ديتليف ميليس الذي يزور دمشق اليوم الثلاثاء "سيستمع الى شهادات بعض السوريين" للمساعدة على كشف الحقيقة. وذكرت الصحيفة ان "سورية اكدت في السابق وتؤكد اليوم حرصها على التعاون بغية الوصول الى الحقيقة عبر اسس ووسائل قانونية وآليات وقرائن وادلة لا لبس فيها تعتمد في مثل هذه الحالات وفي اطار القانون الدولي". وكتبت "من المتوقع ان تستمع (اللجنة) الى شهادات بعض السوريين لمساعدتها في الوصول الى الحقيقة وذلك من خلال خبراتهم وطبيعة عملهم".

وغادر القاضي الالماني ميليس لبنان قبل ظهر اليوم الثلاثاء متوجها الى سورية وشاهد مصور وكالة فرانس برس ثلاثة مواكب وضعت في تصرفه تعبر نقطة المصنع الحدودية. وقال المصور انه شاهد ثلاثة مواكب وضعت بتصرف ميليس تعبر قبل ظهر اليوم نقطة المصنع الحدودية من الجانب اللبناني.

وفرضت اجراءات امنية مشددة على طول الطريق الممتد بين مقر لجنة التحقيق في المونتيفردي شرق بيروت والحدود اللبنانية السورية. ونشر مئات الجنود على الطريق تدعمهم آليات مدرعة فيما حلقت مروحيات للجيش اللبناني فوق قسم من جبل لبنان وسهل البقاع الحدودي اثناء توجه المواكب الى سورية.