إيلي الحاج من بيروت : تخلى صهر رئيس الجمهورية اللبنانية وزير الدفاع الياس المر علناً عن الخط السياسي الذي لطالما اتبعه ووالد زوجته في تأييد ما كانت ترسمه القيادة السورية والدفاع عنها متهماً رئيس جهاز الاستخبارات السورية السابق في لبنان العميد رستم غزالة بمحاولة اغتياله بسيارة مفخخة على طريق منزله في محلة النقاش في 12تموز / يوليو الماضي.

ففي اتصال من زوريخ حيث يخضع للعلاج ببرنامج "كلام الناس" الذي يقدمه مرسيل غانم عبر " المؤسسة اللبنانية للإرسال" قال الوزير المر انه في فترة بين ايلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر 2004 "وقعت مشكلة بيني وبين ممثل سورية في لبنان رستم غزالة، بدأت بتوقيف قوى الأمن الداخلي بقيادة اللواء مروان الزين (عُيّن مكانه اللواء علي الحاج لاحقاً) شبكة في عنجر كانت تعمل على تفجير مقر السفارة الايطالية. واتصل رستم غزالة بقائد الدرك العميد سعيد عيد الساعة الثالثة فجراً ودار بينهما جدل حامٍ، إذ تلفظ ضابط المخابرات السوري بكلام غير معقول وغير مسؤول".

أضاف : "على الفور اتصلت به. وكلنا يذكر المشاكل التي حصلت بعد حادثة عنجر في برج حمود وسن الفيل والنبعة والمتن الشمالي، خصوصاً بين العمال السوريين والمواطنين اللبنانيين وتدخلت قوى الامن لضبط الوضع على الارض . وفي اتصالي بغزالة اتخذت الموقف اللازم... وقلت له لا يحق لأي ضابط غير لبناني ليست له تراتبية وإمرة على الضباط اللبنانيين ان يتصل بضابط كبير في قوى الأمن الداخلي ويتحدث معه بهذه الطريقة في أي شكل. ولما انهيت مكالمتي وكان العميد عيد يسمعني على خط آخر، قال لي قائد الدرك : "العوض بسلامتك. ضب ( اجمع) اغراضك يبدو انه صار لازم تفل(ترحل) على البيت (يترك الوزارة)".

وتابع المر انه طلب من عيد ان يبلغ غزالة: "أشرف لي ان اذهب الى البيت من ان ارى ضباطا لبنانيين يذلهم شخص معروف تاريخه. أشرف لوزير داخلية لبنان ان يتخذ موقفه ويجلس في بيته بكرامته ولا يتحمل هذا النوع من الذل. وبعد ذلك وصلتني معلومات وأجواء عن تهديدات في ما يعود إلى وضعي الشخصي. وفي كانون الثاني/ ديسمبر 2005 رحلت ، ولم اعد في استمرار في لبنان، وفي الحقيقة لم تكن الاجهزة الامنية في ذلك الوقت مهتمة بوضع الياس المر لحمايته من اي عمل امني. اضطررت إلى الغياب مدة طويلة. وكنت أزور عائلتي ثم أسافر لوقت ما. ثم عينت نائبا لرئيس الحكومة ووزيرا للدفاع وحصل الانفجار الذي استهدفني بعدما قررت ان اتابع مهماتي في الوزارة".

وختم: "هذا جواب عن السؤال الذي لم يرغب الوزير مروان حمادة (ضيف الحلقة) ان يحرجني به. شهداء وضحايا وشهداء أحياء موجودون اليوم في البلد، وأبرياء يسقطون كل يوم. اعتقد انه اصبح هناك مكان للكلمة الحرة. نستطيع ان نقولها مثلما هي. لا احد أحسن من مي شدياق، ولا أحد أفضل من سمير قصير، وليس أحد افضل من مروان حمادة. كلنا "في الهوا سوا" (معاً وسواسية). حادثة مي شدياق جعلت الكيل يطفح عندي".

إلا أن موقف المر يضمن في الوقت نفسه مستقبله السياسي بعدما اضطر والده النائب ميشال المر إلى التحالف مع زعيم "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون ليتمكن من العودة إلى مقعده النيابي عن منطقة المتن الشمالي في انتخابات حزيران /يونيو الماضي.

وتربط شدياق صلات صداقة وعمل بعائلة المر، وقد تولّت الترويج والعلاقات العامة لمشروع "كاب سور فيل" المطل على بيروت وشاطىء المتن الشمالي الذي أنشأته إحدى شركات العائلة، ولا تزال تقيم في إحدى شققه.

بقرادوني السبّاق

ومع ابتعاد الياس المر عن الخيار السوري يمكن اعتبار أن آخر القريبين من الرئيس إميل لحود التحق بالمقلب الآخر المناقض للسياسة التي اتبعها طوال مدة قيادته للجيش ورئاسته للجمهورية مدى 15 عاماً ، لكن خطوته هذه تعزز محاولة إعلامية قام بها قبل أيام وزير سابق، مغمور ومحسوب على لحود يدعى يوسف سلامة، لتصويره طوال تلك الحقبة أسيراً للخيار السوري وللضباط الأمنيين ولاسيما المدير العام السابق للأمن العام جميل السيّد.

وتشتهر في لبنان مقولة "عند تغيير الدول إحفظ رأسك". أول من اتبعها من دائرة رئيس الجمهورية اللصيقة رئيس الكتائب كريم بقرادوني الذي ارتمى على رئيس الجمهورية السابق أمين الجميّل ، وقدّم إليه الحزب الذي أسسه والده على طبق ذهب بعدما كان قد صرّح قبل مدة قصيرة أن "نجوم الظهر أقرب إليه" من مقره المركزي، في محلة الصيفي وسط بيروت. الجميّل دخل ذاك المقر قبل أيام للمرة الأولى منذ 13 عاماً ، كان الوقت ظهراً وبقرادوني استقبله مع مساعديه عند مدخله بالتصفيق. عندما يغادر بقرادوني موقعاً يعني أنه أصبح ساقطاً لا يمكن الدفاع عنه.

وبعد اعتقال أركانه الضباط الأمنيين الأربعة الأقرب إليه وتخلي مستشارَيه بقرادوني والمر، يبقى مع لحود وزير العدل صديقه شارل رزق الذي يروّج يومياً بين الصحافيين وأمام الكاميرات لنظرية أن التقرير الذي ينجزه رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس لإعلانه في 21 تشرين الأول / أكتوبر المقبل ليس نهاية المطاف ، بل هو "عنصر من عناصر التحقيق" سيضمه قاضي التحقيق العدلي الياس عيد إلى الملف . هكذا، لكأن التحقيق البناني سيكتشف ما يعجز عنه ميليس وفريقه الدولي الضخم بإمكاناته الفائقة الحداثة تقنياً وفنياً، يريد رزق تحقيقاً على الطريقة اللبنانية يستغرق أقله سنتين هما ما تبقى من ولاية صديقه لحود الممددة ، بلا محاكمات وبالتالي مطالبات بتنحيه أو تنحيته عن الرئاسة ، حين أن الرياح تتجه إلى تشكيل مجلس الأمن محكمة دولية تنظر في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري معتمدة التقرير الذي سيصدره ميليس قراراً ظنياً في حق الواردة أسماؤهم فيه بصفة مشبوهين . العالم لن ينتظر اقتناع الوزير رزق واكتمال عناصر ملف التحقيق اللبناني، وتجمع المعلومات الواردة من العواصم المهتمة وآخرها موسكو أن هذه المسألة أصبحت في منزلة تحصيل الحاصل لن ينقصها طلب رسمي ستوفره الغالبية في الحكومة اللبنانية في أقرب فرصة أواخر الشهر المقبل.

وضع شدياق الصحي

ولم يظهر التحقيق الميداني في محاولة اغتيال الاعلامية الشدياق أي دليل حسي يمكن أن يدل على المجرمين، في حين ذكر البيان الطبي اليومي لمستشفى أوتيل ديو حيث تعالج أن وضعها يتطور إيجاباً ، كما أنها تخرج من تأثيرات التخدير تدريجا من دون أن تكون قادرة على الكلام ولا حاجة لنقلها إلى مستشفى خارج لبنان، وستخضع غداً إلى كشف على الجروح وتحتاج إلى كمية من الدم لأنها نزفت بكثرة.

وزير الدفاع الياس المر منذ محاولة اغتياله، فكشف من "منفاه الصحي" كيف هدده رئيس جهاز الأمن والاستخبارات السوري السابق في لبنان رستم غزالة واضطره على مغادرة لبنان في فترة سابقة.ووضعت "قنبلة" المر قوى عدة في موقع حرج أبرزها "عمه" رئيس الجمهورية العماد اميل لحود ووالده النائب ميشال المر والتكتل النيابي الذي ينتمي اليه برئاسة العماد ميشال عون، كما طرحت امام الحكومة والوسط السياسي بشكل عام معطيات كان يجري التداول فيها الا ان المر يعلنها بنفسه للمرة الاولى.

وقد حصل ذلك في وقت يتكرر فيه العجز عن اكتشاف خيوط جريمة محاولة اغتيال مي شدياق، الامر الذي استدعى طلب دعم فرنسي واميركي من قبل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.

وقد وصل الى بيروت مساء امس فريق من الخبراء الاميركيين التابعين لمكتب الارهاب الدولي قادمين من عمان، وسيقوم هذا الفريق اليوم بتفقد مكان تفجير سيارة شدياق في غادير بعد ان تم عزل المكان بواسطة القوى الأمنية.

وكشف المر من زوريخ في اتصال مع برنامج "كلام الناس" للزميل مرسيل غانم انه "في فترة بين ايلول وتشرين 2004 وقعت مشكلة بيني وبين ممثل سورية في لبنان رستم غزالة بدأت بتوقيف شبكة في عنجر. ونتيجة هذا التوقيف الذي قامت به قوى الأمن الداخلي بقيادة اللواء مروان الزين لشبكة تعمل على تفجير السفارة الايطالية دار كلام حامٍ بين رستم غزالة والعميد سعيد عيد الساعة الثالثة صباحا حيث ابلغه كلاما غير معقول وغير مسؤول".

اضاف المر: "ابلغني العميد عيد بهذا الكلام. على اثرها قمت انا باتصال واخذت الموقف اللازم من هذا الموضوع. وقلت لا يحق لاي ضابط غير لبناني ليس له تراتبية وإمرة على الضباط اللبنانيين ان يتصل بضابط كبير في قوى الامن الداخلي ويتحدث معه بهذه الطريقة بأي شكل من الاشكال. وعندما انتهت المكالمة كان يسمعني العميد عيد على الخط الثاني، وأبلغني ليلتها العميد عيد "العوض بسلامتك ضب غراضك وحضّر حالك للانتقال الى البيت".

أضاف المر انه قال لعيد ان يبلغ غزالة: "اشرف لي ان اذهب الى البيت من ان ارى ضباطا لبنانيين يذلون من شخص معروف تاريخه. لهذا السبب اشرف لوزير داخلية لبنان ان يأخذ موقفه ويجلس في بيته بكرامته ولا يتحمل هذا النوع من الذل".

وقال: "بعدها وصلتني معلومات واجواء عن تهديدات في ما يعود لوضعي الشخصي.وفي كانون الثاني 2005 غبت، ولم اعد متواجدا باستمرار في لبنان، لان في الحقيقة لم تكن آنذاك الاجهزة الامنية مهتمة بوضع الياس المر لحمايته من اي عمل امني. اضطررت للغياب لفترة طويلة. وكنت اقوم بزيارة عائلتي ثم اغيب لوقت ما. ثم عينت نائب رئيس حكومة ووزير دفاع وحصل الانفجار الذي استهدفني بعد ان قررت ان اتابع مهماتي في الوزارة".

وختم المر: "هذا جواب على السؤال الذي لم يرغب مروان حمادة ان يحرجني به، شهداء وضحايا وشهداء احياء موجودون اليوم في البلد، وابرياء يسقطون كل يوم. اعتقد انه اصبح هناك مكان للكلمة الحرة. نستطيع ان نقولها مثلما هي، ليس احد احسن من مي شدياق ولا احد افضل من سمير قصير وليس احد افضل من مروان حمادة. كلنا في الهواء سوا. وحادثة مي شدياق جعلت الكيل يطفح عندي".