علي اوحيدة من بروكسل : يقوم الرئيس الفرنسي جاك شيراك في الرابع من شهر آذار (مارس) المقبل بزيارة رسمية للمملكة العربية السعودية في تحرك فرنسي يعكس تصاعد الاهتمام الأوروبي بالرياض كشريك سياسي واقتصادي رئيسي في الشرق الأوسط والخليج. وفي الوقت الذي تابعت فيه الأوساط الاوروبية السياسية والاقتصادية عن كثب زيارة للعاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز الحالية للصين وللهند, فان احتدام أزمة المحروقات والارتفاع المستمر في أسعار النفط ومتاعب الإدارة الاوروبية للملف النووي الإيراني وتعقد العلاقات السورية الأوروبية , تعد جميعها عناصر للدفع بالتقارب السعودي الأوروبي.

و تقول مصادر مطلعة ان زيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك للسعودية ستعتبر أجدى المحطات الهامة في تحرك المسؤولين الأوروبيين وتأتى قبل أيام معدودة من انعقاد قمة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل في نفس الشهر والتي من المقرر ان تتمخض عنها صياغة تول استراتيجية أوروبية مشتركة على الإطلاق في مجال الطاقة . وسيقف الرئيس الفرنسي, و نيابة عن الاتحاد الأوروبي, عند مدى استعداد الرياض لمساعدة الاتحاد الأوروبي على إنجاز مسعاه في تحقيق اكبر قدر ممكن من تنويع مصادره للتزود بالطاقة واستخلاص الدروس من أزمة إمدادات الغاز الروسية الحالية لعدد كبير من الدول الاوروبية.
ويريد الاتحاد الأوروبي أن يترجم على ارض الواقع الاتفاق المسجل بينه وبين السعودية عام 2003 بأقامة قناة حوار رسمية مع منظمة أوبيك وإضفاء طابع سياسي ومؤسساتي عليه. ولكن الرئيس الفرنسي ,وحسب نفس المصدر, سيحمل للمسؤولين السعوديين التزامات أوروبية موازية من ان اتفاقية التبادل الحر بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي ستوقع ربيع هذا العام وبعد سنوات من التعثر والإشكاليات السياسية والإدارية بين الطرفين.(...)
و تريد باريس في هذه المرحلة والى جانب ذلك استعادة بعض من مصالحها في السعودية وخاصة في مجال مبيعات السلاح.
وفي خطوة حاسمة على هذا الطريق قررت الحكومة الفرنسية تعيين المدير العام السابق للقسم الدولي في مؤسسة داسو للطيران برينو كوتي على رأس مؤسسة سوفريزا الحكوية لتسويق وتصدير المعدات العسكرية.

ويعتبر برينو كوتي خبيرا في مجل المبيعات العسكرية وتعول عليه باريس لتمرير صفقة منتظرة مع السعودية لتزويد الرياض بعشرات من طائرات رافال المقاتلة المتطورة.
كما ان فرنسا لازالت تعلق آمالا على تمكين المملكة العربية السعودية من نظام متكل لحماية ومراقبة الحدود معروف بنظام ميسكا ومعلق منذ عدة سنوات.
وتقول فرنسا إنها تأمل اقتسام صفقة طائرات رافال مع بريطانيا التي تريد هي الأخرى بيع طائرات مقاتلة من نوع اوروفايتر للسعودية.
ويردد الفرنسيون حاليا أن طائرات رافال تعتبر الوحيدة القادرة على حمل صواريخ بعيدة المدى على خلاف الطائرات البريطانية المنافسة.
و لا يندرج الاهتمام الأوروبي بالرياض لأسباب تجارية فحسب بل لدوافع استراتيجية وسياسية دولية وإقليمية.
وأولت الدوائر الاوروبية اهتماما خاصا بجولة العاهل السعودي الحالية الى الصين والهند والتي تدل على نية السعودية تنويع أسواقها سواء لتصدير الطاقة أو للاستيراد.
ويرى الأوربيون أن تصدير المملكة العربية السعودية لأربع مائة ألف برميل من النفط إلى الصين يوميا قد تتصاعد مع ارتفاع احتياجات الصين وقد يتم على حسابهم في المستقبل مما يدفعهم إلى توثيق الروابط مع الرياض.
كما ان التطورات السلبية في الملف النووي الإيراني والذي يتجه تدريجيا الى مجلس الأمن سيزيد من الضغوط على سوق الطاقة من جهة ومن عوامل الزعزعة الإقليمية من جهة اخرى وهو ما يضع السعودية في دائرة الاهتمام والتركيز الأوروبي كعنصر استقرار إقليمي يمكن التعويل عليه حسب الديبلوماسيين في بروكسل.