سعد العبدالله
سعد الإمارة والزعامة

جاسم بودي: مهما حصل، يمكن القول ان سمو الشيخ سعد العبدالله انتقل أمس من منصب الإمارة إلى رحاب الزعامة الشاملة في الكويت، فالرجل اكتسب مكانته من محبة الكويتيين له وتقديرهم لدوره وإنجازاته ومواقفه لا من النصوص الدستورية وكراسي الحكم. ومَن لا يعرف سعد العبدالله؟ سعد الكويت التي سعدت بوجوده في كل قضية متسلحاً بسيف المهابة متوضئاً بماء الطيبة، الأمير ابن الأمير، الرجل الذي أعطى من وقته وجهده وصحته لبلده ما لم يعطه مسؤول عربي، القائد الذي زادته جراح الغزو قوة وعزة ومكانة وبطولة فانتقل من بيت إلى بيت في المنافي يحادث الكويتيين ويحضهم على الصمود قائلاً لهم إن الضربة التي لا تكسر ظهورهم تقويهم، ويزرع الأمل في نفوسهم ليل نهار. وانتقل من دولة إلى أخرى ومن زعيم إلى آخر، يحاور، يجادل، يصادم، يبدي مرونة في كل شيء إلا في موضوع تحرير الكويت... وكان التحرير، وكان الانتصار، وكانت الفرحة، وكانت صورة السعد عندما شبك يده بيد سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد لدى عودته إلى الكويت الحرة. طالبناه مراراً بأن يستريح، خصوصاً بعدما عملت تداعيات زلزال الغزو العراقي عملها في صحته وهمته وكان يصر على متابعة المسيرة مادام في جسده عرق ينبض، وكنا في تفكيرنا الباطني نفرح لاستمرار وجوده في هيكل السلطة والنظام لأننا ما تعودنا المشهد من دون هذا الكبير السمح. لم يترك تحدياً إلا وواجهه، ولم يترك منزلاً إلا وزاره، ولم يترك خلافاً إلا وعمل على تذليله، ولم يترك باباً من أجل تقدم الكويت إلا وطرقه مهما كانت التضحيات والتنازلات، ولم يترك مناسبة إلا وأكد فيها ولاءه ووفاءه لسمو أمير البلاد الذي عمل في ظله بكل إخلاص... ومن ينسى عندما عاد إلى البلاد من رحلة العلاج الأولى كيف استقبله سمو الأمير في المطار فيما الكويت كلها فرحة لعودته، وكيف قال له أمام الجميع متناسياً كل ما ألم به: gt;الحمدلله الذي قدرني على رؤيتك مجدداً سالماً معافىlt;، واختصر اللقاء المؤثر بين الكبيرين مشهد الفرحة الكويتية. سعد العبدالله باقٍ زعيماً في قلوب كل الكويتيين، مكانته عزيزة وغالية، تاريخه محفوظ ومقدر، وتكفي الشهادة فيه من سمو الشيخ صباح الأحمد رفيق دربه لعقود، والقائم مقامه في الحكم لسنوات نتيجة وضعه الصحي المؤسف. إنما لا بد من كلمة... سامح الله السفهاء الذين حاولوا الإساءة لتاريخ هذا الرجل وصورته بإدخالهم قضية مصيرية مثل قضية الحكم في متاهات المصالح الخاصة والشخصية. وسامح الله بعض المقربين gt;الحاقدينlt; الذين حاولوا كسر ظهره بعدما عجزت كل التحديات التي تعرض لها عن ذلك، وسامح الله الذين حاولوا النيل من مكانته لتعزيز مكانتهم. هؤلاء مكشوفون ومعروفون، أبوا إلا تعكير عملية انتقال السلطة بشكل سلس وأسري، وما زادتهم محاولاتهم إلا تضاؤلاً بينما بقيت مكانة السعد في قمتها. أمس إنتصرت الكويت، انتصرت التجربة الديموقراطية الرائدة، انتصرت دولة المؤسسات والاحتكام إلى الدستور، انتصر رجال الدولة بخياراتهم ورؤاهم، المؤتمن على خيارات الأمة جاسم الخرافي والمؤتمن على خيارات الحكم صباح الأحمد، أما الشيخ سعد فهو منتصر بتاريخه وحضوره، فمن يشبه وطنه لا يمكن أن يستقيل من قلوب مواطنيه.