علي اوحيدة من بروكسل: تواجه الديبلوماسية الاوروبية المشتركة مأزقا فعليا في التعامل مع التطورات المسجلة على الساحة الفلسطينية والانتكاسة الفعلية التي لحقت بحركة فتح المخاطب الرئيسي حتى الآن للأوروبيين بعد انتزاع حماسأغلبية نسبية ولكنها حقيقية في الاقتراع الفلسطيني الأخير.

وتتجنب الأوساط الاتحادية في بروكسل الدخول في مضاربات محددة بشان طبيعة العلاقات الأوروبية الفلسطينية في الفترة المقبلة ولكن مناخا من انعدام الثقة سيخيم على الروابط بين الطرفين في حالة ترجمة حركة حماس لانتصارها الانتخابي على الصعيد السياسي وتمكنها من تشكل أول حكومة فلسطينية على الإطلاق ذات نزعة إسلامية ..

وبواجه واضعو استراتيجية التحرك الأوروبي في الشرق الأوسط معضلة دقيقة وصعبة لعدة أسباب بعد التطورات المسجلة في الأراضي الفلسطينية خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية واهما ان كبار مسئولي الاتحاد الأوربي وفي مقدمتهم منسق السياسة الخارجية الاوربية خافير سولانا حذروا بشكل شخصي ومباشر من اية تداعيات لسيطرة حماس على مقاليد الإدارة الفلسطينية.

كما ان أوروبا التي تعبر نفسها شريكا رئيسا في إدارة ما يعرف بخريطة الطريق تعتبر في نفس الوقت المانح الأول للفلسطينيين وراهنت بشكل مستمر على التلويح بقطع المعونة المالية للفلسطينيين لممارسة ضغوطها على الفصائل المتشددة وتحديدا بالنسبة لعملية السلام.

وفي الوقت الذي لم تفاجأ فيه الأوساط الاوربية المسؤولة بتقدم حركة حماس خلال اقتراع نهار الأربعاء فانها تمسكت بالتركيز على عناصر محددة في معاينتها لنتائج التصويت الأخير واهما التذكير بان الاتحاد الأوروبي على استعداد للتعاون مع كافة طرف فلسطيني يؤكد تمسكه بالعملية السلمية ويقر بحق إسرائيل في الوجود.

ولكن هذا الموقف لن يصمد طويلا امام الواقع بحكم الواقع الفلسطيني الإسرائيلي نفسه.

وقالت بينيتا فالدنر مسؤولة العلاقات الخارجية الاوربية أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل نهار الخميس ان كافة المؤشرات توحي بفوز حركة حماس ولكنها أوضحت ان أوروبا ستتحرك وفق معيار واحد وهو مدى قبول كل طرف معني بالصراع في الشرق الأوسط بمبدأ تعايش دوليتين فلسطينية وإسرائيلية في المنطقة.

ويفتح هذا التصريح المجال بشكل رسمي حسب الديبلوماسيين لتعامل اوروبي مع حكومة فلسطينية تسيطر عليها حماس ولكن وفق بنود خريطة الطريق.

واعترف منسق السياسة الخارجية الاوربية خافير سولانا وهو المعارض الرئيسي داخل المؤسسات الاوربية لحركة حماس بان نتائج الانتخابات
الفلسطينية يولد واقعا جديدا في الشرق الأوسط(/...).

وقال سولانا الذي لوح الشهر الماضي باحتمال فرض عقوبات مالية أوروبية على الفلسطينيين انه يستوجب من هنا فصاعدا معاينة وتحليل الواقع الجديد.

ويقول الديبلوماسيون في بروكسل ان المستشارة الألمانية انجيلا ماركيل ستقف بنفسها الاثنين القادم في رام الله وخلال اتصالات مع مختلف الفعاليات الفلسطينية على الواقع الجديد في الشرق الأوسط وستنقل صورة عن هذا الواقع للمسؤولين الأوروبيين بدءا من الاسبوع القادم.

ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعا يوم الاثنين المقبل في بروكسل سيبحثون خلا له المستجدات المسجلة على الساحة الفلسطينية.

ويأمل الاتحاد الأوروبي التوصل الى صيغة تفاهم بين دولهم أولا وبينهم وبين كل من إسرائيل والولايات المتحدة ثانيا للاستمرار في المراهنة على خريطة الطريق بالدرجة الأولى
.

ويرى خبراء الشان الفلسطيني في الجهاز التنفيذي الأوروبي في بروكسل, ان الموقف قد يتجه الى تطور إيجابي فعلي في حالة قبول حماس بما يسميه البريطانيون بالحل الايرلندي , الشبيه بما اتبعه الجيش الجمهوري الايرلندي بالقبول بالمشاركة في العملية السياسية في شمال ايرلندا مقابل نزع
السلاح.

ولكمن المصادر الأوروبية تريد تجنب تجربة حزب اله اللبناني الذي يشارك في حكومة بيروت دون القبول بتنفيذ قرار مجلس الأمن الخاص بنزع سلاح كافة المنظمات والمليشيات في لبنان.

وتماما وكما يبدو الهامش الأوروبي ضيقا في التعامل مع حركة حماس قان هامش التنظيم الفلسطيني وعلى الصعيد الدولي يبدو ضيقا أيضا لان حماس وفي حالة تشبثها برفض القبول بلعبة التسوية ستزيد من تأخير تنفيذ مراحل العملية السلمية الدقيقة والصعبة مع إسرائيل وتضعف مواقف القوى المؤيدة للسلطة الفلسطينية وخاصة الاتحاد الأوروبي وتعطي نفسا ودفعا للجهات الإسرائيلية المراهنة على نسف للسلام .