لا زال الفوز الكاسح الذي حققته حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية يستحوذ على اهتمام الصحف البريطانية الصادرة صباح الأحد التاسع والعشرين من يناير/كانون الثاني، التي حاولت تحليل أسباب هذا الفوز والتنبؤ بالخطوات القادمة لحماس.

ماذا بعد ؟
ففي صحيفة الصنداي تايمز كتب مراسلا الصحيفة في رام الله والقدس ماثيو كابل وأوزي ماهنايمي تقريرا ناقشا فيه احتمالات التطورات على الساحة الفلسطينية عقب فوز حماس، وحللا أسباب هذا الفوز الكاسح للحركة.
وفي معرض تحليل الكاتبين لأسباب فوز حماس ذكرا عجز تنظيم فتح الذي استحوذ بالسلطة بعد توقيع اتفاقية أوسلو عن تحسين ظروف حياة الفلسطينيين وتوفير الأمن لهم، وانتشار الفساد في أوساط السلطة الفلسطينية مما جعل جزءا من المعونات الألأوروبية ينتهي في جيوب بعض المسؤولين، حسب الكاتبين.
وقد لخص الكاتبان احتمالات التطورات في امكانية انهيار عملية السلام أو حدوث العكس، أي انتعاش عملية اسلام بسبب هذا التغير الدراماتيكي على الساحة السياسية، وربما تحول حماس الى البراجماتية واتخاذها مواقف أكثر واقعية في التعامل مع اسرائيل.
وذكر الكاتبان استنادا الى بعض المصادر ان اسماعيل هنية قد عرض منصب رئيس الوزراء على رجل الأعمال منيب المصري الذي اقترح بدوره سلام فياض بينما اقترح حنان عشراوي لوزارة الخارجية بسبب كونها وجها واسما مألوفا في المحافل السياسية الدولية.
ويعتقد المحللون، يقول الكاتبان، ان حماس ستجري اتصالات مع مروان البرغوثي في سجنه.

ويقول ألستير كوك وهو خبير أوروبي سابق ساهم في التفاوض مع حماس من أجل الاتفاق على هدنة مع اسرئيل، يقول ان الكثير من الدلائل تشير الى ان حماس quot;قد تغيرت بشكل ايجابيquot;،فمن جهة فوزهم في الانتخابات يشير الى تحولهم الى الاتجاه السياسي، ومن جهة ثانية لا زالوا ملتزمين بالهدنة غير الرسمية مع اسرائيل وهم يعرضون وقفا لاطلاق النار كمدخل الى عملية سلمية قد تؤدي الى انهاء النزاع.

quot;لا تلوموا بوشquot;
وفي صحيفة الصنداي تلغراف مقال بعنوان quot;لا تلوموا بوش ، فهذا خطأ عرفاتquot; يحاول فيه كاتبه كون كوجلين حل اللغز: فوز حماس في الانتخابات التشريعية.
يقول الكاتب ان الكثير من التحليلات تلقي باللوم على الرئيس بوش لانه quot;خذلquot; السلطة الفلسطينية العلمانية مما أدى الى تقوية شوكة حماس.
ولكن الكاتب، وان كان لا يعفي الرئيس بوش من مسؤولية في طريقة تعامله مع منطقة الشرق الأوسط، الا انه يعتقد ان الرئيس الراحل ياسر عرفات يتحمل المسؤولية في صعود حماس.
ويقول الكاتب انه في اخر زيارة له للضفة الغربية وقطاع غزة لمس الوضع الاقتصادي السيء للفلسطينيين بالرغم من ملايين الدولارات التي تتدفق على السلطة الوطنية الفلسطينية، كما يقول الكاتب.
بالاضافة الى ذلك يذكر الكاتب عجز عرفات عن التوصل الى اتفاقية سلام مع اسرائيل ، واستمرار معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، كسبب اخر لصعود نجم حماس.

الخيار الصعب
وفي صحيفة الأوبزرفر تقرير من بيتر بومونت مراسل الصحيفة في رام الله يحاول هو أيضا تحليل الخطوات القادمة لحماس بعد فوزها الساحق في الانتخابات.
يقول بومونت انه سيترتب على حماس اختيار الوجه الذي ستظهر به على الملأ: هل تركز على صور الملثمين ومطلقي صواريخ القسام، ام الادارييين الاكفاء الذي نالوا اعجاب الفلسطينيين.
ويقول الكاتب ان كلا الوجهين كان حاضرا في نابلس يوم الانتخابات، حيث جلس بعص الشخصيات المهذبة أمام صناديق الاقتراع في مخيم بلاطة يوجهون الناخبين بأدب، ولكن كانت وراءهم ملصقات عليها صور المقاتلين.
وقد بدا هذا التناقض واضحا في زيارة الى مكتب رئيس بلدية نابلس عدلي رفعت يعيش، فبرغم الشخصية الجذابة والانجليزية السليمة، واشارته الى ان له اصدقاء بين الاسرائيليين، الا ان الحقيقة ان يعيش وصل الى رئاسة البلدية بدعم من حماس، وهو كان ينسق مع الاسرائيليين كرئيس للبلدية لتسيير الأمور اليومية لسكان مدينة نابلس، وهو لا يرى مانعا من أن تقوم حماس بنفس الشيء لتصريف شؤؤون المواطنين.
وتعتبر صراحة يعيش استثنائية من حيث اعترافه من انه لا مفر من أن تقوم حماس بالتنسيق مع السلطات الاسرائيلية لتسيير شؤون المواطنين الفلسطينيين، وهذه قضية يتجنب الخوض فيها العديدون من قادة حماس.
وفي صفحة التعليقات في نفس الصحيفة هناك اشادة بالانتخابات الفلسطينية، من حيث انها جرت بشكل ديموقراطي وسلمي، وفي نفس الوقت يلقي كاتب التعليق ضوءا على المفارقة الكامنة في ان حماس انتخبت من خلال عملية ديموقراطية بينما هي quot;منظمة ارهابيةquot; حسب تعبير الصحيفة.
ويتفهم كاتب التعليق صدمة الولايات المتحدة من أن تكون الديموقراطية التي شجعتها وتغنت بها قد أتت بمن لا ترغب الولايات المتحدة برؤيتهم في السلطة، واشتراطها على حماس quot;نبذ الارهابquot; كشرط للتعامل معها.
ويختم الكاتب تعليقه بالقول: quot;لقد كسب وعد بحياة أفضل قلوب وعقول شعب محتلquot;.