المالكي: الحكم على صدام طوى صفحة ظالمة من تاريخ العراق
عادل درويش من لندن: أثار حكم الاعدام الذي أصدرته محكمة عراقية ضد الرئيس السابق صدام حسين، ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية البريطانية وانتقادات لحكومة العمال بزعامة توني بلير بعد quot;ترحيبهاquot; بقرار المحكمة دون اعلان رفضها لحكم الأعدام.

وكانت وزيرة الخارجية ابريطانية مارجريت بكيت اول من اصدر تصريحا رحبت فيه بقرار المحكمة،اثناء زيارتها للهند، مضيفة ان الديكتاتور العراقي تلقى ما يستحقه، ثم تبعها في ذلك وزير الداخلية جون ريد مرحبا هو الآخر بما اسماه خيار الشعب العراقي عبر محكمته. ولقي ذلك اعتراض حزب الديموقراطيين الاحرار ومنظمات حقوق ألانسان والمحاميين الدوليين والمنظمات الليبرالية البريطانية، بسبب عدم تأكيد الوزراء على رفض بريطانيا لحكم الاعدام.

وكان حكم الاعدام الغي من سجل العقوبات البريطاني بتصويت الاغلبية، من مختلف الاحزاب، في مجلس العموم اثناء حكم المحافظين قبل اربعة عقود؛ والحكم ملغي من جميع قوانين العقوبات في بلدان الاتحاد الاوروبي كلها ، وهو شرط اساسي لقبول عضوية اي دولة، حيث لاتقبل عضوية الدول التي تنفذ العقوبة، والتي تعتبرها الدساتير الحديثة عقوبة بربرية وحشية، كما يرفضها الميثاق الدولي لحقوق الانسان وتعتبرها الام المتحدة quot; جريمة قتل عن طرق القضاء.quot; وكان كوفي آنان السكرتير العام للأمم المتحدة انتقد الحكم اليوم بطريقة غير مباشرة قائلا انه يتمني الا ينفذ.

وفي مقابلة مع محطة سكاي التلفزيونية قالت هيزيل بليرز، رئيس مجلس الادارة التنفيذي لحزب العمال الحاكم، ان quot; الحكومة العراقية برئاسة نور المالكي واعية تماما بموقف الحكومة البريطانية الرافض لعقوبة ألاعدام،quot; وذلك اجابة على تحدي المحرر السياسي للشبكة، آدام بولتون، لقولها انها ترحب بالحكم وان في ذلك تنفيذ للعدالة. واضافت المدام بليرز ان رفض حكومتها لعقوبة الاعدام لايعني تدخله في الشؤون الداخلية لسير العادلة في العراق.

وكان هذا ايضا موقف النائبة العمالية آن كلويد، والتي عملت لفترة طويلة مع الأكراد والشيعة وعدد من ضحايا صدام حسين من العراقيين على مدى العقدين الماضيين وقدمت منظمتها quot; انديت quot; ( الادانة الدولية) ثلاثين صندوقا من الوثائق وشهادات الضحايا صور التعذيب الى هيئة المحكة كأدلة ضد صدام حسين ونظامه. وقالت المدام كلويد للبي بي سي، انها سعيت، لسنوات طويلة، الى ادانة صدام وتقديم التهمة اليه في محكمة دولية في اوروبا، ولم تكن تفضل فكرة الحرب، لكنها ترحب بقرار المحكمة. ورغم انها ضد عقوبة الاعدام اصلا، فإنها كما تقول، تترك الامر لمحكمة عراقية للشعب العراقي.

لكن حزب الأحرار الديموقراطيين المعارض، وعدد من المعلقين الليبرالين سخروا من مقولة quot; الامر متروك للشعب العراقيquot; بقولهم ان محاكمة صدام والقبض عليه هما نتيجة التدخل الخارجي في العراق اصلا وفي شؤون اهله.

وقال السير منزيس كامبل، زعيم حزب الاحرار الديموقراطيين انه ولاشك يرحب بادانة صدام كواحد من اسوأ الديكتاتوريين الذين نكلوا بشعوبهم وان يديه ملوثتين بدم الاف العراقيين، لكنه لايستطيع ان يتقبل فكرة تنفيذ حكم الاعدام في اي شخص، حتى ولو كان صدام حسين. واضاف بان اعدام صدام حسين سيحوله الى شهيد في نظر العديد من القوميين العرب والبعثيين الذي يريدون عرقلة عملية الاصلاح الليبرالي والديموقراطي في منطقة الشرق الاوسط. وشاركه في ذلك عدد من المعلقين، الذين سخروا من مواقف شخصيات وتيارات لاتعترف بحقوق الانسان وتروج للعنف، لكنها تتباكى على الحكم الذي صدر بحق صدام، ومنهم حكومتي محمود احمدي نجاد في ايران، وحكومة حماس الفلسطينية.

وكانت حكومة ايران رحبت في بيان مقتضب من سطرين بادانة صدام شأنها في ذلك شأن الكويت، اذ كان صدام شن حربا استمرت ثماني سنوات ضد ايران واحتل الكويت عام 1990 وشرد اهلها واختطف قرابة الف من مواطنيها عثرت على جثث بعضهم بعد سقوط نظامه. لكن تصريح حماس بعدم رغبتها تنفيذ حكم الاعدام في صدام اثار ردود فعل ساخرة، خاصة وان حماس تؤيد عقوبة الاعدام وينفذ ناشطوها حكم الاعدام الفوري ودون محاكمة فيمن يشكون في تعاونه مع الاسرائيليين من الفلسطنيين كما، تدفع الحركة بعض الشباب لتنفيذ عمليات انتحارية في اسرائيل.

كما اثار الحكم ايضا ردود فعل سلبية لدى اخصائي القانون، اذا قال المحامي كلوديو كرودوني، من منظمة العفو الدولية، امنستي، ان المحاكمة لم تكن عادلة في سيرها، حيث لم يكن القضاء مستقلا بسبب تدخل الحكومة لتغيير القضاة، وبسبب اغتيال الشهود وعدم توفر مناخ الأمن واتاحة الفرصة لمحامي الدفاع.

وقال المحامي الدولي الجزائري سعد جبار، زميل المعهد الملكي للدراسات الدولية، ان المحكمة لم تكن عادلة، ومن المستحيل ان تكون هناك محاكمة عادلة في العراق، حيث ان اي شخص في العراق، قاضيا، او محاميا او ممثل اتهام، لن يمكن ان يكون محايدا ابدا، بسب جرائم صدام التي اثرت على كل الأسر تقريبا، وايضا تأييد البعض له. واضاف انه كان يفضل محاكة دولية تجرى خارج العراق، مقللا من كفائات ومؤهرت المحاميين العراقيين وهيئة المحكمة والأدعاء .