لندن: سلطت الصحف البريطانية الصادرة اليوم الضوء على عملية اغتيال وزير الصناعة اللبناني بيار الجميل، الذي قضى بعد إطلاق النار عليه في منطقة نيوجديدة يوم الثلاثاء الماضي.

من قتل بيار؟ من المستفيد؟
في الغارديان يطرح لنا كلانسي شاساي ثلاث نظريات حول من قتل بيار.

النظرية الأولى تقول إن التي تقف وراء قتل ابن الجميل هي سورية، أو حليفها حزب الله، وذلك كي تسقط نصاب الحكومة القانوني الذي سيصدق على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص تشكيل المحكمة الدولية في قضية اغتيال الحريري.

النظرية الثانية قريبة من الأولى وتقول quot;إن من قتلوا بيار عناصر في الجهاز الأمني السوري تصرفوا دون علم ومعرفة الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك في محاولة لإخافة النواب اللبنانيين قبل أن يصدقوا على القرار الدولي الخاص بتشكيل المحكمة.quot;

أما النظرية الثالثة quot;فتتهم الولايات المتحدة وحلفاءها في لبنان بأنهم وراء قتل بيار من أجل منع المعارضة، ممثلة في حزب الله وحلفائه، من العمل على إسقاط الحكومة والحد من النفوذ الأميركي في البلاد. ويقول أصحاب هذه النظرية إن الهدف الإضافي الذي سعى من أجله قتلة بيار هو عزل سورية مرة أخرى في الوقت الذي يرغب فيه الغرب في إعادة التعاطي مع دمشق حول تقديم المساعدة في العراقquot;.ويستشهد كلانسي شاساي بآمال سعد غريب، والتي تعمل في مركز كارنجي لدراسات الشرق الأوسط في بيروت، والتي قالت له quot;إن الشيء الوحيد الذي عجلت به عملية اغتيال بيار هو موافقة مجلس الأمن على قرار تشكيل المحكمة الدولية، وذلك في إشارة إلى تراجع عضوي مجلس الأمن روسيا وقطر عن تحفظاتهم تجاه القرار الدولي بعد ساعات من اغتيال بيار.quot;

ثمن التعاطي مع سورية
مايكل ينج محرر صفحة الرأي في صحيفة الدايلي ستار اللبنانية يكتب في الجانب الأيمن من الصفحة الحادية والعشرين في التايمز مقالا حول تبعات عملية الاغتيال التي طالت ابن عائلة الجميل. ويتساءل ينج في عنوان مقاله: كيف أصبحت الآن (سياسة) quot;التعاطي مع سوريةquot;؟

في بداية المقال يكتب ينج قائلا إنه quot;في الأسابيع الأخيرة حظيت فكرة quot; التعاطيquot; مع سورية وإيران من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وذلك من أجل إحلال الاستقرار في العراق، حظيت باهتمام كبير. وفي يوم الثلاثاء، في ضاحية تقع شرق بيروت، أظهر (اغتيال) وزير الصناعة اللبناني بيار الجميل ما هو الثمن الذي يمكن دفعه مقابل هذا التعاطي.quot;

ثم يتهم مايكل ينج سورية وحلفاءها بقتل الوزير الراحل ويقول إنه quot;من الصعب عدم تصديق ذلكquot;.

ويبرر ينج رأيه بأن قتل بيار الجميل quot;يعتبر أولوية بالنسبة إلى سورية حيث إنه يقلل من قدرتها على تصديق قرار تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. هذه المحكمة التي يخشاها المسؤولون السوريون.quot;

ويواصل ينج قائلا: quot;لو كانت quot;الواقعيةquot; السياسية تدور حول المصالح، فإن quot;العقلانيينquot; مطالبين بالبرهنة على أن الدولة التي تتجاهل قرارات الأمم المتحدة بعدم التدخل في الشؤون اللبنانية قادرة على المساعدة في صنع استقرار العراق، هذا البلد الذي نقلت إليه المئات من المقاتلين الأجانب.quot;

ثم يكتب ينج قائلا: quot;إن التعامل مع بشار الأسد في موضوع العراق معناه العودة التدريجية إلى الوصاية السورية على لبنان، وذلك لأن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لن يكونا في موقع يسمح لهما بمعارضة وجود سورية في لبنان وهما يطلبان منها معروفا في العراقquot;.

الاندبندنت: quot;الحرب التي تطاردنا كوابيسهاquot;
في الاندبندنت عنون روبرت فيسك مقالته التي كتبها من بكفيا، مسقط رأس الراحل بيار، بالقول إن quot;مشيّعي الجميل يعرفون بأن في لبنان لا شيء يبدو كما هو في الحقيقةquot;.
يبدأ فيسك مقاله بالقول إن عائلة الجميل quot;لم تظهر جسد ابنها الراحل ووضعته في تابوت مغلق كي لا تظهر كيف تضرر وجهه بفظاعة من الرصاصات التي قتلته، وكأنها بذلك تحاول أن تضع كوابيس لبنان في ظلمات القبرquot;. لكن من قدموا من الموارنة والأرثوذكس الروم والدروز والمسلمين لتقديم واجب العزاء إلى زوجة الراحل، باتريسيا، وأبيه المفجوع أمين، يدركون ما هي الأهوال التي يمكن أن تحملها الأيام القادمة. فقط كبرياؤهم يمنعهم من قبول ذلك.quot;

ثم يتساءل فيسك في سخرية ممتزجة بالمرارة: quot;من كان ليتوقع - أيام الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد والتي تطاردنا كوابيسها الآن - أن يدخل الدروز إلى المكان الأكثر قداسة لدى الموارنة، بيت الجميل، في أمان ليقدموا واجب العزاء في رجل كان عمه بشير أشرس أعداء الدروز وأكثرهم دموية؟quot;.

ثم يكتب فيسك قائلا quot;إن الصديق الأعز لدى بشير الجميل، (الرئيس الذي اغتيل عام 1982)، مسعود أشقر، مسؤول ميليشيا الكتائب في تلك الأيام الحالكة السواد والرهيبة، قال (له) كيف أن اللبنانيين يحتاجون الآن أكثر من أي وقت مضى إلى الوحدة. وتابع قائلا: quot;نريد أن نعرف من قتل الشيخ بيار. هؤلاء الأشخاص يريدون إعادة إشعال الحرب الأهلية. يجب أن نعرف من هم هؤلاء الأشخاص؟quot;.

وبعد أن يعرج فيسك على شهادات من سمعوا إطلاق الرصاص على الوزير المغدور وعلى ما قاله جده لفيسك قبل رحيله عام 1984 من أن فكرة تأسيس الكتائب جاءته بإيحاء من زيارته إلى اوليمبياد العام 1936 التي أقيمت في ألمانيا النازية، يختم فيسك مقاله بالقول: quot;إن من يعيش في لبنان يتعلم بعض الأشياء مثل أن لا شيء يحدث صدفة. لكن ما يحدث ليس بالضبط ما قد تظنه في البداية. لذا فإن اللبنانيين الذين تجمعوا في الأمس حول تابوت بيار يدركون جيدا أنه إذا لم يتوقفوا عن وضع ثقتهم في الأجانب، مثل الإسرائيليين والأميركيين والسوريين والإيرانيين والبريطانيين والفرنسيين والأمم المتحدة، وأن يبدأوا بدلا من ذلك في الثقة ببعض، فإن كوابيس الحرب الأهلية المقفل عليها في تابوت بيار ستطاردهم.quot;

رسم كاريكاتوري في التايمز
بوتين والأسد: لا نمارس الاغتيالات
ونرى في الصفحة الحادية والعشرين من عدد التايمز لليوم رسما كاريكاتوريا للرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد... يحملان عصا خشبية شبيهة بتلك التي تستخدم لتحريك الدمى ويقفان إلى جانب بعضهما وأعينهما الى أعلى.

العصا التي يحملها الرئيس الروسي تحرك شخصا يرتدي سترة جلدية ويحمل زجاجة كبيرة من السم، أما نظيره السوري فعصاه تحرك رجلا مقنعا يرتدي ملابس عسكرية ويحمل مسدسا.

وإشارة الرسم بالطبع واضحة بالنسبة إلى الرئيسين. فالشكوك في بريطانيا تحوم حول جهاز استخبارات الرئيس الروسي بأنه وراء تسميم ضابطه السابق الذي انشق عليه وقرر اللجوء إلى بريطانيا لكن عمله السابق قرر تصفيته باستخدام حبة فاليوم مشعة، وهو الآن يصارع الموت في إحدى غرف إنعاش لندن.

أما الرئيس السوري فشكوك تيار 14 آذار في لبنان موجهة نحو quot;نظامه الأمنيquot; بأنه وراء قتل وزير الصناعة بيار الجميل باستخدام أربع وعشرين رصاصة، انطلقت في وضح النهار وفي منتصف شارع رئيس، لكن بلا صوت.

أما الرئيسان فكان تعليقهما في الرسم: quot;لا نمارس الاغتيالات!quot;.