حكاية سائحة فرنسية تصارع الموت بعد تعرضها للاعتداء
أقدس ضريح في المغرب يشهد محاولة قتل

عيسى العلي من الدار البيضاء: لم يخطر في بال الطبيبة الفرنسية أن رحلتها السياحية إلى المغرب ستأخذها قسرًا إلى سرير في مستشفى الغساني في مدينة فاس، حيث ترقد في قسم العناية المركزة منذ أمس تحت حراسة أمنية مشددة بعد تعرضها لمحاولة قتل. فبعد أسبوع فقط من مغادرته مستشفى الأمراض العقلية في العاصمة العلمية، وبمجرد أن لعبت الأقراص المهلوسة برأسه، تقدم (ع.ل) وهو إسكافي يعمل في حي بلخياط، متأبطا سيفا طويلاً نحو فريق سياحي يضم 25 فرنسيا، من بينهم الضحية، التي كانت منشغلة بالنظر إلى الزخرفة والأشكال الجميلة المؤثثة لفضاء ضريح quot;مولاي إدريس زرهونquot; الذي ظهر إسمه في القرن الثامن عشر وشيد نقيب الشرفاء سيدي عبدالقادر بن عبو (عبدالله) أول قبة على قبره عام 1070 هجرية (1660م).

عظمة هذا الأثر التاريخي شغل السائحة الفرنسية عن الانتباه إلى الموت المقبل عليها من الخلف... إذ استغفل الجاني (ع. ل) الضحية بقوة من وسط الفريق، الذي كان يضم أطباء زملاء للضحية، وبدأ يغرز السيف في جميع أنحاء جسمها، قبل أن تفلت من يديه وتسقط على بساط الضريح وتحوله إلى لون أحمر.

خطف الفزع والخوف لون الحياة من وجوه باقي السياح، قبل أن يستجمع اثنان منهما قواهما ويتدخلا لتقديم الإسعافات الضرورية بحكم أنهما طبيبان.
وبعد 24 دقيقة من محاولة السائحان الحد من التدفق الغزير لدم الضحية، جاءت سيارة الإسعاف وحملت المصابة إلى مصحة الأطلس في فاس، حيث قدمت لها الإسعافات الأولية، قبل أن تنقل مجددا إلى مستشفى الغساني في المدينة ذاتها، فأدخلت إلى عناية المركزة، في انتظار أن تستقر حالتها.

وبينما انشغل السياح بالإصابات الخطيرة والجروح الغائرة التي حفرها السيف في جسد رفيقتهم، ارتمى مواطنون على الجاني وشلوا حركته قبل أن يتدخل عناصر الأمن الذين حملوه لمركز الشرطة، حيث باشرت معه تحقيق الهوية الذي تبين من خلاله أن الجاني يشتغل إسكافي في حي برنيات ويبلغ من العمر (34 سنة).

كما أظهرت التحريات أنه خرج في 21 من الشهر الجاري من مستشفى الأمراض العقلية وكان يحمل أقراص مهلوسة، في الوقت الذي ذهبت فيه المعطيات في البداية إلى التأكيد على أن المتهم quot;واحد من الإسلاميين المتطرفينquot;، خاصة أن لحية متوسطة تعلو وجهه، على حد تعبير شهود عيان.

وفي انتظار ما سيفر عنه التحقيق، تواصل السائحة الفرنسية صراعها مع الموت بين جدران المستشفى الذي أخذت منه عطلة في فرنسا لتنسى، ولو لفترة وجيزة، هموم مهنتها ومشاكلها وتغوص في بحر جمالية المآثر التاريخية المغربية.