نبيل شرف الدين من القاهرة : لم يبق سوى أيام تفصل عن العام 2007 الذي يتوقع كثيرون أن يكون عام الإصلاح الدستوري في مصر، هكذا ينظر الجميع إلى الوضع السياسي الراهن، بدءاً من رجل الشارع، مروراً بالساسة والمثقفين والبرلمانيين، وصولاً إلى الرئيس المصري حسني مبارك الذي سيعلن أمام البرلمان يوم الاثنين المقبل التعديلات الدستورية، وقالت مصادر برلمانية إن مجلسي الشعب والشورى سيعقدان جلساتهما بالتزامن لأول مرة خلال الدورة البرلمانية الحالية، لدراسة اقتراحات مبارك وإحالتها إلى اللجان العامة واللجنتين التشريعيتين للبدء في مناقشتها، خاصة وأن إجراءات إقرار التعديلات الدستورية تستغرق ثلاثة أشهر على الأقل، وبالتالي ينبغي الانتهاء منها وعرضها على استفتاء شعبي قبل فض دورة مجلس الشورى في 24 من نيسان (أبريل) المقبل، لإجراء انتخابات التجديد النصفي .

وفيما يتجه نواب البرلمان من جماعة quot;الإخوان المسلمينquot; إلى تصعيد اعتراضاتهم على التعديلات الدستورية التي يعتزم مبارك الأب طرحها على البرلمان، فقد تحدث نجل الرئيس المصري جمال مبارك عن خطة التحرك الحزبي بشأن التعديلات الدستورية التي شاركت في إعدادها أمانات quot;السياسات والتنظيم والإعلام والتدريب والتثقيفquot; في الحزب الوطني (الحاكم) قائلاً خلال اجتماع أمانته العامة إن ما تم التوصل إليه من مقترحات بشأن هذه التعديلات الدستورية يمثل نقلة مهمة في حياتنا الدستورية بما تتضمنه من مقترحات تتصل بدعم دور البرلمان بمجلسيه ومنح سلطات أوسع لمجلس الوزراء ودعم استقلال السلطة القضائية وتبني النظام الانتخابي الأمثل الذي يكفل تمثيلا أكبر للأحزاب والمرأةquot;، حسب تعبير مبارك الابن

سيناريو التوريث

من جانبه اعتبر نجل الرئيس المصري جمال مبارك أن هذه التعديلات الدستورية المرتقبة تمثل جزءا مهما من برنامج الحزب الحاكم في الإصلاح السياسي، غير أن قوى المعارضة على اختلاف توجهاتها أكدت عزمها التصدي لتلك التعديلات، خاصة ما يتعلق بالمادة 76 من الدستور، الخاصة بطريقة اختيار رئيس الجمهورية، التي يؤكد النواب أن الهدف منها تمرير ما أسمته quot;سيناريو التوريثquot; من مبارك الأب للابن .

كما أبدى نواب المعارضة تحفظات على مشروع تعديل المادة 88 من الدستور وهي الخاصة بالإشراف القضائي على الانتخابات وكذا مشرعات القوانين التي طرحها الحزب الوطني (الحاكم) في المؤتمر السنوي الرابع، وخاصة مشروعي قانون التأمين الصحي والتعليم واللذين يقضيان بالتوسع في إسناد خدماتها إلى القطاع الخاص.

يأتي هذا في الوقت الذي حرص فيه الرئيس المصري حسني مبارك أن يؤكد في كلمته التي ألقاها أمام البرلمان بمناسبة انطلاق الدورة الجديدة للبرلمان، أن يبعث رسالة تنفي توقعات تروج في مصر مفادها أنه ربما يترك منصبه قبل نهاية فترة الرئاسة الحالية التي تنتهي بحلول عام 2011 لابنه جمال، قائلا إنه quot;سوف يبقى في المنصب ما دام حياًquot; .

ورغم تلك الإشارة من قبل الرئيس مبارك إلا أن هناك حزمة مخاوف ما زالت تراود قطاعات واسعة من النخبة المصرية، إزاء سيناريوهات تتشكل في رحم الغيب عنوانها الإصلاح السياسي والدستوري، لكنها تصب بطريقة أو أخرى في اتجاه خلافة جمال لوالده في حكم مصر، وهو ما عبر عنه مراقبون بقولهم إنه لا يوجد أي خلاف بين الساسة الحزبيين والمستقلين بمختلف أطيافهم مع قادة الحزب الحاكم في مصر حول أهمية التعديل الدستوري لكن الشيطان يسكن التفاصيل، فالخلاف يكمن في طبيعة هذه التعديلات، والرؤى السياسية التي تقف خلفها، وأن تعديل الدستور هو مفتاح تنشيط الحياة السياسية والإصلاح الفاعل في مصر .

من هنا فقد ألقى مبارك بالكرة في ملعب البرلمان الذي تهيمن عليه أغلبية من الحزب الوطني (الحاكم)، وتمثل فيه أقلية تتألف من ثمانية وثمانين نائباً من أعضاء جماعة quot;الإخوان المسلمينquot;، وبعبارة واضحة قال مبارك إن هذه الدورة البرلمانية الجديدة ستشهد تعديلات دستورية هي الأكبر من نوعها منذ قيام الجمهورية عام 1952 .

وكان مبارك الأب قد عقد اجتماعات مكثفة خلال الفترة الماضية مع عدد من رموز النظام، وعدد من خبراء القانون الدستوري لمناقشة الشكل النهائي للتعديلات وتحديد المواد ورغم أن بيانات صحافية صدرت عن رئاسة الجمهورية كانت تؤكد أن الاجتماعات مخصصة لإعداد الخريطة التشريعية فإن هذه الخريطة تم إعلانها من قبل في كلمة الرئيس مبارك أمام الاجتماع المشترك لمجلسي البرلمان (الشعب والشورى).