عدنان ابو زيد من أمستردام: بعد إعدام صدام حسين، فان ساعة الصفر بدات تقترب لاعدام برزان التكريتي وعواد البندر، وتقول مصادر عراقية إن اجواء من الوجوم تخيم على المعتقل الذي يضم مسؤولين عراقيين من نظام الرئيس السابق صدام حسين.

وبدا برزان التكريتي واجما، قليل الكلام وقال لمسؤوليه الامنيين، لماذا أجلتم موتي، انه حرام.
وقال مسؤولون امنيون في الحكومة العراقية إن برزان سيعدم في ذات المكان وبنفس الحبل الذي أعدم فيه صدام.

برزان.. شقيق صدام ورفيق دربه

ولد برزان إبراهيم الحسن عام 1951 في تكريت وهو الابن الثالث لابراهيم الحسن واخو صدام غير الشقيق ومن مواليد 1952، متزوج من أبنة خاله أحلام خير الله طلفاح، ولديهما من الأولاد سته.. محمد، سجى مطلقة عدي، ثريا، علي، نور وخوله

شارك برزان في انقلاب 17 تموز وعمره دون الثامنة عشر، وفي فجر ليلة 17 تموز 1968 أستقل سيارة المارسيدس مع أحمد حسن البكر وصدام، و في 30 تموز 1968 شارك برزان صدام في اقتحام مكتب البكر حيث يجلس معه عبد الرزاق النايف ليشهر برزان مع مجموعة من البعثيين، مسدساتهم بوجه النايف فيستسلم حالاً دون مقاومة ويقاد من قبل صدام وعمر العلي إلى مطار عسكري ومن ثم الى خارج العراق.

طاهر يحيى.. أول الضحايا

ويعتبر برزان تلميذا مخلصاً لأخيه المشرف على الامن وتلقى على يديه دروسا وتجارب، وكان طاهر يحيى التكريتي رئيس وزراء العراق الأسبق من اوائل الذين وقعوا بيد صدام وأخيه برزان ليمارسا بحقه أنواعا من التعذيب والتنكيل والاعتداء ولم يشفع للرجل انتسابه إلى نفس منطقتهما تكريت..
ومنذ عام 1968 وحتى 1971 كان برزان مرافقا لنائب رئيس مجلس قيادة الثوره ومسؤولاً عن الحماية الشخصيه لرئيس الجمهورية.

برزان.. مهمة المخابرات

و وجد صدام انه من المناسب تكليف برزان بمتابعة عمل العلاقات العامه نيابة عنه، في وقت كان سعدون شاكر قد اصبح مديرا لها، ليشغل برزان منصب نائب المدير ولما يتجاوز العشرين عاماً، لكنه أفاد من الدعم غير المحدود الذي وفره له نائب رئيس مجلس قيادة الثورة صدام.
و أرتفع عدد العاملين في المخابرات في عهده ليصل الى 22 الف عام 1980، و تمتعت بميزانية غير محدده لا يشرف عليها ديوان المراقبة الماليه لسرية النشاطات، وقد لا يكون من باب المصادفه ان يقول برزان للكادر القيادي في المخابرات في ديسمبر 1979ما نصه: يكفينا فخرا ان المعارض الموجود في واحده من مقاهي باريس أو براغ عندما يحاول ان ينتقدنا يتلفت يميناً أو شمالا خوفا من وجود ضابط مخابرات إلى جانبه.

وسعى برزان بتوجيه من صدام الى ربط دوائر مكافحة التجسس والخارجيه ووحدة الطوارئ والعمليات الخاصة بالمخابرات الذي اختار مقربين منه لقيادة هذه الدوائر المهمه جدا في المخابرات حيث أشرف على الاولى موفق الناصري فيما تحمل المسؤوليات في الثانية والثالثة خليل شاكر وفوزي العلي. وكان برزان قد تولى رئاسة المخابرات العراقية في الفترة بين عامي 1979 و1983.

لماذا عزل برزان

لكن برزان أقصي بعد ذلك وأكد صدام وقتها ان ابتعاد برزان كان عملية عزل وليس اعتزال خلال حديث له مع بعض الصحفيين الكويتين في بغداد منتصف 1983 حين قال : لقد فشل برزان في ادارة مسؤولياته ونحن لسنا نظاما يبقى فيه ابن الاسرة الحاكمة مسؤولا مدى الحياة ولأنه لم يكن أهلاً لهذه المسؤولية تم ابعاده عن وظيفته. لكن كثيرين يعتقدون ان سبب عزله نتيجة لتنامي نفوذه وحساسية صدام من ذلك.

مهام اخرى

و عمل برزان سفيرا للعراق لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف بين عامي 1988 و1999.
لكنه عاد إلى العراق في أيلول 1999 في إطار تغييرات دبلوماسية، وسط أنباء متضاربة عن انشقاقه على حكومة صدام.
وكان برزان مشهورا بعصبيته وترددت أنباء عن علاقته السيئة بنجلي صدام عدي وقصي.
،ثم أصبح برزان مسؤولاً عن ثروة صدام الخاصة لغاية عام 1995. وكانت هذه المهمة موكلة لشبكة من المقاولين الأجانب، لكن صدام قرر أن لا أحد في العراق يمكن أن يؤتمن بهذه المهمة غير برزان.
والف برزان كتابا يحمل عنوان ( محاولات أغتيال الرئيس صدام حسين )، يروي فيه تفاصيل مثيرة عن محاولات اكتشفها او قمعها جهاز المخابرات العراقي برئاسته، وهي محاولات أستهدفت اغتيال صدام حسين.

برزان.. متهم رئيسي

وتتهم منظمات حقوقية برزان بتعذيب وقتل معارضين لحكومة صدام وحملته مسؤولية القتل والاختفاء والترحيل القسري للعديد من الأقليات العرقية وخصوصا الأكراد.

كما انه أحد المتهمين في قضية الدجيل في محكمة الجنايات العراقية حيث أدلت أحدى الشهود اللائي لم تعرف هويتهن بأنه بعد اعتقالها، علقها برزان عارية من قدميها وضربها تكراراً. واتهم ايضا بإصدار أوامر بقتل نحو 148 شخصا عقب محاولة فاشلة لاغتيال صدام عام 1982.

القاء القبض على برزان

ويصف مسؤولو الولايات المتحدة الاميركية برزان التكريتي كعضو في quot;دزينة صدام القذرةquot;، المسؤولة عن التعذيب والقتل في العراق، حيث حمل الرقم 52 في قائمة المطلوبين التي وضعتها الولايات المتحدة خلال غزو العراق في آذار 2003.

وأعلن الجيش الأميركي في العراق إلقاء القبض عليه يوم 16 نيسان 2003، أي بعد أسبوع من احتلال بغداد.
وكان منزل برزان التكريتي في مدينة الرمادي التي تبعد بنحو 110 كليلومترات إلى الغرب من بغداد، قد تعرض للقصف من قبل للقوات الامريكية حيث ألقت ست قنابل ذكية أسقطت على منزله.

شنقا حتى الموت

وأثناء سير المحاكمة بدا برزان غاضبا ومشاكسا ويائسا، وكان قرار المحكمة الجنائية العراقية العليا الاعدام شنقا لبرزان يوم 5 تشرين الثاني 2006. ولزم الصمت حين سماع حكم الاعدام.

رسالة الى الرؤساء والملوك من داخل المحكمة

وبعث برزان من داخل المحكمة رسالة استنجد فيها بالعديد من القادة لاطلاق سراحه، لمعالجته من مرض السرطان، الذي تفشى في عموده الفقري، كما قال، مشيداً بقيم أميركا وبريطانيا!.
وقال برزان في رسالة نشرتها ( إيلاف ) في وقت سابق انه quot; انسان بريء من دون ذنب واقحم بموضوع ليس له علاقة بهquot;.

وقال في الرسالة : quot; انني أناشد الرئيس بوش باسم العدالة والمبادئ الديمقراطية ان ينظر الى حالتي الإنسانية ويأمر بإطلاق سراحي لتلقي العلاج اللازم. كما أناشد رئيس وزراء بريطانيا باسم العدالة التي تمثل قيم بريطانيا وتاريخها ان يتدخل لدى الحلفاء لاطلاق سراحيquot;.

وتابع في رسالته :quot; انني استصرخ روح الملك المغفور له الملك (فهد بن) عبدالعزيز وهو الى جوار ربه متمثلة بقيم ومبادئ الملك عبدالله بن عبدالعزيز العربية الأصيلة وشجاعته المعروفة ومبادئ العلاقة الاخوية التي تربطني مع جلالته ليتدخل في انقاذ حياة اخيه وصديقه لتلقي العلاج اللازم.
quot;وانني أناشد روح المغفور له الشيخ زايد آل نهيان وهو الى جوار ربه وبروح العلاقة المتينة التي تربطني به المتمثلة بأبنائه البررة الذين عرفتهم عن قرب وانهم أكرام، ان يعملوا على شيء لانقاذ حياة اخيهم وصديقهم وذكرى والدهم الطيب الذكر الشيخ زايد القائل: quot;انت واحد من أولاديquot;.

برزان وثروة صدام

ذكرت صحيفة ( تايم) الأميركية ان برزان كشف للمحققين الأميركيين الذين يستجوبونه في بغداد معلومات قيمة قد تقود إلى معرفة أرصدة لصدام تقدر بمليارات الدولارات. ويتهم الأميركيون برزان بمساعدة الرئيس العراقي على إخفاء ثروة وأرصدة خارج العراق تقدر بين مليارين و 7 مليارات دولار أو بما يزيد على ذلك.

ونسبت ( تايم ) إلى المحقق سكوت شنايدر الذي نقل جواً خصيصاً من الولايات المتحدة لاستجواب برزان أن الأخير ادعى مراراً، وكان احياناً يضرب بقبضة يده على المائدة، إنه تحدث علناً ضد نظام صدام، وقال إنه طالب المحققين الأميركيين بالبحث عن الوثائق التي تثبت مقاومته لدكتاتورية أخيه، وأكد المحقق إن برزان لم يظهر أي سوء نية تجاه الأميركيين، بل كان مهتما بمظهره الشخصي، إذ أبدى غضبه حيال دمعة جفت على بدلة (السفاري) التي يرتديها، ولوح بأصابعه ليشكو عدم السماح له بتقليم أظافره التي طالت.

وذكرت الصحيفة أيضا أن ( خدمة الضرائب الداخلية ) التابعة لوزارة الخزانة الأميركية، قررت إيفاد عملاء يمثلون ذراعها الأمني إلى قارات عدة لمتابعة الخيوط التي حصل عليها المحققون من استجوابهم لبرزان، على أمل العثور على مليارات صدام المخفية عن الأعين.

ثروة صدام بيد الارهاب

ويخشى المحققون والاستراتيجيون الأميركيون أن تجد أموال صدام، إذا لم يتم العثور عليها طريقها إلى جماعات مسلحة تشن هجمات على القوات الأميركية في العراق، كما أنهم يأملون باستخدام أي أموال يتم استردادها في تمويل برنامج إعمار العراق، ويقول ديفيد أوفهاوزر المستشار العام لوزارة الخزانة المكلف الإشراف على جهود اقتفاء ثروة الرئيس العراقي السابق أن أي مبلغ يستعاد منها ( يمكن أن يوفر الكتب التي تحتاجها المناهج الدراسية، في أنحاء العراق) وأضاف: (يجب علينا أن نثبت للعالم أنه لا يمكن السماح للسارقين والطغاة والمنبوذين باغتصاب ثروات شعوبهم من دون مساءلة). وعلقت مجلة (تايم) على ذلك بالقول (وهي عبارات تشبه تماماً ما يقوله برزان التكريتي هذه الأيام).

برزان لا يوافق صدام اعماله

وتقول مجلة تايم إن ادعاء برزان بأنه ندد بنظام صدام لا تسنده أدلة، إذ أن رسالة كتبها لأخيه في تسع صفحات عثر عليها المحققون ضمن أمتعة بعد القبض عليه لا تنطوي على عبارات شخص مستاء أو منتقد. وتشرح الرسالة التي بدا أنها كتبت إبان التسعينات وضع الأرصدة المالية التي وضعها صدام تحت تصرف أخيه، والسبل الكفيلة بإخفاء الأموال.

ويشرح برزان لاخيه في الرسالة كيف ينوي إخفاء الأرصدة المالية، و يختتم رسالته بالقول: (إنني على استعداد للقيام بأي شيء لزيادة مستوى ثقتكم بصحة علاقتنا التي نحيا ونموت من أجلها)، ويوقع الرسالة بعبارة (أخوك المخلص برزان).

برزان والارصدة العراقية المختفية

وبالرغم من حرص برزان على التحفظ في أقواله، إلا أنه، طبقاً لـ تايم، أشار إلى ضرورة إحداث إصلاحات سياسية في العراق، ويرى المحققون أنه على الرغم من حصول خلافات بين صدام وبرزان، خصوصاً إثر رفض الأخير اقتران نجله بإحدى بنات الرئيس العراقي، إلا أنه أضحى مسؤولاً عن الشؤون الخاصة بأموال صدام في الخارج منذ عام 1983، حيث تم نقله إلى جنيف مندوباً دائماً للعراق لدى المقر الأوروبي لمنظمات الأمم المتحدة، وكانت مهمته الأساسية إدارة شبكة مالية معقدة أتاحت توفير التمويل اللازم للرئيس العراقي خلال سنوات شهدت حروباً وعقوبات اقتصادية مؤلمة.

وذكر محققون غربيون استأجرت خدماتهم الحكومة الكويتية بعد حرب الخليج السابقة أن برزان قام بنشاط مكثف لتنسيق استعادة الأرصدة العراقية الموزعة خارج البلاد للحيلولة دون تجميدها أو مصادرتها، ونجح في إخفاء مبالغ ضخمة بعد فرض العقوبات على العراق لدى شركات يملكها أشخاص في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، ومن خلال تحويلات تتم عبر البنك المركزي العراقي.

وأشارت تايم إلى أن المحققين الأميركيين استخدموا رسالة برزان للرئيس العراقي ليحددوا، أثناء الاستجواب ما إذا كان صادقاً في أقواله وإفاداته، وسرعان ما خلصوا إلى أنه كان على الأقل صادقاً في جانب منها.