فالح الحمراني من موسكو: يتوجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم إلى الصين في زيارة تستغرق يومين بدعوة من الرئيس هو جين تاو .وسيجري الرئيس هو جين تاو وبوتين خلال الزيارة محادثات وسيتبادلان وجهات النظر حول مواصلة زيادة الشراكة الاستراتيجية والتعاونية الثنائية وحول القضايا الدولية والاقليمية الكبرى.وسيكون افتتاح عام روسيا في الصين الحدث الاهم في زيارة بوتين. يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن التعاون بين روسيا والصين يعمل على دعم الاستقرار الدولي.

ونقلت وكالة نوفستي عن بوتين قوله في حديث له اليوم لوكالة الأنباء الصينية إن السياسة الخارجية لكل من روسيا والصين ترتكز على مبادئ التفكير البراغماتي وحماية المصالح الوطنية.وأكد أن روسيا والصين تناصران إقامة نظام ديمقراطي للعلاقات الدولية على أساس تكافؤ الفرص.ولفت الرئيس الروسي إلى تنامي تأثير روسيا والصين في إنشاء نظام اقتصادي دولي جديد.وتنشط روسيا والصين حسب قوله في تطبيق أفكار التسامح والتوافق بين الجماعات الاثنية والدينية.وأكد أن الشراكة الاستراتيجية الروسية الصينية غير موجهة ضد البلدان الأخرى.

وتتمتع الصين وروسيا بشراكة استراتيجية وتعاونية توصف بquot;جيدة جداquot;، ويشمل التعاون الثنائي quot;جميع الابعادquot; بما فيها التعاون المهم فى مجال التسلح العسكري والطاقة.

وتدل تطورات العلاقات الروسية/ الصينية على انتقالها لنقطة تحول فاصلة في مواجهة نهج سياسة القطبية الواحدة الأميركية. فالجانبان الروسي والصيني يؤكدان في مختلف المحافل تمسكهما ببناء نظام عالمي يقوم على تعدد الاقطاب. وهو تأكيد ذو مغزى يرسم رؤيتين للعالم: الرؤية الأمريكية التي تتوخى وجود إمبراطورية على رأسها الولايات المتحدة، تتبعها بلدان quot;ديمقراطيةquot; وquot;حرةquot; تعتبر من أصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة، ورؤية الشعوب والبلدان التي ترفض هذه التركيبة الأحادية مفضلة التعددية التي تصون الخصوصية والأصالة .

ولم تكن روسيا والصين ترغبان بتعكير العلاقات مع أميركا حتى الآونة الأخيرة، لاسيما وان موسكو وبكين بحاجة ماسة لأميركا في الوقت الراهن، ولكنهما أدركتا انه لن يكون لهما مستقبل لائق في عالم القطب الواحد، فمصير دول كبرى ذات طموحات إقليمية في اطار مثل هذا النظام العالمي هو الانكماش والتفكك. وحاول كل منهما إلى عهد قريب إيجاد السبيل للخروج بشكل انفرادي، من الوضع الصعب. إلا ان شروع الأمريكيين في فرض نظامهم الجديد في الشرق الأوسط والقوقاز وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى يضطر أكبر دولتين اوراسيويتين إلى القيام بخطوات حاسمة، ودفعها في اتجاه الشراكة الإستراتيجية. ومثلت زيارة زعيم الحزب الشيوعي الصيني لموسكو في اغسطس الماضي خطوة نحو بدء شراكة جيوسياسية جادة.

ومن الواضح أن أحداث العامين الأخيرين في الساحة السوفيتية سابقا ونشوب الثورات البرتقالية اثرت بالصين وروسيا . فقد دلل وجود خيط أمريكي في أحداث جورجيا وأوكرانيا وقيرغيزيا واوزبكستان على ان الولايات المتحدة بصدد إعادة ترتيب الساحة السوفيتية سابقا بما يخدم مصالحها الإستراتيجية ويضر بمصالح روسيا والصين.

واعتبر ما حدث في كييف بمثابة صفعة موجعة لموسكو بينما استشعرت بكين خطورة أحداث بشكيك وانديجان، إذ يؤثر نشاط الأميركيين والقوى الموالية لهم في هذه المنطقة على إقليم سنكيانج الصيني ومنطقة تبت. وهكذا تدفع السياسة الأمريكية الخشنة والمتشددة في اوراسيا، روسيا والصين إلى إنشاء تحالف جيوسياسي.

ومن الطبيعي ان يحاط المحور الأساسي للعلاقات الروسية ـ الصينية بمشاريع جانبية.. يشمل التعاون في مجال النفط والتعاون في تحقيق طفرة تكنولوجية ومشاريع إنسانية مشتركة. وتقرر ان يكون عام 2006 عام روسيا في الصين بينما يكون عام 2007 عام الصين في روسيا. ان التقارب الروسي/ الصيني على محور أساسي يرتبط بالهوية الإستراتيجية وأيضا التوتر المتنامي في العلاقات مع الولايات اضفى على ذلك التعاون مواصفات وجعلها تبدو اكثر من إجراءات دبلوماسية شكلية .

ويواجه التحرك المحتمل نحو إنشاء تحالف كهذا، مشكلة خطيرة تتمثل في الغزو السكاني الصيني لسيبيريا والشرق الأقصى الروسي، ومن الواضح ان الهجرة الصينية ليست عفوية، ويرى محللون ان بكين تفهم انها لن تستطيع تحقيق طفرة اقتصادية ولن تقدر على منافسة الولايات المتحدة في القرن الواحد والعشرين إلا عندما تعتمد على موارد سيبيريا.