إيلاف من بيروت: المعنى الوحيد للديموقراطية عند الجنرال الإجماع على شخصه للرئاسة وعباراته لا تليق برجل في موقع المسؤولية السياسيـة منذ فترة طويلة، وتحديداً منذ لحظة عودته إلى بيروت يقوم العماد ميشال عون بالتأسيس لخطاب سياسي عدائي تجاه تيار المستقبل ورموزه السياسية، في وقت تجنبنا الخوض معه في أي سجال ضناً بالمصلحة العليا للبلاد وتوفيراً لمقومات وحدة وطنية مطلوبة في كل وقت.

إلا أن العماد ميشال عون يصر مع الأسف الشديد على خوض معارك وهمية على قاعدة quot;أنا أو لا أحدquot; معتبراً أن المعنى الوحيد للديمقراطية هي الإجماع حول شخصه مرشحاً أوحد لرئاسة الجمهورية، وأن الدكتاتورية هي كل ما يخالف ذلك من تنافس ديمقراطي على الموقع الأول في الدولة اللبنانية ضمن المؤسسات الدستورية.

وقبل جلسة الحوار الأخيرة، أدلى العماد عون بحديث إلى صحيفة quot;الرأي العامquot; ما لبث أن تراجع عنه معتذراً، وهو عاد أمس، قبل الجلسة المرتقبة في 28 من الشهر الجاري، ليكرر طريقته في التحامل والتجني على الآخرين، واستخدام الأوصاف التي لا تليق برجل في موقع المسؤولية السياسية، وذلك عبر حديث تلفزيوني، تضمن هجوماً شخصياً غير مبرر وإسفافاً غير مألوف في معرض حديثه عن رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري، إذ وصفه بأنه quot;غير ناضجquot; وبأن quot;لديه نوعاً من اللاوعي في ممارسة الديكتاتوريةquot;.

إن تيار المستقبل يأسف لبلوغ العماد عون هذا الدرك في مستوى خطابه السياسي، وإن كان يتفهم الحالة العصبية التي تنتابه إزاء إعلان عدد من القيادات المارونية المحترمة ترشيحها لمنصب رئاسة الجمهورية، بعد أن وفرت مواقف العماد عون الغطاء لإستمرار العماد إميل لحود في رئاسة ممدة بطريقة غير شرعية وغير دستورية بقوة الإكراه على يد نظام الوصاية الأمنية السورية على لبنان.

وإذا كان العماد عون يستغل بطريقة رخيصة الظروف المأساوية المفاجئة والمعروفة التي تسلم فيها النائب سعد الحريري مسؤوليته السياسية بعد جريمة 14 شباط الإرهابية الني أودت بحياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لإطلاق أحكام بشأن النضج أو غيابه، فإننا لا نجد مبرراً لهذه المراهقة السياسية التي يمارسها العماد عون، سوى انعدام قدرته على تقبل المنافسة الديمقراطية المشروعة على منصب الرئاسة الأولى.

أما كلام العماد عون حول quot;اللاوعي في ممارسة الدكتاتوريةquot; المستعار من علم النفس الفرويدي الذي يبدو أنه شديد الإطلاع عليه، فيبدو إسقاطاً لممارسة عسكريتارية مترسخة عند العماد، سبق للبنان أن دفع ثمناً باهظاً لها ومازالت ذكراها محفورة في بيوت اللبنانيين ومصالحهم وأجسادهم والأرواح. وعندما يسأل عن الفارق بين تصرف الأكثرية والنظام السوري، فإننا نسأله إذا كان يظن فعلا أن محاولته الفاشلة للتنويم المغناطيسي الجماعي من شأنها أن تنسي اللبنانيين تصرفات هذا النظام في لبنان، ومن ضمنها على سبيل المثال لا الحصر إرساله إلى المنفى الذهبي في باريس وقمع الشباب الوطني في 7 آب 2001، وصولا إلى التمديد وما تبعه من جرائم إرهابية أودت بكوكبة من شهداء الحرية والسيادة والإستقلال، وهي شعارات يبدو أن ذاكرة العماد عون الإنتقائية قد قررت تنحيتها جانباً.

إننا نترك للحكومة اللبنانية أن تجيب العماد عون على اتهامه لها بأنها quot;تعاني من مرض رفضها المشاركة في السلطةquot;، علماً أن مرض رفض أي تنافس ديمقراطي على السلطة بات مستشريا عند العماد، وهو مرض يبدو مع الأسف أنه سيتفاقم ما دام الإستحقاق الرئاسي مطروحاً، ومادام هناك دستوراً يحكم الحياة السياسية في لبنان، ومادامت هناك مؤسسة تشريعية تمثل المكان الصحيح والوحيد لطموح العماد عون وسائر المرشحين إلى سدة الرئاسة الأولى.

أخيراً، إن تيار المستقبل إذ يعترف بأن العماد ميشال عون لا يحركه سوى شبقه الغرائزي للسلطة، فإنه ينبه العماد إلى أن اللبنانيين والشرفاء العديدين منهم في التيار الوطني الحر، لن ينجروا خلف نظرية quot;الغاية تبرر الوسيلةquot; وقد بدأو يسألونه كيف يأمل بالحصول على دعمهم لتحقيق غايته الوحيدة التي تبرر له كافة الوسائل مهما بلغت انخفاضاً، آملا في رئاسة بلد ديمقراطي من دون أي قدرة على تحمل النقد الديمقراطي من وسائل الإعلام أو التنافس الديمقراطي ضمن المؤسسة الدستورية مع أي مرشح غيره، ما يدفعه للأسف الشديد إلى الهبوط إلى درك في الغوغائية المكشوفة والطائفية المقنعة ننصحه بالتحسب جيداً لكلفتها عليه وعلى لبنان واللبنانيين.

من جهة ثانية، أعلن 41 عضوا في الهيئة التنفيذية لـ quot;التيار الوطني الحرquot; في بلدة ببنين في عكار انسحابهم من التيار، وتجمعوا في ساحة البلدة وتلا يوسف المصري بيانا باسمهم عزا فيه سبب الانسحاب الى quot;تهميشهم في انتخابات التيار في عكار وعدم تمثيلهم في هيئات الحزب مما انعكس لونا طائفيا وتغييبا لشريحة من اللبنانيينquot;.