صور و أعلام و لافتات ترحيبية
المكلا اليمنية تتزين لاستقبال الأمير سلطان

(المكلا) تشهد تأصيل العلاقات السعودية اليمنية

محمد الخامري من صنعاء : بدأت منذ وقت مبكر من هذا الشهر أيار quot;مايوquot; الاستعدادات الرسمية للسلطات المحلية بمحافظة حضرموت لتهيئة مدينة المكلا الجميلة الرابضة على سواحل بحر العرب لاستقبال ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود الذي من المقرر أن يصل إليها اليوم الخميس على رأس وفد يضم 16 وزيرا سعوديا بينهم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وكذا الوزراء الأعضاء في مجلس التنسيق السعودي اليمني.

: بدأت منذ وقت مبكر من هذا الشهر أيار quot;مايوquot; الاستعدادات الرسمية للسلطات المحلية بمحافظة حضرموت لتهيئة مدينة المكلا الجميلة الرابضة على سواحل بحر العرب لاستقبال ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود الذي من المقرر أن يصل إليها اليوم الخميس على رأس وفد يضم 16 وزيرا سعوديا بينهم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وكذا الوزراء الأعضاء في مجلس التنسيق السعودي اليمني.

وشهدت العديد من المرافق والمناطق السياحية حركة دؤوبة للنظافة وإعادة الترميم والإعداد الجيد بالصور والأعلام واللافتات الترحيبية بالضيف الكبير خصوصاً بعد الإعلان رسمياً في كلا البلدين عن الانتهاء من كافة الأمور المتعلقة بالشأن الحدودي بين الدولتين ووضع كل العلامات الحدودية المتفق عليها والبالغة (666) علامة على طول الخط الحدودي منها (316) علامة رئيسية و(150) علامة فرعية و(200) علامة إرشادية، وذلك على طول الحدود الفاصلة بين البلدين والبالغ طولها (1326) كلم من أقصى الغرب في جزيرة ميدي وجبل الثار إلى الربع الخالي شرقاً، والانتهاء كذلك من مشروع الترسيم والأعمال الفنية التي تخص إعداد الخرائط للمنطقة الحدودية بين السعودية واليمن والتي سيتم إيداعها في الأمم المتحدة بعد التوقيع عليها خلال زيارة الأمير سلطان بن عبد العزيز اليوم لليمن.

احدى اللافتات الترحيبية
وكان المهندس هشام شرف عبدالله وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي قال في تصريحات رسمية نشرت هنا في صنعاء إن اجتماعات مجلس التنسيق اليمني السعودي ستشهد التوقيع على أجندة اتفاقيات وبرامج تنفيذية في المجالات الإنمائية وبتمويلات تصل إلى 600 مليون ريال سعودي لمشاريع التنمية في اليمن، موضحاً أن أجندة الاتفاقيات ستتضمن التوقيع على أربع اتفاقيات قروض لتمويل مشاريع بمبلغ إجمالي قدره 334 مليونا و100 ألف ريال وتشمل هذه الاتفاقيات اتفاقية قرض لتمويل طريق (حيدان - الجمعة - المنزالة ) بمحافظة صعده بتكلفة 90 مليون ريال واتفاقية قرض تمويل مشروع طريق (مجز غمر - رازح) بمبلغ 26 مليون ريال سعودي ، مضيفا أنه سيتم التوقيع على اتفاقية قرض إضافي لتمويل مشروع الطرق الرئيسة في مناطق مختلفة بمبلغ 118 مليون ريال وأخرى لتمويل وتنفيذ عدد من مشاريع قطاع الكهرباء بمبلغ 100 مليون ريال.

وبالعودة إلى التاريخ ففي محافظة حضرموت قامت واحدة من الدول اليمنية القديمة، التي بدأ ازدهار حضارتها في النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد والتي ارتكزت في اقتصادها على تجارة اللبان، حيث كانت الموطن الأوسع لزراعته بالإضافة إلى تجارتها عبر البر والبحر لدرجة أن أحد ملوكها وصف بـquot;ملك اللبانquot;.

كما اهتمت بالزراعة وعمرت المدن والسدود والقنوات والصهاريج وأمنت طرق القوافل، وشيدت معابد القمر سين في عاصمتها شبوة إلى أن فقدت أسباب قوتها بعد كساد تجارتها، بسبب تحول طريق التجارة من المشرق لوسط الهضبة اليمنية الذي كان يبدأ من عدن عبر ظفار وصنعاء حتى مكة.

وفي أواخر القرن الثالث الميلادي، أكمل الملك الحميري quot;شمر يهرعشquot; بسط نفوذه على مناطق الدول اليمنية القديمة، وأعلن لقبه الجديد quot;ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمانةquot;.

وتتميز محافظة حضرموت بتضاريس جغرافية غاية في التكامل تعكس مقومات سياحية غنية متنوعة، تتوزع بين سهول ساحلية وشواطئ مترامية تطل على البحر العربي وبين جبال وهضاب يصل ارتفاعها إلى 2000م فوق مستوى سطح البحر ومساحات واسعة من الربع الخالي، وفيها وادي حضرموت الذي يعتبر أكبر الأودية وأخصبها في شبه الجزيرة العربية حيث يبلغ طوله 165 كلم ، وتقدر مساحة حضرموت بـ 155459كلم مربع.

مدينة المكلا
أما مدينة المكلا التي تتزين حالياً لاستقبال الضيف السعودي الكبير فقد كانت تسمى قديماً (بندر يعقوب) وهي عاصمة محافظة حضرموت وتعتبر إحدى الموانئ البحرية على مشارف البحر العربي، ولا تزال المدينة الساحلية الوحيدة التي تحمل عماراتها الطابع المميز الأصيل وهو نمط يجمع بين عناصر المعمار اليمني والعربي ونمط جنوب شرق آسيا.

وتقع مدينة المكلا على ساحل البحر العربي إلى الشرق من عدن ، وتبعد عنها بنحو (1080 كم) ، وقد أقيمت في منطقة سهلية بين البحر والجبل ، وظهور هذه المدينة وتاريخها بدأ في مطلـع القرن الخامس الهجري ـ الحادي عشر الميلادي ، إذ بدأ تأسيسها أو بمعنى آخر الاستقرار في موقعها في السنة (1035 ميلادية) عندما بدأت تتوارد أخبارها في المصادر الإخبارية ، ويرجع المؤرخ الحضرمي صالح الحامد أن هذه المدينة هي المدينة التي بناها الملك المظفر الرسولي بعد سنة (670هـ) ، وجعلها مدينة حصينة إذ قام ببناء الحصون حولها والأسوار الضخمة المنيعة ، وكانت تسمى قديماً بـ quot; الخيمة quot; في المصادر التاريخية ، ولم تعرف باسمها الحالي (المكلاء ) إلا عند إنشاء الإمارة الكسادية في سنة (1115هـ) ، ثم ازدادت شهرتها ومكانتها عندما اتخذتها السلطنة القعيطية حاضرة لها في سنة ( 1915م) ، وأقام بها السلطان واتخذها مقراً للحكم ، وتمتاز المكلا بطابعها المعماري المميز بروعة مآذنها ومبانيها البيضاء التي ترتفع إلى أربعة طوابق مشرفة على حافة شاطئ البحر ، ثم ترتفع هذه المباني تدريجياً متسلقة الجبل الذي يقف وراءها شامخاً ، ويعرف بقارة المكلا ، وقد حباها الله بشواطئ رملية فضية ناعمة محاطة بالبساتين الخضراء المريحة للناظرين ، ومن أشهر معالمها قصر السلطان القعيطي ، وحصن الغويزي ، والمكتبة السلطانية.

1- قصر السلطان القعيطي :
يقع هذا القصر فوق لسان يمتد على الساحل عند بداية مدخل المكلا الرئيسي والذي كان يعرف قديما بـ ( بدع السدة ) ، أقيم هذا القصر في سنة ( 1925م ) في عهد السلطان غالب بن عوض القعيطي ، ويتكون من ثلاثة أدوار يحيط به سور بمساحة كبيرة وبناؤه متأثر بطابع العمارة الهندية الذي كان شائعا في ذلك الوقت، وحاليا تم استغلال القصر كمتحف يضم قطعاً أثرية إضافة إلى مخلفات سلاطين الدولة القعيطية .

ـ مكونات متحف المكلا :
ينقسم المتحف إلى قسمين من حيث العرض المتحفي :

أ- قسم الآثار القديمة :- ويضم كثيراً من القطع الأثرية والنقوش والعملات القديمة التي يعود تأريخها إلى عصور ما قبل الإسلام ، وهي التي عثر عليها من مواقع مختلفة من محافظة حضرموت ، ومنها قطع أثرية عثر عليها أثناء حفريات البعثة الأثرية اليمنية الفرنسية في مدينة شبوة القديمة ، وقطع أثرية عُثر عليها وجلبت من حفريات البعثة الأثرية اليمنية السوفيتية أثناء مسوحاتها الأثرية في مستوطنات وادي حضرموت القديمة والمهرة .

ب- القسم الخاص بالسلطان : يحتوي هذا القسم على جناح السلطان القعيطي الذي يستقبل فيه الوفود ، ويعقد فيه الاجتماعات الخاصة بمجلس إدارة الدولة ، وقاعة العرش ، وهي تحتوى على نماذج من التحف النادرة وأدوات كانت متعلقة بشخصية السلطان ومعظمها مصنوعة من الفضة مثل كرسي العرش ، ومنها تحف مطرزة بالذهب وغيرها .

2- حصن الغويزي :
يقع حصن الغويزي أمام مدخل مدينة المكلا الشمالي الشرقي ، وقد أقيم على صخرة تشرف على الوادي والطريق المؤدي إلى مدخل المدينة الشمالي الشرقي ، ويعود تاريخ إنشائه إلى سنة (1716م) في عهد السلاطين آل الكسادي ، وكان الهدف من إنشائه مراقبة الغارات العسكرية القادمة من اتجاه الشمال خاصة تلك الغارات التي كانت تشنها السلطنة الكثيرية التي اتخذت حينها من مدينة سيئون حاضرة لها ، ثم الغارت التي كانت تشنها السلطنة القعيطية التي كانت تتخذ من الشحر حاضرة لها ، وبعد استيلائها على المكلا اتخذتها كعاصمة لها بدلاً عن الشحر العاصمة الأولى ، ويتكون الحصن من دورين ـ طابقين ـ بالإضافة إلى بناء جدران فوق الدور الثاني إلا أنه ذو سقف مكشوف يصل ارتفاعه إلى ( 20 متراً ) ، يتم الصعود إليه عبر درج مرصوفة تصل إلى بوابته التي أقيمت في الجهة الشمالية ، ويبلغ اتساعها (1.20 متر ) ، وقوامه من مواد البناء المحلية وبالطابع التقليدي ، وأساساته الأرضية مبنية بالأحجار المهندمة أو غير مهندمة وبقية المبنى باللبن المخلوط بالتبن ، وسقوفه أقيمت على جذوع النخيل ، وقد طليت مؤخراً جدرانه الخارجية بمادة الجص .
يتكون الدور الأول من عدة غرف ، وعلى جدرانه الخارجية نوافذ عدة منشورية الشكل من جميع الاتجاهات ، والدور الثاني يتميز بنوافذه المتسعة ، أما سطح الحصن فمحاط بحاجز يصل ارتفاعه إلى (1.50 متر) عن مستوى السطح ، وعلى بعد (30 متراً) باتجاه الشمال الشرقي من الحصن يوجد صهريج للماء ـ خزان ـ أقيم بهيئة مبنى ، يرتفع عن مستوى الأرض (1.20 متر ) تحيط به قناتا مياه من الجهتين الجنوبية والغربية مبنية بالأحجار والقضاض كان الغرض منها تزويد الحصن بالمياه ، وإلى الغرب من الحصن توجد بناية أنشئت مؤخراً بالمقارنة مع تاريخ بناء الحصن شيدت باللبن فوق أساسات مبنية بالأحجار المهندمة أو غير المهندمة ، كما شيدت بعض أجزائها بأحجار أكبر حجماً من أحجار الحصن ، وقد طليت جدرانها بالجص ، وربما أن هذه البناية هي حصن دفاعي آخر إلى جانب حصن الغويزى الذي كان بمثابة حراسة لبوابة مدينة المكلا التي اندثرت مؤخراً .

3-المكتبة السلطانية :
تقع المكتبة في وسط مدينة المكلا ، وقد أقيمت فوق سقف مسجد عُمر ، وكان تأسيسها سنة (1941م) في عهد السلطان القعيطي صالح بن غالب القعيطي الذي زودها بالكتب والمراجع والدوريات التي اقتناها من الهند والمكتوبة باللغات الأجنبية والعربية ، وبعد الاستقلال في سنة (1967م) ، أضيف إليها مجموعة الكتب والمطبوعات التي كانت بمكتبة الجماهير ، وتم تغيير اسمها بعد ذلك من المكتبة السلطانية إلى المكتبة الشعبية ثم تحولت هذه المكتبة فيما بعد تحت إشراف المركز اليمني للأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف ، وبعد الوحدة اليمنية المباركة عام (1990م) أصبحت تحت إشراف مكتب الهيئة العامة للآثار والمخطوطات والمتاحف فرع المكلا ، تحتوي حالياً على ما يزيد عن أثني عشر ألف كتاب تتوزع في شتى نواحي العلوم والمعارف بمجالاتها المختلفة ، أما المخطوطات التي كانت من ضمن ممتلكات المكتبة فقد تم نقلها إلى مكتبة الأحقاف في تريم.