بهية مارديني من دمشق : بوجود معارضين سوريين واخرين مقربين من السلطة السورية انهى الكونغرس السوري الأميركي مؤتمره السنوي الأول والذي عقد في اواخر الشهر الماضي في الولايات المتحدة الامريكية تحت شعار دور الجالية السورية في الإصلاح السياسي والإقتصادي في سورية.

وتوزعت أعمال المؤتمر على جلسات أربعة. فناقشت الجلسة الأولى الواقع المتجدد والتحديات التي تواجه سورية. فقدم الدكتور مرهف جويجاتي، الخبير بشؤون الشرق الأوسط، مدير دراسات الشرق الأوسط بجامعة جورج تاون في واشنطن، عرضا لتغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية خلال العقدين الماضيين. كما استعرض أستاذ تاريخ الشرق الأوسط والخبير بالشؤون السورية بجامعة ترينيتي بسان أنتونيو الدكتور ديفيد ليش عهد الدكتور بشار الأسد ومجال التغيير. وركز تدخل الأستاذ جاد الكريم الجباعي وهو كاتب وناشط سوري الذي نقل حديثه مباشرة من دمشق على العقبات التي تقف في وجه التغيير. فأكد الأستاذ الجباعي على وجود رؤيتين للإصلاح quot;الأولى ترى الإصلاح على أنه عملية صيانة (تصليح) أو ترميم أو تحسين أو تجميل للنظام أو للعمارة السياسية ودعائمها الاقتصادية والإدارية والتنظيمية، في حين تنطلق الثانية من النظر إلى الإصلاح على أنه عمل تاريخي بطيء ومتدرج وتراكمي، ينطلق من ممكنات الواقع ويذهب نحو المستقبلquot; .

أما الجلسة الثانية فقد عقدت لمتابعة خطط التغيير عند كل من الحكومة والمعارضة. فاعتبر الدكتور محمد حبش، عضو في البرلمان السوري ومدير مركز الدراسات الإسلامية في دمشق وهو مقرب من السلطة السورية ، أن الشعب السوري قد اختار القيادة القائمة لأن البديل هو الفوضى العراقية. وقد رفض الدكتور نجيب الغضبان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أركانساس وهو قريب جدا من جماعة الاخوان المسلمين في سورية ، هذا الطرح معتبرا انها محاولة لإرهاب الشعب السوري في سعيه نحو الديمقراطية وأن الفوضى سيكون سببها استمرار غياب الديمقراطية وتكرس العزلة الداخلية والخارجية للسلطة وتفردها بالقرار السياسي.

وتناولت الجلسة الثالثة دور الجالية السورية في دعم التحول الديمقراطي، فأكد الدكتور رضوان جودت زيادة، مدير مكتب دمشق لدراسات حقوق الإنسان، على ضرورة العمل لإعادة سيادة القانون في سورية وأهمية احترام حقوق الإنسان. كما بين أنه لا يمكن أن تتحقق عدالة ووحدة وطنية ما دام هناك غياب للقانون وسيطرة لأحكام قانون الطوارئ المستمر منذ ما ينيف عن أربعين عاما. واستعرض الدكتور رضوان مصمودي، رئيس مركز دراسات الإسلام والديمقراطية في واشنطن، أهمية التعاضد بين القوى الديمقراطية في العالم العربي، وقدم الدكتور لؤي صافي، رئيس المجلس في الكونغرس السوري الأمريكين بحثا في ضرورة بناء ثقافة الديمقراطية كشرطا ضروريا لنجاح التحول الد يمقراطي.

هذا وقد تخلل اللقاء غداء عمل حيث ألقى الأستاذ ليث كبة ndash;مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المؤسسة الوطنية للديمقراطية- كلمة حول الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي. وبين في كلمته أن هذا الإصلاح السياسي القادم حاجة شعبية وضرورة عملية سيؤدي تجاهلها من قبل أي نظام عربي إلى إنهيار داخلي وتسلط خارجي، وبالتالي فإنه يتجاوز في جديته وحتميته تصورات البعض ورغباتهم في الحفاظ على الواقع القائم. وكان الدكتور طلال سنبلي قد نوه على أهمية دور الكونغرس في هذه المرحلة في تفعيل الجالية السورية وتنشيط دورها بما فيه خير الوطن.

وكرست الجلسة الأخيرة للنقاشات العامة حول الكونغرس السوري الأمريكي فقدم كل من الدكتور طلال سنبلي رئيس الكونغرس والدكتور لؤي صافي رئيس المجلس في الكونغرس لمحة عن فكرة الكونغرس وأهدافه. وشارك الجميع بتقديم رؤاهم واقتراحاتهم حول أولويات الكونغرس وخطط العمل المستقبلية.

لقد أكدت مشاركات الحضور على الضرورة الملحة لهذا النشاط، فقد اعتبر قداسة الأب موريس عمسيح راع كنيسة يحيى المعمدان للأورثودوكس السوريين- فيلا بارك إلينوي- بأن المؤتمر فرصة رائعة لجمع الشمل والعمل يدا بيد لما فيه خير البلد. وأكد بأنه من واجب جميع أبناء الجالية العمل معا من أجل اعطاء نظرة صحيحة عما يجري في المغترب لأبناء الوطن. وأكد قداسة الأب موريس بأنه من واجب جميع ألوان الطيف السوري أن تعمل من خلال الكونغرس السوري الأمريكي لتعكس صورة جلية عن الوطن بألوانه المتناسقة، فبلدنا هو وطن التعايش والمحبة والسلام، ومثال دور quot;فارس الخوريquot; وتصدره للعمل السياسي بعيد الإستقلال قلما تجده في المجتمعات الأخرى. وقد أكد الأستاذ محمود هرموش عضو المجلس من كاليفورنيا هذه الحاجة لأن يضم الكونغرس جميع السوريين بكل خلفياتهم.

وأكدت الآنسة مورين حافظ بأنه من الواجب الإهتمام بمشاركة المرأة السورية في نشاطات الكونغرس وأن هذه المشاركة لم تكن كافية في أعمال المؤتمر. فحضور المرأة السورية ومساهماتها يجب أن يكون اولوية أصيلة.

ومن ناحية أخرى أكد الدكتور سامي الأتاسي بأنه علينا أن نمارس الديمقراطية واحترام الرأي الآخر في عملنا من خلال الكونغرس بحيث نتمكن من إنشاء المثال الديمقراطي الصالح. وعبر الاستاذ باسل طباع عن أهمية التفريق بين المعارضة والكونغرس السوري الأميركي. فالكونغرس منظمة تشمل جميع السوريين دون تمييز بين خلفياتهم الدينية والحزبية والفكرية. أما الدكتور حارث الرداوي فقد أكد بأن الوضع الراهن أمر غير مقبول. وأنه على الكونغرس إن يعمل على توحيد الصف والإجتماع على مبدء التعددية والشمولية لكل الأطراف.

وشابت مشاعر السرور بأعمال المؤتمر الأسف الكبير على حملة الإعتقالات التي تمارسها الحكومة في سورية هذه الأيام. وقد كان السؤال الأكثر ترددا بين الحضور لماذا تتمكن الجالية السورية من الإجتماع ونقاش قضاياها بحرية كاملة في أي مكان من العالم عدى سورية؟ وقد طالب الاستاذ موفق حمودة المؤتمرين بتوجيه خطابا للرئيس السوري بشار الأسد مطالبين بوقف فوري للعمل بالأحكام العرفية وقانون الطوارئ. كما طالبهم بانشاء صندوق تبرعات خاص بالسجناء السياسيين في سورية للدفاع عنهم وتأمين كفاية أسرهم. أما الدكتور فهمي خير الله فقد طالب المؤتمر باتخاذ مواقف حازمة ورافضة لممارسات السلطات السورية. وقد طالب الدكتور نجيب غضبان الدكتور الأسد بإيقاف حملة الإعتقالات و إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين.

وعبرت بعض المداخلات عن أهمية دور الكونغرس في التنمية الإقتصادية، فقد أكد الحضور على أهمية مشاركة الكونغرس بالعمل الإجتماعي والخيري في القطر وإن هناك الكثير من المشاريع التي يمكن للكونغرس المشاركة فيها لتطوير الحالة في القطر. وقد أشاد السيد عمر الدويدري بقرار الكونغرس السوري الأمريكي بعدم قبول أي مساعدات مالية إلا من أعضاءه. وأنه من الضروري لأبناء الجالية أن تقدم الدعم المادي للكونغرس عن طريق التزاما شهريا مناسبا يؤمن للكونغرس استقرارا ماليا و يعينه على المحافظة على استقلاله.