رئيس quot;محامون بلا حدودquot; يستبعد النفي اوالبراءة
قراء quot;ايلافquot; يتوقعون الإعدام لصدام

أسامة مهدي من لندن: في حين توقع اكثر من نصف المشاركين في استفتاء quot;ايلافquot; الاعدام للرئيس العراقي السابق صدام حسين في قضية الدجيل التي تنظر فيها المحكمة الجنائية العليا حاليا فان المحامي والقانوني العراقي رئيس منظمة quot;محامون بلا حدودquot; خالد عيسى طه اكد في حديث مع quot;ايلافquot; انه مع هذا التوقع استنادا الى مواد القانون العراقي الصادرعن سلطات صدام نفسه والتي تحكم بأقسى العقوبات المشددة ضد الجاني مرتكب اكثر من جريمة في وقت واحد لكنه استبعد النفي لعدم وجود نص به في القانون واصفا توقعات البراءة بانها مجرد تمنيات .

وقد سجل استفتاء quot;ايلافquot; الاسبوعي مشاركة 8996 قارئا ادلوا بارائهم حول توقعاتهم في الحكم الذي ستصدره المحكمة الجنائية العراقية ضد الرئيس العراقي السابق في قضية اعدام 148 مواطنا من ابناء بلدة الدجيل (60 كم شمال بغداد) اثر تعرضه لمحاولة اغتيال فيها عام 1982 . واظهرت نتائج الاستفتاء ان 53% من المشاركين فيه قد توقعوا ان تصدر المحكمة حكما بالاعدام على صدام حسين فيما راى 29% منهم ان النفي هو الحكم الذي سيواجهه بينما قال 18 % انهم يتوقعون البراءة له .

مبررات التوقعات بالاعدام
ومن الواضح ان هناك سببين لموقف القراء الذين توقعوا الاعدام للرئيس المخلوع والذين بلغت نسبتهم 53% أي اكثر من نصف المشاركين بقليل .. اولهما سياسي : حيث ان الكثيرين يعتقدون ان حكام العراق الجدد وهم الذين ناضلوا ضد صدام حسين لسنوات طويلة وذاقوا مع ابناء الشعب العراقي الامرين من ظلمه عازمون لذلك على التخلص منه ولانهاء معارضة انصاره الذين حمل بعضهم السلاح ضد النظام الجديد وما زالوا يعتقدون انهم قادرون على اعادة عقارب الساعة الى الوراء . والثاني يتعلق بالادلة التي قدمها جعفر الموسوي رئيس هيئة الادعاء العام في مطالعته الطويلة التي قدمها امام المحكمة الاثنين الماضي . فقد اشار الموسوي الى انه يطلب الاعدام لصدام حسين نظرا لانه اعترف بانه كان مسؤولا عن التحقيق ولوجود تسجيل صوتي وتسجيل فيديو قدم للمحكمة يصرح فيه الرئيس السابق انه لا يعنيه من يموتون اثناء التحقيق واتصال هاتفي بينه وبين نائبه طه ياسين رمضان يطلب منه فيه تنسيق عمليات القمع وتسجيل للقاء بين صدام وزعماء قبائل يبرر فيه القمع ضد اهالي الدجيل . وكذلك توقيع صدام تأييدا لاحكام الاعدام التي صدرت ضد 148 من اهالي الدجيل اضافة الى اعترافه بانه امر بتدمير مزارع الدجيل بعد الهجوم على موكبه عام 1982 .. كما ان صدام كان القائد الاعلى لقوات الامن التي قامت بعمليات القمع ضد اهالي الدجيل.
ومن الواضح ان القراء قد رأوا ان هذه ادلة دامغة تجرم صدام وبالتالي فانها ستقود المحكمة الى اصدار حكم باعدامه .

.. دوافع الاعتقاد بالنفي
اما الذين عبروا عن اعتقادهم بان المحكمة ستصدر حكما بنفي صدام حسين وبلغت نسبتهم 29% فانهم لايعرفون على مايبدو ان القانون العراقي لايحتوي على أي مادة تجيز الحكم بالنفي لكنه من الواضح انهم بنوا موقفهم هذا لسببين : الاول يتعلق بايمان البعض بنظرية المؤامرة واعتقادهم بان هناك تواطؤا بين الاميركان والرئيس السابق الذي اتاحت ممارساته لهم احتلال العراق والسيطرة على المنطقة بالقوة العسكرية ولذلك فانهم سيكافئونه بالنفي لتخليصه من الاعدام . اما الثاني فانه بني على ما يبدو على ماكشفه خليل الدليمي رئيس هيئة الدفاع عن صدام حسين لquot;ايلافquot; قبل ايام عن عرض قدمه الاميركان لصدام بالاختيار بين الاعدام والنفي. فقد اوضح الدليمي ان جنرالا اميركيا لم يذكر اسمه اجتمع مع الرئيس السابق في معتقله بمطار بغداد في ضواحي بغداد مؤخرا وعرض عليه الاختيار بين الاعدام او النفي قائلا ان عليه الاختيار ان يكون كنابليون بونابرت رئيس جمهورية فرنسا منتصف القرن الثامن عشر او كومسليني رئيس جمهورية ايطاليا في الحرب العالمية الثانية عام 1945 في اشارة الى نفي الاول الى جزيرة يانت هيلينا النائية لدى خسارة فرنسا الحرب ضد روسيا منتصف القرن الثامن عشر والى اعدام الثاني لدى خسارة ايطاليا حليفة المانيا خلال الحرب العالمية الثانية عام 1944 .

تمنيات بالبراءة
لقد شكلت نسبة الذين توقعوا الحكم ببراءة صدام حسين الاقل بين النسبتين الاخريتين وسجلت 18% من المشاركين وانها جاءت من مؤيدين للرئيس السابق او متعاطفين معه او حانقين على الاوضاع العراقية الراهنة.

فالذين يؤيدون او يتعاطفون مع الرئيس العراقي السابق عبروا عن تمنياتهم لمصيره من خلال رايهم بانه لم يرتكب جرما يخالف القانون وانه تصرف بالشكل الصحيح حين عاقب من حاولوا قتله بايعاز من حكومة دولة اجنبية هي ايران التي كانت تخوض ضده حربا ضروس بدأت عام 1982 واستمرت ثمانية اعوام فارادت كسبها بالتخلص منه وهو امر ظل محامو الدفاع يكررونه في جلسات المحكمة الخمسة والثلاثين السابقة وهو ماتناغم معه ايضا شهود الدفاع الذين ادلوا باقوالهم امام المحكمة وكان عدد منهم من اركان نظام صدام حسين ومساعديه المقربين . ومن المحتمل ايضا ان يكون البعض ممن توقعوا البراءة لصدام حسين انما ارادوا ان يعبروا عن موقف غاضب من الاوضاع المتدهورة التي يعيشها العراق وتحاول السلطات فيه تحسينها من خلال مشروع للمصالحة الوطنية .

رأي رجل قانون مختص

خالد عيسى طه رئيس منطمة محامون بلا حدود
quot;ايلافquot; سألت رئيس منظمة quot;محامون بلا حدودquot; خالد عيسى طه عن رأيه بهذه التوقعات فقال ان مواد قانون العقوبات العراقي النافذ والصادر في عام 1982 أي في عهد الرئيس السابق نفسه والتعديلات التي جرت عليه في عهد الحاكم الاميركي المدني السابق للعراق بول بريمر وتحت باب القتل العمد مع سبق الاصرار قد شددت العقوبات ضد عمليات القتل في الظروف التي يقوم بها الجاني بارتكاب اكثر من جريمة قتل في وقت واحد ثم العمل على عدم احترام جثث القتلى او تشويهها بما يشكل تجاوزا على الروح الانسانية الطبيعية وهذه كلها حالات شاذة تعتبرضربا من القسوة الامر الذي يرغم المحكمة والقاضي على ان تكون الاحكام الصادرة ضد المتهمين باعلى سلم تدرج العقوبات والذي هو الاعدام عقابا على فعل المتهم بأعدام 148 شخصا في وقت واحد مازالت جثث العديد منهم مجهولة المكان ولم يستلمها ذوي الضحايا لحد الان برغم مرور حوالي ربع قرن على الحادثة .

واضاف المحامي طه انه اذا طرح سؤال على من امتهن القضاء والتقاضي او المحاماة حول الحكم المتوقع في قضية الدجيل فلا شك ان كفة ميزان ادانة الرئيس السابق ستكون هي الراجحة وان اكثر هؤلاء القانونيين لاشك انهم سيطلبون انزال اقصى العقوبة بالمتهمين في هذه القضية التي نفذ الاعدام نتيجتها باكثر من 148 مواطنا عراقيا وهو عمل مخالف للدستور وليس من صلاحيات رئيس الدولة ان يضرب تلقائيا مصادر النار التي تطلق على موكبه حتى لوكانت الحادثة صحيحة وانه كانت هناك فعلا محاولة لاغتياله .. موضحا ان القتل الجماعي لايتم الا في حالة استمرار زخات رصاص المعتدين على الحرس الخاص بالرئيس واستمرار القتال بين مهاجم ومدافع وهو امر لم يتم وحصل الاقرار به على لسان صدام حسين نفسه وشهود الدفاع حيث افاد انه ترجل من سيارته بعد اطلاق النار عليه وسار اكثر من عشر دقائق في طرقات بلدة الدجيل ثم صعد على سطح احدى البنايات فيها ليخطب باهلها .

وعن رايه بتوقع غالبية المشاركين في الاستفتاء صدور حكم بالاعدام ضد صدام حسين اشار الى ان هذا التوقع صحيح وهو مايعتقده شخصيا من خلال متابعاته لمجريات المحاكمة بان المحكمة لن تخرج عن نطاق عقوبة الاعدام وستعلل ذلك بحيثيات قراري الحكم والتجريم . وحول ماذا كان الاعدام سيكون نتيجة لكون المحاكمة سياسية ام لثبوت الادلة بالجرم اوضح رئيس منظمة quot;محامون بلا حدودquot; انه وان كانت المحاكمة سياسية الا انها لم تخرج عن نطاق الادلة المتحصلة التي جاءت من افادات الشهود مع انها لم تكن مرتبة بالشكل الذي كان يجب عليه ان ترتب برغم انها لم تخرج عن نطاق ماحدث في الدجيل صيف عام 1982 .

وردا على سؤال حول رايه بتوقعات مشاركين اخرين في استفتاء quot;ايلافquot; هذا بامكانية نفي الرئيس السابق او الحكم ببراءته قال المحامي خالد عيسى طه انه يستبعد تماما صدور حكم بالنفي لسببين الاول : لانه ليس في القانون العراقي نص بهذا الخصوص .. والثاني : لانه ليس من مصلحة من يريد استقرار العراق وتحقيق امنه ورفع الاختناق السياسي والطائفي الحاصل فيه حاليا ان يصدر هذا الحكم . اما عن التوقعات ببراءة الرئيس العراقي السابق فقد اكد طه ان هذه مجرد تمنيات .

توافق اراء ومواقف بانتظار الدفاع
ومن الواضح ان توقعات قراء quot;ايلافquot; والاراء التي طرحها المحامي والقانوني العراقي خالد عيسى طه تأتي دعما لمطالب رئيس هيئة الادعاء العام في المحكمة التي تقاضي صدام ورفاقه السبعة منذ تشرين الاول (اكتوبر) الماضي بانزال عقوبة الاعدام بصدام حسين بعد ان قدم للمحكمة دلائل تجرمه .

وبانتظار مرافعة هيئة الدفاع عن الرئيس السابق ورفاقه في العاشر من الشهر المقبل لمعرفة مدى قدرتها على دفع الاتهامات عنه .. وبانتظار الحكم في القضية الذي يتوقع ان يصدر منتصف ايلول (سبتمبر) المقبل فأن الكثير من الاراء والمواقف والتوقعات تستوجب المتابعة من قبل المهتمين بالقضية وبمصير الرئيس السابق الذي اسقط نظامه في التاسع من نيسان (ابريل) عام 2003 بعد ان حكم العراق منذ تموز (يوليو) عام 1979 .