وافق فجأة على خطاب السنيورة في روما بعدما رفضه
quot;حزب اللهquot; يقبل التخلي ضمناً عن سلاحه

إيلي الحاج من بيروت: كانت مفاجأة من العيار الثقيل موافقة quot;حزب اللهquot; عبر ممثليه في الحكومة على خطة رئيسها فؤاد السنيورة للحل، التي تضمنها خطابه في مؤتمر روما حول لبنان الذي انعقد الأربعاء، خصوصاً أن كل الأجواء التي سبقت الجلسة الإستثنائية والطويلة لمجلس الوزراء كانت تشير إلى أن الحزب يرفض هذه الخطة بقوة لأنها تتضمن تحديداً استقدام قوات دولية رادعة تتولى دعم الجيش اللبناني لمنع وجود أي قوة مسلحة في الجنوب، بما يعني إنهاء سلاح quot;المقاومة الإسلاميةquot; ومبررات وجوده. الأمر الذي لطالما رفضه الحزب الشيعي الموالي لإيران وهدد أمينه بقطع الرؤوس والأيدي التي يمكن أن تمتد إلى quot;السلاح المقدسquot;. وقد تضمن خطاب السنيورة في روما، الذي تبناه مجلس الوزراء ليل أمس: بسط الحكومة اللبنانية سلطتها على اراضيها كاملة quot;مما سيؤدي الى حصر السلاح والسلطة بالدولة اللبنانيةquot;، تعزيز القوة الدولية في الجنوب وزيادة عديدها وعتادها وتوسيع مهماتها، واتخاذ الامم المتحدة الاجراءات الضرورية لاعادة العمل باتفاق الهدنة لعام 1949.

ودخل ممثلا quot;حزب اللهquot; المباشرين في الحكومة محمد فنيش وطراد حمادة الجلسة على أساس أن الحزب يرفض هذه البنود التي تعني إنهاء وجوده المسلح. وعلم أنهما طرحا في الجلسة أسئلة واستفسارات عدة تتعلق بموضوعي القوة الدولية، طبيعتها ومهماتها الجديدة، وإحياء اتفاق الهدنة وفقاً على أساس احترام quot;الخط الأزرقquot; الذي خرقه الحزب في 12 تموز(يوليو) بعملية أسر الجنديين الإسرائيليين التي أشعلت حرباً خططت لها إسرائيل ولم يكن الحزب حسب اعتراف قادته يتوقع اندلاعها.

وساهمت عوامل متقاطعة في دفع قيادة quot;حزب اللهquot; التي يتلقى الوزيران تعليماتهما منها على خطة السنيورة، quot;بالحرف والفاصلةquot;، كما قال منشرحاً لدى خروجه من الجلسة بعدما دخلها متجهماً. - العامل الأول : تأكد quot;حزب اللهquot; أن ثمة قراراً أقسى عليه وأشد مرارة من القرار 1559 يحضّر له في كواليس مجلس الأمن، وقد بات في مراحله الأخيرة بعدما نال موافقة روسيا والصين وإجماع الأعضاء. ويقضي بتشكيل قوات ردع دولية لإرسالها إلى لبنان بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز اللجوء إلى القوة لفرض إرادة المجتمع الدولي المتمثلة في حل ميليشيا الحزب وتسلم القوى المسلحة التابعة للشرعية اللبنانية وحدها مهمة فرض الأمن، وحصر الحق في حمل السلاح بها.

إزاء هذا الواقع فضل الحزب الشيعي المتشدد أن تتقدم حكومة لبنان التي يشارك فيها بطلب تعديل مهمة القوات الدولية الموجودة حالياً في الجنوب كي يساهم ويكون له رأي في مهمة القوات الجديدة وطبيعتها. وقد سأل وزيرا quot; حزب اللهquot; في الجلسة: هل صحيح أن القوات الدولية الجديدة ستكون رادعة؟ ومن ستردع؟ كما طرحا أسئلة أخرى في هذا السياق.

ومعلوم أن القوات الدولية التي ستتشكل وفق ما بات متفقاً عليه ستكون على غرار القوات التي تحمي الأمن والاستقرار في كوسوفو. وثمة شبه إجماع دولي على أن تكون بقيادة تركية.

العامل الثاني: انضمام رئيس مجلس النواب وحركة quot;أملquot; نبيه بري حليف الحزب المتشدد إلى الرئيس السنيورة ووزراء quot;قوى 14 آذار/مارسquot; في الضغط على ممثلي الحزب للخروج بموقف موحد quot;لأن الظرف الحالي لا يتحمل اختلافات داخلية ، وإذا اختلفنا قضي عليناquot; على ما قال وزير الصحة محمد خليفة القريب من الوزير بري.

العامل الثالث : تبين ل quot;الحزبquot; أن بري كان مطلعاً مسبقاً على خطاب السنيورة في مؤتمر روما وموافقاً عليه في كل بنوده. وبعد كل ما حلّ بأبناء الطائفة الشيعية خصوصاً ومؤسساتها وقراها وبلداتها لا يناسب quot;الحزب quot; إطلاقاً أن يفقد الغطاء الرسمي الذي يشكله له رئيس مجلس النواب.

العامل الرابع: الاستعدادات الإسرائيلية لموجات من الضربات الجوية تكون أشد تدميراً من سابقاتها، واستدعاء المزيد من وحدات الإحتياط في الجيش الإسرائيلي، في ضوء إصرار داخل الدولة العبرية وفي الدول التي تساندها على أن لا تراجع عن الحرب على quot;حزب اللهquot; حتى لو كبّدت إسرائيل ألف قتيل.

العامل الخامس: إن إنقاذ ماء الوجه يوفره للحزب واقع أن quot;اعلان روماquot; اقتناعه بضرورة تطبيق القرار 425 والسعي إلى حل مسألة مزارع شبعا، بما يعني استعادتها إلى السيادة اللبنانية، شكل quot;انجازاً واختراقاً بالنسبة الى لبنانquot;. وهذه النقطة يمكن أن يعول عليها الحزب ليقول أن الحرب غير المتكافئة التي انجر إليها ربما، وجر معه لبنان، كانت لها إيجابية على الأقل وإن ضئيلة، إذ وضعت قضية المزارع على لائحة الإهتمام الدولي.

لهذه الأسباب اختار quot;حزب اللهquot; أهون الشرور وتوكّل على الله. وصار في إمكان وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس العودة إلى لبنان وإسرائيل وعواصم المنطقة للبدء بوضع ترتيبات إنهاء الحرب.