غرينبيس تدعو لوقف التدمير البيئي
بقعة النفط اللبنانية تهدد المتوسط


اثار التلوث النفطي عند شاطىء بيروت
إيلاف، بيروت: تسببت الغارات الحربية الإسرائيلية على مستودعات محطة كهرباء الجية إلى تسرب نحو 15 ألف طن من النفط الخام الى البحر المتوسط، بقعة تمددت على طول الساحل اللبناني الذي بمعظمه رملي وصولا إلى الجوار السوري، ما يؤثر على الثروة البحرية، ما ينجم عنه تدمير بيئي طويل الأمد.

وفي هذا الإطار، تحث غرينبيس - في بيان تلقت إيلاف نسخة عنه - المجتمع الدولي للعمل على وقف فوري للمعاناة البشرية والتدمير البيئي، فيما تبحث مع منظمات وجمعيات دولية للإغاثة في أفضل السبل للسماهة في جهود إنقاذ ما تبقى من الثروة البحرية. وتدعو المنظمة الى وقف فوري لإطلاق النار والعنف والتدمير البيئي، والشروع في مساع جدية لبناء استقرار في المنطقة يتيح للمساعدات الإنسانية الطارئة بالوصول الى كافة مناطق لبنان، ويسمح للهئيات
كبرنامج الامم المتحدة البيئي ومنظمة الصحة العالمية وغيرهما بالبدء بتقييم الوقع البشري والبيئي الفعلي للقصف.

ويُحدث البترول الخام أضراراً واسعة وعميقة بالبيئة البحرية. ولعل أول ما قد يُلوّثه التسرب النفطي ينابيع المياه العذبة في البحر، والتي تكثر في السواحل اللبنانية، إضافة الى الينابيع القريبة من البحر والتي يمدها بالمياه التي ترشح اليها عبر الرمال. كما يحتوي quot;الفيولquot; على مواد سامة كالرصاص والكبريت والزرنيخ والزئبق، التي بامكانها ان تبيد الكثير من الأنواع البحرية، إضافة الى الاسماك، كما انها تترسب في الأعماق، وتُخل بتوازن البيئة البحرية، ما يُهدد بتحولها الى مصدر مزمن للخطر على عيش الكائنات البحرية بأنواعها المختلفة.

وفي هذا الإطار، تطالب غرينبيس بإعطاء الأولوية للحد من تسرب الوقود الى البحر والاحجام عن المزيد من التدمير الذي قد ينعكس على ساحل المتوسط الشرقي برمته. ولتحقيق ذلك، ينبغي على المدى القصير مساعدة السلطات اللبنانية تقنيا لوقف تدفق الوقود وبالتالي الحؤول دون ارتفاع نسبة التلوث على الشواطي ومواقع الصيد في مياهه.
أما على المدى الطويل، ترى غرينبيس إن تنظيف التلوث النفطي من السواحل اللبنانية يستغرق بين 6 و 12 شهرا.
في الوقت عينه، تدعو غرينبيس إلى المساعدة من خلال هيئات وجمعيات محلية حيث شكلت ائتلاف من حوالي 40 جمعية بيئية واجتماعية محلية من اجل المساعدة على الارض.

انعكاسات التسرب
ومعلوم ان البترول ينتشر على الطبقة السطحية للبحر ويسممها كلياً. ويُصبح عيش الطيور البحرية والبرمائيات التي تعتمد عليها مستحيلاً. وهي تغرق في تلك الزيوت الكثيفة وقطرانها السام. كما تُشبه الطبقة السطحية للبحر الجلد الذي يكسو الانسان، أي انها الطبقة التي تتفاعل فيها البيئة البحرية مع الهواء. وتُمدّ الأعماق البحرية بالحلقة الأساسية من سلسلة الغذاء للأنواع البحرية، بما فيها الاسماك. ففي تلك الطبقة، تتكاثر كائنات دقيقة اسمها laquo;فايتو بلانكتونraquo; Phytoplankton، تأخذ ثاني أوكسيد الكربون من الهواء وتدفع به الى الأعماق، وتنفث الأوكسجين بدلاً منه.
وبفعل التسمم النفطي، فإن فناء laquo;فايتو بلانكتونraquo; يحرم الهواء من كميات مهمة من الأوكسجين، ويزيد تركيز ثاني أوكسيد الكربون المُضر فيه.

في المقابل، فإن ثاني أوكسيد الكربون يشكل عنصراً ضرورياً في نمو الأعشاب والطحالب التي تُمثل مصدراً مهماً لغذاء كائنات البحر. ومعلوم ان laquo;فايتو بلانكتونraquo; تشكّل أيضاً غذاءً مهماً للأسماك، ويتسبب فناؤها، بفعل التلوث النفطي، في حرمان أنواع كثيرة من الأسماك من مصدر رئيسي للغذاء.

يُشبه ذلك، نسبياً، فناء العشب من المراعي، وضرب الأساس لحياة المواشي. وكذلك تمثل الطبقة السطحية مصدراً لأنواع أخرى من الأغذية العضوية التي تأتي من البر، ما يفاقم ضرب سلسلة الغذاء للكائنات البحرية، وبالتالي يزيد تدهور البيئة البحرية ويُفقرها.

ويفاقم ضراوة الأثر الذي قد تتسبب به البقعة النفطية التي أحدثها القصف الإسرائيلي، ان البحر المتوسط يتسم بقلة المنافذ التي تصله مع المسطحات المائية الأخرى (مضيق جبل طارق الضيق جداً يصله مع المحيط الاطلسي، ومضيق البوسفور مع البحر الأسود، وقناة السويس الاصطناعية تصله مع البحر الأحمر) ما يجعل عملية تجدد المياه فيه شديدة البطء، فتتراكم فيه الآثار الناجمة عن تلوث البيئة البحرية.

لذا، ربما لا تكون مبالغة ان يصف وزير البيئة اللبناني يعقوب الصرّاف ذلك التسرب النفطي بأنه laquo;أكبر كارثة بيئية في البحر المتوسطraquo;. كما نبّه المفوض الأوروبي لشؤون البيئة ستافروس ديماس الى ان هذا التلوث قد يطاول صحة اللبنانيين، إضافة الى البيئة البحرية. وترسل المفوضية معدات لتنظيف هذا التلوث. كما وصلت معدات من الكويت للغاية نفسها. والأرجح ان العالم لم ينس ما حدث في حرب الخليج عام 1991، حين دفع صدام حسين ملايين الأطنان من البترول الى مياه الخليج العربي، وخلّف آثاراً ما زالت تلك البيئة البحرية تنوء بثقلها، بما في ذلك تكرار الموت الجماعي المُفاجئ لأسراب ضخمة من أسماك الخليج.