سياسيون : الجريمة حرب على المعلومات
تجدد أعمال العنف بغزة عقب اغتيال 5 ضباط مخابرات

هنية: لا اعتراف بالاتفاقات الموقعة مع اسرائيل

باريس : افاق ايجابية امام حكومة الوحدة الفلسطينية

سمية درويش من غزة: تجددت أعمال العنف في قطاع غزة مع إغلاق عائلات فلسطينية الطرقات وطرد الطلاب من مدارسهم ، وذلك احتجاجا على جريمة الاغتيال التي طالت خمسة من جهاز المخابرات العامة الفلسطيني ، بينهم العميد جاد التايه مدير العلاقات الدولية بالمخابرات. وقد دشنت تلك الجريمة الدموية التي ارتكبت بحق جهاز المخابرات الذي يتبع مباشرة لسلطة الرئيس محمود عباس ، منعطفا جديدا على الساحة الفلسطينية التي تعاني منذ فترة من الفلتان الأمني وفوضى السلاح وارتفاع وتيرة جرائم القتل ، حيث جاء الاغتيال قرب منزل رئيس الوزراء الفلسطيني ، في وقت بدأت فيه الساحة الفلسطينية تشهد بعضا من الانفراج السياسي بعدما وافقت حماس على تشكيل حكومة من الألوان الفلسطينية المختلفة يستند برنامجها على وثيقة الوفاق الوطني.

وقال المحلل السياسي سعيد موسى ، أن المجزرة التي ارتكبت لابد وان ورائها سرا خطير , وأضاف ، لا ندري هل كان الهدف هو شخص العميد جاد؟ ، فلو كان كذلك لنفذ المجرمون فعلتهم البشعة التي وصلت لحد المجزرة ولاذوا بالفرار فورا لكنهم وحسب المعطيات وشهود العيان أنهم استولوا على حقيبة مستندات وأسلحة وجوالات, مشيرا إلى ان هذا بدوره يطرح سؤالا في سياق الجريمة, هل الشخص بعينة المستهدف أم الوثائق التي بحوزته, وإذا كانت الوثائق هي الهدف فأي وثائق هذه التي تبرر جحيم المجزرة الجماعية وهي أشبه بالجرائم الإسرائيلية قتل ودموية بدم بارد. وأكد موسى ، بان المخابرات العامة وحدها التي تستطيع أن تجيب على تلك الأسئلة بدقة ووضوح , من يقف خلف هذه المجزرة؟ وما خلفية الجريمة , شخصية أم وثائقية؟ ، ام كلاهما معا لدفن حقيقة خطرة أو حتى حقيقة قذرة؟، بحسب تعبيره.

بدوره قال عبد الله عيسى رئيس تحرير صحيفة دنيا الوطن ، كان العميد جاد تايه مساعدا للشهيد القائد أبو إياد ، واحد أركان جهاز الأمن الموحد حتى التحق بجهاز المخابرات أسوة بكافة كوادر جهازي الأمن الموحد والمركزي . ودعا عيسى في مقاله وزير الداخلية الفلسطيني ، لوضع حدا لهذه الجرائم وان تنهض أجهزة الأمن من كبوتها وتلاحق هؤلاء القتلة الذين استباحوا دماء ضباط الأمن وغيرهم من المواطنين ، مشيرا الى ان هذه الخطوة أهم من حكومة الوحدة الوطنية لأنه إن لم تتخذ هذه الخطوة فلن تكون هنالك وحدة وطنية بل اقتتال داخلي .

ونقلت الصحيفة الفلسطينية عن مصادر مطلعة ، بان العميد تايه خرج من بيروت خلال الهجوم الإسرائيلي على لبنان حيث ذهب للقاهرة وعاد إلى غزة ليجد الموت بانتظاره على يد مسلحين مجهولين بالأمس ، مبينة بان التايه سيعود اليوم إلي بيروت مجددا ولكن شهيدا في تابوت تم نقله إلي الأردن ومن ثم إلي بيروت.

من جهته كشف مركز حقوقي ينشط في الأراضي الفلسطينية أن عدد القتلى جراء حوادث الفلتان الأمني في قطاع غزة منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في أيلول quot;سبتمبرquot; العام الماضي بلغ 174 قتيلا ، من بينهم 27 طفلا نتيجة حوادث الفلتان الأمني.وبين تقرير مركز الميزان لحقوق الإنسان ، أن عدد الجرحى جراء حوادث الفلتان الأمني في نفس الفترة بلغ 1195 جريحا من بينهم 165 طفلا، وبلغ عدد محاولات القتل علي خلفية الشرف 22 حالة، قتل خلالها 14 شخصا.

وطالب مركز الميزان لحقوق الإنسان ، السلطة الوطنية بالبدء بمؤسساتها لفرض سيادة القانون، لتعيد بناءها علي أساس من احترام القانون والمساواة أمام القانون داخل المؤسسة الرسمية نفسها، وتطبيق القانون علي كل من ينتهكه خاصة من أفراد الأجهزة الأمنية المكلفة بتطبيق القانون.

من جانبه ذكر عبد الكريم درويش رئيس حزب النور الفلسطيني ، ان الذين يتم اغتيالهم هم من الأجهزة الأمنية فقط , ولم نجد بين القتلى الجواسيس أو تجار السموم أو الذين باعوا أراضيهم إلي الإسرائيليين ، بحسب تعبيره. وأضاف درويش في بيان له ،quot; لماذا اغتالوا \العميد جاد التايه؟, فهذا القائد ليس له أعداء داخل وخارج الأراضي الفلسطينية,وعمله هو التنسيق مع الجهات الأمنية العربية والدولية, أم أن للذين قتلوه مصلحة بان يكون لهم علاقات مع الجهات الأجنبية؟ أم إن هنالك أهداف بزرع الفتن بين الشعب الفلسطيني أم للاستيلاء على جهاز المخابرات الفلسطينية؟.

وكان رئيس الوزراء إسماعيل هنية ، قد اعتبر أمس الجريمة محاولة يائسة لخلط الأوراق وعرقلة الجهود الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ، مستنكرا في بيان صحافي الجريمة ، طالبا في الوقت ذاته من وزير داخليته بدء التحقيق فورا وملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة.

ولم تكن عملية الاغتيال هذه الأولى التي يتعرض لها الجهاز الأمني الفلسطيني ، حيث سبق أن تلقى ضربة داخل أسواره في محاولة اغتيال قائدة طارق ابو رجب حين تم تفجير مصعده ونجا منها بأعجوبة ، بينما راجح ضحيتها اخرين ، كما اغتيل قبل عدة أشهر احد كبار الضباط ويدعى خضر عفانه ، في حين اغتيل مسؤول كبير مع بدايات الانتفاضة ويدعى تيسير خطاب.

ويشهد في هذه الأثناء قطاع غزة حالة من الاحتقان وتظاهرات لذوي القتلى الذين أغلقوا بعض الطرقات وأشعلوا إطارات السيارات ، ورفضهم لفتح بيوت العزاء لقتلاهم حتى الانتهاء من التحقيق ومعرفة نتائجه. وقد علمت quot;إيلافquot; من مصادر مقربة لإحدى عائلات القتلى ، بأنه تم المطالبة بالصور التي التقطتها عدسة الكاميرات المنصوبة على سطح منزل رئيس الوزراء لعملية الاغتيال للمساعدة بكشف ملابسات الجريمة.

وكان وزير الداخلية سعيد صيام قرر تشكيل لجنة للتحقيق في الجريمة وتقديم القتلة للقضاء, حيث قال ، quot; ان وزارة الداخلية اجتمعت بقادة الاجهزة الامنية وتم تشكيل لجنة هي عبارة عن خلية عمل لمتابعة الجريمة وتقديم القتلة للمحاكمةquot;. وأكد صيام للصحافيين ، أن عملية الاغتيال لن تمر دون عقاب ، موضحا أن مثل هذه العملية التي تودي بحياة الأبرياء لا يمكن السكوت عنها. وأشار إلى أن المهاجمين أرادوا إيصال أكثر من رسالة في نفس الوقت، وخاصة أنهم استهدفوا الضباط في منطقة قريبة من منزل رئيس الوزراء في مخيم الشاطئ للاجئين، وهو أمر خطير للغاية.