أحمد نجيم من الدار البيضاء: تشهد المدن المغربية حالة تأهب واستنفار أمني، إذ انتشر رجال الشرطة، خاصة الشرطة الجديدة quot;بيموquot; في مدينة الدار البيضاء، كما شهد مدخل مدينة الجديدة حواجز للدرك والأمن، وشهدت أهم المواقع الحساسة من فنادق ومطارات وموانئ وتجمعات عمومية انتشار أعداد كبيرة من رجال الأمن، وعلمت quot;إيلافquot; أن مجموعة من المتدربين من رجال الأمن عادوا إلى مدرسة الشرطة في القنيطرة، بعد أن كانت الشرطة استعانت بهم خلال احتفالات رأس السنة.

وعزا مسؤولون أمنيون مغاربة هذا التحرك إلى الاستعداد لصد كل محاولة تحرك لخلايا إرهابية قد تستهدف مؤسسات حيوية مغربية، وأوضح المسؤولون لجريدة quot;العلمquot; أن ذلك يدخل في مقاربة أمنية استباقية وردعية. وكانت معلومات استخباراتية أميركية أوضحت أن تنظيم القاعدة سيقوم بعمليات إرهابية كبيرة في العام 2007، وأوضحت أن المنشآت السياحية ستكون ضمن المواقع المستهدفة من هجوم أتباع ابن لادن، وتوقعت تلك التقارير أن تشمل الهجومات البلدان الحليفة لواشنطن.

وفي موضوع له علاقة بحرب الأجهزة الأمنية المغربية على الإرهاب، أفادت جريدة quot;أوجوردوي لوماروكquot; المغربية أن الدرك الملكي حجز أسلحة في مدينة العيون، عاصمة الصحراء، وأفادت الصحيفة أن الأسلحة المحجوزة عبارة عن quot;كلاشنيكوفquot; وquot;بندقيتين خفيفتين، وقد ألقي القبض على مشتبهين فيهما، منهما مواطن موريتاني.وكان الأمن المغربي ألقى أخيرا القبض على مجموعة من المنتمين إلى خلايا إرهابية في حي طوما في الدار البيضاء، وهو الحي الذي كان يقطن فيه منفدو العمليات الإرهابية ل16 مايو، وقد ألقت الشرطة المغربية منذ آب/ أغسطس المنصرم القبض على 317 مشتبها فيهم في مدن فاس والدار البيضاء وبني ملال ومكناس، أحيل منهم 44 إلى العدالة.

تدابير مكافحة الإرهاب

تجدر الإشارة إلى أن وزير الداخلية المغربي شكيب بنموسى كان أعلن أن التدابير المتخذة من طرف السلطات العمومية لمكافحة الإرهاب، تتم في إطار الضوابط والقواعد القانونية التي سنها المشرع المغربي وعمل المغاربة على احترامها والالتزام بها أفرادا وجماعات، مؤسسات وتنظيمات.

وسجل بنموسى، في هذا الصدد، أن تفكيك خلية quot;أنصار المهديquot; التي ليس لها أي توجه شيعي خلافا لما قد يوحي به اسمها، والتي يتشبع أفرادها بالفكر المتطرف، يأتي في سياق عدد من العمليات quot;الناجحةquot; التي توجت المجهودات التي تقوم بها المصالح الأمنية، والتي همت على الخصوص وضع الأجهزة الأمنية يدها على الخلية النائمة لتنظيم القاعدة التي خططت للقيام بالعديد من العمليات التخريبية في شهر ماي2002 ، وكذا تفكيك خلية يوسف فكري ومحمد دمير التي اقترفت العديد من جرائم القتل والسرقات باسم الدين.

كما أشار بنموسى إلى أن هذا التنظيم كان يعتزم القيام بعمليات تخريبية تستهدف منشآت سياحية ومواقع حساسة ومصالح أجنبية، وكذا اغتيال شخصيات إما لكونها ترمز إلى الدولة أو لأسباب أخلاقية. وأضاف أنه من أجل تمويل مشاريعها الإرهابية رصدت قيادة التنظيم مجموعة من مقرات الوكالات البنكية والبريدية وسيارات نقل الأموال لتنفيذ عمليات سطو ضدها، كما تم اللجوء إلى تزييف العملة الوطنية، مشيرا إلى أن أعضاء هذا التنظيم الإرهابي تمكنوا من الحصول على كمية كبيرة من المواد الأولية التي تدخل في صناعة المتفجرات تتجاوز بكثير تلك الكمية التي تم استعمالها خلال العمليات الإرهابية التي وقعت يوم16 مايو 2003 مع الاعتماد على استعمال تقنيات حديثة ومتطورة. وأوضح وزير الداخلية أن الجناح العسكري لهذا التنظيم أقدم على إجراء بعض التجارب الناجحة للتفجير عن بعد، باستعمال الهاتف النقال، في الغابات المجاورة لمدينة سلا، في أفق تنفيذ عمليات إرهابية كبيرة ضد بعض المرافق الحيوية في المملكة.

وستعرف سنة 2007 محاكمة هذه الخلية الإرهابية. وقال إنه لا يمكن الحديث عن اختراق المؤسسة العسكرية أو الأجهزة الأمنية، مشيرا إلى أن عدد العناصر التي تم استقطابها محدود جدا، ويهم حالات معزولة وهامشية، حيث يتعلق الأمر بجنود ينتمون إلى الفرق الموسيقية أو المركز الرياضي أو إلى مصلحة صيانة السيارات. وشدد بنموسى على أن استئصال ظاهرة الإرهاب يتطلب تظافر جهود الإدارة والطبقة السياسية وجميع مكونات المجتمع المدني المتشبت بقيم الانفتاح والتسامح والاختلاف والمؤمنة بضرورة بناء مجتمع تحكمه قيم الحداثة والديمقراطية.

وفي هذا السياق، أعلن وزير الداخلية، أنه لمواجهة الخطر الذي تشكله ظاهرة الإرهاب، وضعت السلطات العمومية استراتيجية تقوم على أربعة محاور أساسية، يتعلق أولها بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الفاعلة في مجال الجريمة الإرهابية بشكل يجعلها أكثر فعالية من خلال التنسيق الجيد بين المصالح سواء على المستوى الأفقي أو العمودي، لدرء كل تهديد إرهابي بالسرعة والكيفية اللازمة. وأضاف أن المحور الثاني يهم وضع ترسانة قانونية تساير التطور الذي عرفه العالم في محاربة الجريمة الإرهابية من خلال اعتماد القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن السلطات المعنية وضعت آليات لمراقبة مصادر تمويل الخلايا الإرهابية من خلال الحرص على التطبيق الصارم للمقتضيات القانونية المنظمة لهذا المجال وبخاصة ميدان التماس الإحسان العمومي.

أما المحور الثالث، يضيف بنموسى، فيتعلق بتكثيف التعاون الدولي في محاربة الإرهاب، موضحا أن المعلومات الأمنية المهمة التي توصلت بها المصالح الأمنية المغربية والتي وضعتها رهن إشارة المصالح الأمنية الخارجية، مكنت من تفكيك تنظيمات إرهابية قبل مرورها إلى مرحلة التنفيذ.

وأوضح بنموسى، أن الشق الرابع من هذه الاستراتيجية، يشمل اتخاذ تدابير موازية للمقاربة الأمنية، مشيرا في هذا السياق إلى إصلاح الحقل الديني بشكل يسمح للمملكة بتجنب الخلاف الديني والحفاظ على التنوع في ظل مؤسسة إمارة المؤمنين تحت الإمامة الرشيدة لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأبرز أن هذه الاستراتيجية المتعددة الأبعاد مكنت من إفشال مخططات أعداء الأمة، مشيرا إلى أنه تم تقديم1525 شخصا أمام العدالة من بينهم 1413 تمت إدانتهم لاقترافهم أعمالا ارهابية.
[email protected]