أشرف سحويل من غزة : أثار مسلسل الفضائح المالية والجنسية التي تعصف بدوائر المؤسسة الحاكمة في إسرائيل، قلقاً بالغاً في أوساط الرأي العام الإسرائيلي، مما دفع ببعض المعلقين إلى الربط بين انتشار وباء الفساد في المرافق السياسية والمدنية وبين ضعف الجيش. وبلغت تداعيات ما عرف بفضيحة الفساد الكبرى داخل إسرائيل، ذروتها بالكشف عن التحقيق البوليسي مع وزير المالية أبراهام هيرشزون، بشبهة سرقة الملايين والاحتيال، حينما أدار نقابة العمال الوطنيين، قبل تعيينه وزيراً .

وكانت الشرطة الإسرائيلية قد واصلت التحقيق مع موظفين كبار ورجال أعمال إسرائيليين، بشبهة التورط بالغش وتبييض الأموال والرشوة، وتعيين مقربين لهم في سلطة الضرائب موظفين بشكل غير قانوني، كجزء من مساعيهم لتخفيف عبء الضرائب . وزاد من حالة الارتباك وتعميق أزمة الثقة بين الإسرائيليين وبين قياداتهم، إخضاع شولا زاكين، مديرة مكتب رئيس الوزراء أيهود أولمرت، للحبس المنزلي بشبهة التورط بالفضيحة .

يشار إلى أن 77 بالمائة من الإسرائيليين أكدوا في أخر استطلاع رأي عدم رضاهم عن حكومة أولمرت، فيما كانت صحيفة quot; يديعوت أحرونوتquot; الإسرائيلية، أشارت في افتتاحيتها بعنوان quot;سطو وانكسارquot; إلى أن تفجر فيض من الفضائح، التي طالت مختلف دوائر صناعة القرار، لا يترك مكاناً لاستغراب عمق أزمة الثقة بين الشعب وبين السلطات والقيادات . وأضافت quot;يديعوت أحرونوت quot;: quot; كنا ذات مرة نخجل من مقاربتنا بإحدى جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية، لكن هذه باتت اليوم تشعر بإهانة وحرج حينما تشبه بإسرائيلquot;، مستذكرة دور رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، أريئيل شارون في نشر ظاهرة الفساد لتشكيله quot;قدوةquot; للكثيرين في السياسة والجيش .

وربط يسرائيل هارئيل، المعلق السياسي في صحيفة quot;هأرتس quot; الإسرائيلية، بين تفشي وباء الفساد في المرافق المدنية داخل إسرائيل، وببين ضعف الجيش منذ العدوان على لبنان، لافتاً إلى تجذر ثقافة الصمت على الأخطاء، والتهرب من تحمل المسؤوليات . وكان سيفر بلوتسكر، المحرر الاقتصادي لصحيفةquot; يديعوت أحرزنزت quot; اعتبر أن إسرائيل هوت إلى القاع، متسائلاً quot;أين نجد دولة سليمة في العالم، يعتقل فيها رؤساء السلطات الضريبية، ويحاكم وزير القضاء، ويجري التحقيق في قضايا مالية شائكة مع رئيس الحكومة، ووزير المالية، ويفتح ملف تلو الآخر لكثيرين من القياديين في الدولة؟ .

وأكد بلوتسكر أن الفساد في أوساط رؤساء جهاز الضرائب، يشكل خطراً على المجتمع الإسرائيلي أفدح من الذي يشكله هجوم لحزب الله، أو اعتقال رئيس حكومة أو وزير، معتبراً ذلك أنه ضربة في الصميم للعامود الفقري لدولة ذات جهاز ضريبي عفن - الجسم كله متعفن quot;. وخلص إلى أن تداعيات هذه الفضيحة، ستكون هدامة لأداء المؤسسات في الدولة ولثقة المواطنين بها، وأنه في مثل هذه الحالات قد تنشأ حركات شعبوية وفاشية وبلشفية .من جهته، رأى الصحفي بن كسبيت، المعلق السياسي في صحيفة quot; معاريفquot; الإسرائيلية، أن الدولة عفنة من الأساس من القاعدة حتى الرأس، وأن العفن يكتنفها ويتغلغل في كل مكان، معتبراً أن إسرائيل أمام انهيار مفاجئ للمبنى كله وتلاشيه .

يذكر أن مسلسلاً من الفضائح المالية والجنسية والسياسية، قد عصفت بإسرائيل خلال العامين المنصرمين بشكل غير مسبوق، تورط فيها عدداً كبيراً من كبار المسؤولين والوزراء، أبرزها تورط أرئيل شارون وولديه في تلقي رشاوى بملايين الدولارات، من رجال أعمال . كما تفجرت فضيحة مرتبطة برئيس الدولة موشيه قصاب، الذي تنسب له شبهات باغتصاب عدة نساء، وفضيحة quot;القبلة الساخنةquot; التي تورط فيها وزير القضاء حاييم رامون، مع واحدة من الموظفات الحكوميات، وقيام وزير البوليس السابق تساحي هنغبي بتعيين عدداً كبيراً من مقربيه في وظائف بشكل غير قانوني