عيسى العلي من الدار البيضاء: برزت ملفات الفساد في المملكة، كواحدة من أكبر الملفات المعروضة على القضاء الذي ينتظر أن يشهد شتاء ساخنا هذه السنة، لكونه مطالب بحل رموز أكثر الملفات المالية تعقيدا في تاريخ المغرب الحديث.

وفي محاولة لنفض الغبار عن فساده الإداري والمالي، وقع إجراء الحجوزات التحفظية على ممتلكات المتابعين في هذه الملفات، سواء العقارية أو المنقولة، الموجودة في حيازتهم أو بيد غيرهم. وأعلن محمد بوزوبع، وزير العدل، أنه لا يمكن لأي ضغوطات أن تعرقل السير العادي للمتابعات، أو تعرقل عمل الحكومة في مجال محاربة الفساد، وزاد موضحا quot;لن نستسلم لأي ضغط مهما كان مصدرهquot;.

وأكد المسؤول الحكومي، في تدخله مساء أمس الأربعاء بمجلس النواب، أن ملفات الفساد المالي ما زالت معروضة أمام المحاكم، وحدد عددها في تسع ملفات أساسية.ويتعلق الأمر بملف القرض العقاري والسياحي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومشروع الفوارات أولاد زيان بالدار البيضاء، ومشروع الحسن الثاني للقضاء على مدن الصفيح بالدار البيضاء، والتكوين المهني وإنعاش الشغل، والبنك الوطني الإنماء الاقتصادي، والمكتب الوطني للنقل.

ويتابع المتهمون في هذه الملفات بتهم اختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير واستغلال النفوذ والمشاركة في تبديد أموال عمومية. وأشار الوزير إلى أن ملف القرض العقاري والسياحي مدرج أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في جلسة 8 فبراير المقبل، لإتمام إجراءات المسطرة الغيابية، وأن إجراءات التحقيق ما زالت جارية في قضية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والبنك الوطني للإنماء الاقتصادي.، مذكرا بوجود 126 ملفا مرتبطا بالفساد المالي تجري متابعة تنفيذ الأحكام الصادرة فيها.

من جهة أخرى، قال وزير العدل إن المحاكم المغربية تعرف تدفقا كبيرا من حيث عدد القضايا، مبرزا أن سنة 2005 شهدت تسجيل 2.319.653 قضية، وأن الأحكام أصدرت في 2.305.008 منها. كما أبرز أن عدد القضايا الرائجة يصل إلى 3.000.118 قضية، مضيفا أن هناك 3124 قاضيا يعالجون هذه القضايا، أي بمعدل 738 قضية للقاضي الواحد.

ويتزامن هذا الإجراء مع تعالي الأصوات المطالبة بمحاكمة مختلسي المال العام، وإطلاق حملة quot;الأيادي النظيفةquot; لتعقب جيش الفساد بقيادة لوبيات تجمعت للحفاظ على مصالحها. ولم تنج شركة quot;كومانافquot; للملاحة المقبلة على الخوصصة من غارات المختلسي، فإذ قدرت مصادر متطابقة حجم الأموال المنهوبة بأزيد من 18 مليار سنتيم، مع مديونية تفوق 20 مليار سنتيم.

أما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فأكد تقرير للجنة quot;تقصي حقائقquot; برلمانية، أن ما يفوق 47 مليار درهم ضاعت عنه في عمليات غير مشروعة خلال فترات مختلفة. ووفق معطيات رسمية حول ملفات الفساد المالي بالمغرب، فإن القضاء أصدر طيلة 40 عاما أحكاما تهم استرداد 140 مليار سنتيم، ولم يقع تنفيذ سوى عدد محدود من هذه الأحكام بقيمة لا تتجاوز 4 ملايير سنتيم، في حين أن خزينة الدولة لم تسترجع بعد 136 مليار سنتيم حكمت محكمة العدل الخاصة باستردادها قبل إلغائها.

ومنذ عام 1998 إلى 2004، أحيل على محكمة العدل الخاصة، التي جرى إلغاؤها، 385 ملفا، منها 318 مرتبطة باختلاس وتبديد أموال عمومية، و32 ملفا تتعلق بالارتشاء، و25 ملفا باستغلال النفوذ، و10 بالتزوير وخيانة الأمانة، فيما أحيل أكثرمن 100 ملف على محاكم أخرى.

وما زال الرأي العام الوطني ينتظر مآل محاكمة هذه الملفات التي طالها النسيان ويتساءل عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا التماطل مادامت الملفات المعروضة معروفة سواء من حيث مبالغ الأموال المسروقة أو من حيث المسؤولين الذين كانوا وراء ذلك أو من حيث الأشخاص الذين استفادوا من عمليات النهب أو من حيث الملفات المحظوظة التي كانت تحظى برعاية خاصة أو من حيث طرق الشطط في استعمال السلطة وكيفية استغلال النفوذ كما هو الشأن كذلك بالنسبة لملف العفورة والسليماني.