أسامة مهدي من لندن : بدأت المحكمة الجنائية العراقية العليا المختصة بقضية الانفال في جلستها السابعة والثلاثين اليوم الاستماع الى ادلة ووثائق عن قصف قرى كردية بالطائرات وتهجير سكانها استنادا إلى خطابات صادرة من المتهم علي حسن المجيد مسؤول المنطقة الشمالية سابقا وذلك خلال مواصلتها النظر في قضية ابادة الاكراد المتهم فيها الرئيس السابق صدام حسين الذي نفذ بحقه الاعدام وستة من كبار مساعديه السابقين .

وفي بداية الجلسة باشر رئيس هيئة الادعاء العام منقذ ال فرعون بعرض وثائق صادرة عن عدد من المتهمين حول عمليات عسكرية ضد الاكراد تتضمن قصفا بالطائرات وتهجيرا وتحضيرات لشن هجومات واسعة بالاسلحة الكيميائية . وكان المجيد اشتكى امس من انه لم يتمكن من الاجتماع مع محاميه لكتابة افادته بشكل مفصل وكامل وطلب وقتا لاعداد ذلك واوضح ان جميع المتهمين كتبوا افادات بسيطة وغير كاملة . ثم عرض المدعي العام تسجيلات صوتية تتهم المجيد بدعوة لقتل الاكراد وتشير الى انه يتهم الرئيس العراقي جلال طالباني وهو زعيم الاتحاد الوطني الردستاني بالخيانة ويوجه له سبابا وشتما ويشير الى ان طالباني طلب فتح قنوات اتصال مع السلطات العراقية .

وتعقد محكمة الانفال جلساتها للاستماع الى اقوال خبراء والاطلاع على وثائق تتعلق بقضية عمليات الانفال الناتجة من استخدام النظام السابق للاسلحة الكيميائية ضد الاكراد عامي 1987 و1988 ما اسفر عن مصرع حوالى 180 الف كردي وتشريد الاف اخرين وتدمير 3 الاف قرية . وستخصص جلسات الاسبوع الحالي لعرض مزيد من الوثائق والافلام المرئية والمسموعة قبل أن تنتقل الى الاستماع الى إفادات المتهمين. وتعمل المحكمة حاليا على التعاقد مع خبراء في الأدلة الجنائية تابعين الى وزارة الداخلية بهدف دراسة الأدلة الخاصة بالقضية والضربة العسكرية الكيميائية التي تعرض لها الاكراد عام 1988.
ومن المنتظر ان يدلي البروفيسور النمساوي جيرهارد فرالينجر الذي وصل الى مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان العراق مؤخرا باقواله امام المحكمة حول قصف مدينة حلبجة الكردية بالأسلحة الكيميائية حيث كان قد عالج عددا من ضحايا هذا القصف في مدينة أورمية الإيرانية عام1988 .

وكان صدام حسين المتهم الرئيس في القضية قد تم اسقاط التهم عنه بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعددا من مساعديه بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لاغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية .
وقد استمعت المحكمة الى حوالى 100 مشتكٍ وشاهد وخبير اجنبي كما عرض عليها حوالى 60 وثيقة رسمية منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم .

المتهمون في قضية الانفال

والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين الذي اسقطت عنه التهم اثر تنفيذ حكم الاعدام بحقه في الثلاثين من الشهر الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه المجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988 .

ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيميائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.