نبيل شرف الدين من القاهرة : في أحدث الوقائع ذات الخلفية الطائفية، فرضت قوات الأمن المصرية منذ يومين إجراءات احترازية مشددة على قرية quot;طوق غريبquot; التابعة لمحافظة سوهاج أقصى جنوب مصر، وذلك بعد مصرع قبطيين هما : وصفي صادق إسحق وابن شقيقه كرم أندراوس، بالرصاص في أرض زراعية يمتلكانها .

وخيمت أجواء التوتر في أعقاب مقتل القبطيين، وطوقت الشرطة المصرية القرية، تحسبا لاندلاع أعمال عنف طائفية، وبدأت أجهزة الأمن تحقيقات موسعة للتوصل إلى الجناة والوقوف على ملابسات الحادث وحقيقة دوافعه .

وأشارت مصادر محلية اتصلت بها (إيلاف) إلى شائعات راجت في القرية حول وجود علاقة بين امرأة مسلمة وأحد الشباب الأقباط من عائلة اسحق، ما أدى إلى توتر الأجواء في القرية بين المسلمين والأقباط، وهو ما دفع الأسرة إلى تهريب ابنها إلى القاهرة لتهدئة الأجواء، ومحاصرة آثار تلك الشائعات حتى لا تتحول القرية إلى بؤرة طائفية جديدة .

وقال القس سوريال سيفين كاهن كنيسة القرية، إن أسباب الحادث لم تزل مجهولة، لافتاً إلى أن القتيلين مسالمان، ولا توجد خلافات لهما مع مسلمين أو مسيحيين، ولفت القس سوريال إلى حادث آخر سبق واقعة القتل، جرى فيه إطلاق النيران على مسيحي يدعى جرجس عزمي وهو شقيق الشخص الذي اتهمته الشائعات بإقامة علاقة غير مشروعة مع المرأة المسلمة .

مصادمات طائفية

ويقول الباحث السياسي المسيحي سامح فوزي إن quot;الدولة انسحبت اجتماعياً، وتركت المواطنين يبحثون لأنفسهم عن شبكات أمان، فالمسلمون يتجهون الى المساجد .. والمسيحيون يتجهون الى الكنائس .. ومن ثم فإن الهوية الدينية تكون لها الأولوية على الهوية الوطنيةquot; .

وشهدت مصر خلال الأعوام الأخيرة عدة مصادمات طائفية تزايدت وتيرتها لكن تبقى أعنفها تلك التي جرت في نهاية العام 1999 ومطلع عام 2000 في قرية الكشح في محافظة سوهاج في صعيد مصر، وقتل فيها 20 مسيحيا ومسلم واحد، وتعرضت الحكومة المصرية لانتقادات حادة بسبب الحادث، خاصة بعد أن قضت محكمة مصرية في شباط (فبراير) من العام 2001 ببراءة 92 متهماً، وأصدرت أحكاما بالسجن على أربعة متهمين فقط، وأعيدت المحاكمة مرة أخرى ليتم عام 2003 تبرئة 94 متهما والحكم بسجن اثنين.

أما أقدم المصادمات الطائفية فقد جرت في مطلع السبعينات من القرن الماضي، حين تعرضت كنيسة في بلدة quot;الخانكةquot; شرق القاهرة للحريق، واعتبرت القيادة السياسية وقتئذ ان هذا الحادث شأن سياسي لابد من معالجته سياسيا، وبالفعل شكلت لجنة تقصي حقائق برئاسة القانوني والبرلماني جمال العطيفي، وأعدت اللجنة تقريرا مهما عن المسألة القبطية بكافة أبعادها، غير أنه لم يؤخذ بأي من التوصيات الواردة في التقرير، بل سلم الملف القبطي لأجهزة الأمن أسوة بملف الاصولية الاسلامية التي خاضت مواجهات دامية ضد السلطة خلال العقود الثلاثة الماضية.