الرئيس السوري بشار الأسد لصحيفة تونسية
مؤتمر السلام يفتقر لفرص النجاح
والهجوم الإسرائيلي الأخير استهدف منشأة قيد البناء

سفيان الشّورابي من تونس: في حوار موسع أجرته معه صحيفة quot;الشروقquot; التونسية اليومية (ذات توجه عروبي) أمس الخميس، أكد الرئيس السوري بشار الأسد عدم تفاؤله حول النتائج التي ستنجر عن مؤتمر السلام الذي من المنتظر أن ينعقد شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم، مطالبًا إسرائيل باعتراف صريح بجميع الحقوق السورية قبل أي تفاوض بين البلدين. الرئيس السوري تحدث عن وجود وساطة تركية بين الطرفين، إنطلقت منذ سنة 2004، بدأت تتكثف quot;منذ حوالى ستة أشهر حين أعيد طرح هذا الموضوع من قبل الأتراك في زياراتهم المختلفة إلى سورياquot;، تعمل أثنائها تركيا على نقل وجهات النظر بين الجانبين. ولكن الأسد قلل من مفعولها لغياب quot;إعلان واضح من قبل المسئولين الإسرائيليين أولا بالسلام (...) وضمانات بأن الأرض ستعود كاملةquot;.

وحول مشاركة سورية في المؤتمر القادم، اشترط الرئيس السوري التطرق إلى موضوع هضبة الجولان السورية في إطار ما سماه بـquot;السلام العادل و الشاملquot;، متسائلاً quot;هل سنذهب إلى مؤتمر يفتقر لفرص النجاح؟quot;، مشيرًا في الصدد ذاته، أن بلده لم يتلق أي دعوة للمشاركة في هذا المؤتمر الدولي. واعتبر الأسد أن انعقاده في هذا التوقيت مرتبط بوجود إرادة أميركية للتطبيع بين الإسرائيليين و العرب، إضافة لكونها تهدف إلى تغطية آثار فشلها في العراق، على حد تعبيره. فـquot;الإدارة الأميركية الحالية لم تعمل من أجل السلامquot;.

أما فيما يتعلق بالغارة الجوية الإسرائيلية التي أثارت الكثير من الحبر و لفها غموض شديد، فقد أعلن الرئيس الأسد للجريدة المذكورة، بأن هدف الهجمة كان quot;هدف عسكري، و هو عبارة عن منشأة عسكرية قيد البناء (...) و ساعة القصف لم يكن فيها أحد على الإطلاقquot;، من دون أن يحيل حول طبيعة ذلك الموقع أو يرفع اللبس حول الاتهامات الأميركية التي تتحدث عن قيام برنامج تعاون نووي بين سورية و كوريا الشمالية. و قد أعاد أيضا سر الغموض من الجانب الإسرائيلي حول حيثيات الخبر بـ quot;فشل استخباراتيquot; من دون أن يبين أين يكمن عين الفشل.

وفيما يخص الوضع في الأراضي المحتلة، قال الرئيس السوري، بنبرة تشاؤمية أن quot;فرص السلام غير موجودة في الأمر الواقعquot;، خصوصا مع الانقسام الفلسطيني الداخلي، متحدثًا عن وجود محاولة سورية رسمية للمصالحة بين الجانبين المختلفين، تجلت من خلال التقائه ببعض المبعوثين من قبل الرئيس أبو مازن و لكن تشبث الجانبين بموقفهما يفشل هذا التوجه.

وكان موضوع الوضع في لبنان، و ما يوجه إلى النظام السوري من دعوات لعدم التدخل في شؤونها الداخلية، نفى بشار الأسد ذلك، قائلا quot;أن هذه الاتهامات تفتقد الحد الأدنى من المصداقيةquot;، مؤكدا انه quot;لا يمكن أن نبني مستقبل العلاقة مع قوى هي لا تؤمن بلبنانquot;. وهو اتهام موجه إلى ما قوى 14 شباط ممن سماهم بالذين quot;ارتبطوا بالمشاريع الخارجيةquot;، وquot;القوى المسيطرة الآن على مقاليد الحكم هي في هذا الجانب أو ربما هي في معظمها في هذا الجانبquot;.

و حول الحالة العراقية، دعا بشار الأسد العراقيين إلى عقد مؤتمر وطني يشمل كل القوى و يتم مناقشة كل المواضيع من دون استثناء بدءا من الدستور و مرورا بكركوك، و انتهاء بكل التفاصيل، متأسفا من غياب دور عربي في العملية السياسية العراقية، quot;خاصة في ظل الفشل الأميركي وفشل قوات الاحتلال بشكل عامquot;. و قد اعتبر أن ما تقوم به سورية تجاه العراقيين خصوصا مع اللاجئين منهم و الذي بلغ عددهم ما يناهز 2 مليون لاجئ عراقي، يكشف التعاطي السليم في ظل هذا الموقف. فـquot;صحيح أنه يرتب على سورية ثمنا اقتصاديا، و لكنه يقدم للعراق ثمنا ايجابيا هو أن يبقى هذا المواطن يتعلم أن يعيشquot;.

أما بالنسبة للملف النووي الإيراني والمؤشرات التي تتحدث عن اعتزام أميركا شن حرب على ذلك البلد، فأجاب الرئيس السوري على ذلك بأن quot;يجب أن نبقى دائما متحفزين لأي عمل أخرق من قبل الولايات المتحدة أو من قبل إسرائيل تجاه إيران أو سورية أو تجاه لبنان أو تجاه أي دولة أخرىquot;، مضيف أن أميركا quot;ربما تقوم بعمل أحمقquot;.

وحول ما نشب خلال الأشهر الفارطة من توتر في العلاقات التي تجمع سورية و عدد من الدول العربية التي تربطها علاقات متينة و تاريخية، دعّم الأسد هذا الانطباع قائلاً إن quot;العلاقات ليست كما يجب أن تكون بين سورية والسعودية، وسورية ومصر (...) هناك تشاور ولكن ليس كما كان الوضع قبل سنوات قليلة مضتquot;، متحاشيًا التطرق حول أسباب تلك الخلافات وتداعياتها. وهو سعي، على ما يبدو، من أجل التلطيف ممن حالة التصعيد، بعد موجة السجالات الحادة التي عرفتها الساحة الإعلامية بين مختلف تلك الأطراف.

ولم يبدِ الرئيس الأسد انزعاجًا كبيرًا تجاه سلسلة النقد الموجهة لرصيده المرتبط بالمسار الديمقراطي وبملف احترام حقوق الإنسان في بلده. إذ يقول في حواره إن quot;الأولوية بالنسبة لنا هي الحفاظ على الاستقرارquot; بعد أن كانت الأولوية للجانب الاقتصادي. وإن أمام الشعب السوري quot;متسع من الوقت و من المزاج الشعبي. الآن الكل منشغل حول العدوان الإسرائيليquot;.