عرفان صديقي: لم نعرف المعارضة الحقيقية بعد
كراتشي (باكستان): قالت بينظير بوتو رئيسة وزراء باكستان السابقة والتي عادت اليوم الى باكستان انها تعتزم العمل على اجراء انتخابات نيابية نزيهة في البلاد، في وقت تتزايد فيه التكهنات بقرب توصلها الى اتفاق لتقاسم السلطة مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف.

وكانت بوتو قد عادت قبل ساعات الى باكستان في مشهد درامي بدأته بالدموع حيث اجهشت بالبكاء حين لمست قدماها ارض الوطن لاول مرة منذ ثماني سنوات من منفاها الاختياري، بعد ان حطت طائرتها في مطار كراتشي هذا الصباح.

واحتشد نحو 200 الف من انصار بوتو على امتداد 6 كليو مترات في الطريق من المطار الى المدينة لتحيتها واعلان الدعم لها.

وشقت سيارتها طريقها بصعوبة بالغة وسط حشود الجماهير حتى انها اضطرت في بعض الاوقات الى التوقف تماما حين كان بعض انصارها يندفعون الى مقدمة السيارة لتحيتها.

وقالت بينظير بوتو في كراتشي quot;انها لحظة عاطفية ومؤثرة بالنسبة ليquot;. واضافت quot;انني كنت اتطلع اليها لمدة طويلة جدا، وعندما لمست اقدامي ارض باكستان غمرتني العواطف فعلا. لم اكن لاعتقد ان هذا اليوم الذي كنت اعد الساعات والدقائق واللحظات والسنوات قد جاء اخيراquot;.

شعبية كبيرة

وذكر ان استقبال بوتو طغت عليه اجواء كرنفالية تخللها عزف الموسيقى، فيما ارتدى عدد كبير من انصارها ملابس ملونة بالاحمر والاسود والاخضر وهي الالوان التي يتميز بها حزب الشعب.

ولم تخل الحال من بعض المشاجرات، التي نشبت قبيل وصول بوتو، حيث حاول عدد من الاشخاص، كما يقول مراسل بي بي سي، اختراق الكردون الامني للوصول الى ارض المطار.

ويقول مراسل بي بي سي داميان جراماتيكاس في كراتشي انه على الرغم من مرور 8 سنوات على غياب بوتو عن البلاد الا انها مازالت تتمتع بشعبية كبيرة ودعم ملحوظ كسليلة عائلة بوتو العريقة سياسيا.

خطاب مرتقب
وتوجه موكب بينظير بوتو الى ضريح مؤسس باكستان محمد علي جناح حيث تعتزم القاء خطاب هناك قد تحدد فيه ملامح تحركاتها السياسية المقبلة.

وتعود بوتو الى باكستان لتقود حزب الشعب، أكبر حزب سياسي باكستاني، في الانتخابات البرلمانية المقبلة مما يؤذن بعودة الحكم المدني للبلاد.

ورفضت بوتو توصيات السلطات الباكستانية بإلغاء الموكب الذي تعتزم المشاركة فيه من المطار وحتى ضريح محمد علي جناح خوفا على حياتها.

وقالت بينظير quot; لا اعتقد ان اي مسلم حقيقي سيحاول الاعتداء علي لإن الإسلام يمنع الاعتداء على النساء والمسلمون يعرفون أنهم اذا هاجموا النساء فإنهم سيذهبون الى جهنمquot;.

اقتسام السلطة
ودارت تكهنات كثيرة أن المباحثات التي اجرتها بوتو ومشرف قد افضت الى نوع من الاتفاق بشأن تقاسم السلطة.

ورغم ان الجانبين لم يفصحا عن طبيعة المباحثات الا ان مراقبين يرجحون أن يسمح الاتفاق لبوتو بتولي رئاسة الحكومة فيما يصبح مشرف رئيسا مدنيا للبلاد ويتخلى عن قيادة الجيش.

وقد عادت بوتو الى باكستان بعد اصدار عفو عام عنها في تهم متعلقة بالفساد، وفي ظل سلسلة من الاخفاقات التي مني بها الرئيس الباكستاني في الفترة الاخيرة وتصاعد المعارضة السياسية والقانونية ضد تمديد رئاسته للبلاد بسبب احتفاظه بقيادة الجيش.

ومن المتوقع ان يتوصل الجانبان الى اتفاق في المحادثات الخاصة باقتسام السلطة والتي تحظى بدعم الإدارة الأميركية التي تخشى من تعاظم قوة المتشددين الإسلاميين في باكستان مقابل تراجع شعبية الرئيس الباكستاني.

وكان الرئيس الباكستاني برويز مشرف قد طلب من بوتو إرجاء عودتها حتى تبت المحكمة العليا في مدى دستورية تأهله للانتخابات الرئاسية إلا انها قررت أن تعود في الموعد الذي حددته سلفا وهو الموافق اليوم الخميس.

اجراءات امنية مشددة

وقد حشدت الحكومة الباكستانية قرابة 20 الف جندي في مدينة كراتشي تحسبا لوقوع اعمال عنف، وفي اعقاب تهديدات ميليشيات اسلامية باغتيال كل من بوتو ومشرف.

وبخلاف القوات التي انتشرت في مدينة كراتشي، قال أحد مسؤولي الامن ان قرابة 2500 جندي انتشروا في محيط مطار كراتشي علاوة على اغلاق عدد من الشوارع والمدارس.

واعربت السلطات الامنية الباكستانية عن ثقتها في نجاعة الاجراءات الامنية لتأمين وصول زعيمة حزب الشعب.

المأزق السياسي لمشرف

ويتعرض مشرف لازمة سياسية، ربما هي الاعنف منذ توليه مقاليد الحكم اثر انقلاب عسكري عام 1999 حيث تنظر المحكمة الباكستانية العليا في مدى دستورية تأهل مشرف للانتخابات الرئاسية التي جرت في وقت سابق من الشهر الجاري.

وكانت المحكمة قد اوعزت باجراء الانتخابات في موعدها على الرغم من الطعون التي قدمت في اهلية مشرف للترشح.

الا ان المحكمة العليا رفضت المصادقة على نتيجة الانتخابات حتى تبت في دستورية ترشح مشرف، ما ادى الى تعميق الغموض السياسي الذي يلف باكستان.

وكان البرلمان الباكستاني قد صوت باغلبية كبيرة لصالح اعادة انتخاب الرئيس مشرف لفترة ولاية جديدة في السادس من شهر اكتوبر/ تشرين الاول الجاري.

الا ان الرئيس مشرف لم يتمكن بعد من اداء اليمين الدستورية لأن المحكمة العليا لم تبت بعد في الطعون التي تقدم بها مناؤوه السياسيون، الذين تحججوا بأن مشرف لم يحق له الترشح للرئاسة طالما احتفظ بمنصب قائد الجيش.

ولا يتوقع المحللون ان تحكم المحكمة ضد مشرف في هذه المرحلة، ولكنها إن فعلت ذلك فسيؤدي القرار الى تفاقم الازمة السياسية التي تعصف بالبلاد، حيث هناك مخاوف من ان يعمد مشرف الى اعلان الاحكام العرفية من اجل الاحتفاظ بالسلطة.

يذكر ان باكستان تشهد اضطرابا سياسيا متزايدا في الاشهر الاخيرة، كما تعرضت قوات الامن الباكستانية لسلسلة من الضربات المؤثرة وجهتها لها جماعات متشددة مؤيدة لحركة طالبان الافغانية التي تعارض الدعم الذي يوجهه الرئيس مشرف للـ quot;حرب الاميركية ضد الارهاب.quot;