على الرغم من تمسك عباس بالقرارات الدولية
رعب فلسطيني من مؤتمر الخريف

موسى: نريد مؤتمرا يشكل تقدما في عملية السلام

عباس: الذهاب إلى مؤتمر السلام غير ممكن

مصر تعلن اطمئنانها لأجندة مؤتمر الخريف

بوش متفائل بشأن الاجتماع الدولي للسلام

أسامة العيسة من القدس: لا تبدي أم أحمد المغربي، التي أعدمت سلطات الاحتلال ابنها خلال انتفاضة الأقصى بعد القبض عليه والتحقيق معه، أي مشاعر جيدة تجاه كوندليزا رايس، وزير الخارجية الأميركية، التي زارت الأراضي الفلسطينية وإسرائيل مؤخرًا، تحضيرًا لمؤتمر الخريف. وحاولت المغربي، التي لها اثنين من الأبناء داخل السجون الإسرائيلية، محكومين بالسجن المؤبد، مقابلة رايس، لطرح قضية الأسرى أمامها، إلا أن أجهزة الأمن الفلسطينية منعتها من ذلك. وقالت المغربي، وهي لبنانية متزوجة من فلسطيني quot; إسرائيل قتلت أبناءنا وهدمت بيوتنا، وتحتجز 11 ألف أسير في سجونها، وإذا كان مؤتمر الخريف سيتجاهل معاناتنا وحقوقنا، فإن الأمر سيسير نحو الأسوأquot;.

وتشعر المغربي بخوف من نتائج مؤتمر الخريف، الذي لا تعرف اجندته، أو ماذا سيناقش بالتحديد، إلا أن السلوكين الإسرائيلي والأميركي، يذكران الفلسطينيين، بما حدث عقب فشل مؤتمر كامب ديفيد 2، والذي أدى إلى محاصرة ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية، واندلاع انتفاضة هي الأقسى في تاريخ الشعب الفلسطيني.

والسيناريو الذي يتخيله رجل الشارع الفلسطيني لما سيحدث هو فشل المؤتمر، واعتبار محمود عباس (أبو مازن) رئيس السلطة الفلسطينية رجلاً متطرفًا، ومن ثم عزله، وشن هجمة جديدة على الفلسطينيين، قد تكون اعنف مما حدث خلال انتفاضة الأقصى التي خلفت نحو 5 آلاف شهيد بينهم، غير مصادرة الأراضي، وعزل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض، ووضع عشرات الحواجز العسكرية، إلى درجة أن العودة إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل 28 أيلول (سبتمبر) 2000، وهو تاريخ بدء انتفاضة الأقصى، اصبح مطلبًا فلسطينيًا، يطرحه أبو مازن بشكل دائم في كل لقاءاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت.

ويقول المحيطون بأبي مازن، إن الرجل متخوف من نتائج المؤتمر، الذي يتم الإعداد له بطريقة وصفها مقربون من أبي مازن بـ quot;المريبةquot;، إلى درجة أن مطالبة رئيس السلطة الفلسطينية بالاتفاق على وثيقة مع الجانب الإسرائيلي تتضمن بحث قضايا الوضع النهائي، ووضع جدول زمني لمفاوضات إسرائيلية-فلسطينية، اعتبرتها الأوساط الأميركية بمثابة quot;ضغوطًاquot; يمارسها الفلسطينيون على الإدارة الأميركية.

وقال أبو مازن في لقاء مع التلفزيون الفلسطيني الرسمي، بان ما يتمسك بطرحه في المؤتمر ليس إلا ما أقرته القرارات الدولية. ولكن رايس، خلال اجتماعها الأخير مع أبي مازن في رام الله رفضت quot;الضغوطquot; الفلسطينية على الإدارة الأميركية، وفقا ما تحدثت به مصادر إسرائيلية. وانفض الاجتماع بين رايس وابو مازن، بدون أن يصدر عنه بيان مشترك، بدعوى عدم وجود وقت لدى وزيرة الخارجية الاميركية، وهو ما يشكل الخطوة الأولى في إجراءات ستتخذها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد أبي مازن، الذي يوصف بالزعيم الفلسطيني المعتدل.

المقربون من أبي مازن يقولون، بأنه يريد تحضيرًا جيدًا للمؤتمر، ووقف إسرائيل لما اسماها رئيس السلطة الفلسطينية الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة وسياسة مصادرة الأراضي وأعمال الحفريات معتبرًا أن مثل هذه الأعمال تعرقل المساعي لصياغة وثيقة ذات مضمون تطرح في المؤتمر الدولي.

ويطالب أبو مازن، بأن يتم خلال اللقاءات التي تجمع الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي الان، الوصول إلى وثيقة تتضمن القضايا مسار الخلاف مع الإسرائيليين، أما إسرائيل فإنها لا تريد سوى إعلانًا عامًا. وقال أبو مازن، إن ما جرى في هذه الاجتماعات حتى الان ما هو إلا بمثابة عصف فكري، طرح كل جانب آراءه، ولكن لم يتم التوصل إلى أي شيء حتى الان.

واضاف أبو مازن أنه يجب أن تتكثف اللقاءات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مؤكدا ضرورة استغلال كل دقيقة من الآن وحتى انعقاد المؤتمر.
وقالت الدكتورة خلود دعيبس، وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية، التي التقت رايس خلال زيارتها الأخيرة للمنطقة، بانه تقع على عاتق الإدارة الأميركية جهودًا خاصة لإنجاح مؤتمر الخريف.

واضافت دعيبس بأنها والوفد الذي التقى رايس، طالبها بالعمل على إنجاح مؤتمر الخريف، والخروج بنتائج إيجابية للشعب الفلسطيني.وحول هذه النتائج قالت دعيبس لـ quot;إيلافquot; إنها يجب ان تتمثل quot;وتتوج بالأمن والاستقرار وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وان تحقيق ذلك يتطلب تضافر كافة الجهود من كافة الجهات وخاصة من الإدارة الأميركية.

وأضافت quot;من المهم في هذه المرحلة تعزيز وتقوية موقف الحكومة الفلسطينية، بالضغط على إسرائيل للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وتسهيل حركة المواطنين الفلسطينيين، عبر إزالة الحواجز المنتشرة حول المدن الفلسطينية، والمساعدة في بناء الاقتصاد الوطني الفلسطينيquot;. وابلغ الفلسطينيون، رايس، بان فشل مؤتمر الخريف سوف لا يعني الخسارة فقط للشعب الفلسطيني، ولكن للعالم كلها، ولكن رايس بقيت صامتة تسمع اكثر مما تتكلم، ولم تعد بشيء.

وما لم يقله أبو مازن أمام وسائل الإعلام، قاله مستشاروه، مثل نبيل أبو ردينة، الذي وصف الأجواء التي سادت خلال اجتماع أبو مازن-رايس، بأنها غير جيدة، وان هناك شعورا لدى الفلسطينيين بان إسرائيل غير جدية بتاتا وأنها تضع المزيد من العقبات.والمح أبو مازن، بأنه قد لا يشارك في المؤتمر أصلا، إلا إذا كانت الأمور واضحة، والوصول إلى وثيقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، غير مبهمة وواضحة ومفهومة تتضمن جدولا زمنيا لمباحثات سلام.

وما لم يقله أبو مازن ومستشاروه إمام وسائل الإعلام، قالوه في مجالسهم الخاصة، وهي انهم يشعرون بخوف من المؤتمر الذي تسعى الإدارة الأميركية إلى عقده بدون تحضير مناسب، وفي ظل عدم إبداء إسرائيل أية مرونة في موقفها.وقال بعضهم بأنها يشعرون برعب حقيقي، بعد أن ينتهي المؤتمر من دون أي نتائج مهمة، وأشاروا إلى انه لا يوجد لدى إسرائيل أي مشروع سياسي يمكن أن تقدمه إلى الفلسطينيين، غير استمرار الاحتلال وإطالة عمره، والتوسع في الاستيطان، وإجراءات عزل المناطق الفلسطينية.

ولكن هؤلاء لا يريدون، أن يقطعوا الأمل، فوزيرة الخارجية الأميركية، ستعود إلى المنطقة من جديد في مطلع الشهر المقبل، لمواصلة مباحثاتها مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وربما يسعف الوقت، لإصدار بيان مشترك مع أبي مازن.وسيسبقها، مستشار الأمن القومي الأميركي ستيف هيدلي، الذي سيصل إلى المنطقة الأسبوع المقبل لإجراء مباحثات مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين حول الاستعدادات لمؤتمر الخريف وبعض القضايا الأمنية.
وستكون هذه أول زيارة لهيدلي لإسرائيل والمناطق الفلسطينية منذ تعيينه مستشارًا للأمن القومي قبل نحو ثلاث سنوات.

وبالنسبة إلى الفلسطينيين، فإن الكرة الآن هي في الملعب الاسرائيلي، وقال نبيل عمرو المستشار الإعلامي لأبي مازن، بانه حتى الآن فإن اللغة الإسرائيلية تجاه مؤتمر الخريف quot;هي لغة غامضة وسلبيةquot; معتبرًا أن هذه اللغة تؤثر سلبيًا على أجواء المؤتمر والمشاركين فيهquot;. وأعرب عمرو عن أمله في أن تؤدي الجهود الأميركية إلى تطوير الصيغ السياسية التي يمكن التوصل إليها بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وتذليل العقبات بينهما لصياغة ورقة يمكن البناء عليها.

وطالب المسؤول الفلسطيني الجانب الإسرائيلي بأن يكون أكثر انفتاحًا على الأفكار التي تساعد على انجاح المؤتمر، مؤكدًا إصرار الجانب الفلسطيني على وضع جدول زمني لمفاوضات الوضع النهائي باعتبار انه من المستحيل بقاء المفاوضات مفتوحة إلى ما لا نهاية.ولكن هناك أصوات فلسطينية، ترى بأنه يجب أن يسبق مؤتمر الخريف تحضيرًا فلسطينيًا، مثل القائد الفتحاوي الأسير في السجون الإسرائيلية حسام خضر.

وطالب خضر المعزول في زنزانة داخل سجن بئر السبع، بضرورة الإعداد الجيد لمؤتمر الخريف من quot;خلال الذهاب للمؤتمر كفلسطينيين موحدين، ومستندين للشرعية القانونية والأخلاقية والدولية، ومرتكزين على عمقنا العربي ومبادرته التي أقرتها قمة بيروت، وعدم تجاوز السقف التفاوضي المتفق عليه وطنيا في مسألة حقوقنا بالاستقلال والدولة والقدس واللاجئين والمياه والحدودquot;.

ونقلت المحامية بثينة دقماق من مؤسسة مانديلا بعد أن التقت خضر في سجنه، عنه قوله quot; على الفلسطينيين توحيد موقفهم السياسي وسلطتهم الفلسطينية أولاً قبل الذهاب إلى مؤتمر الخريف، وهذا يتطلب مواقف جادة ودراماتيكية من حركة حماس بإعلانها التراجع عن الخطوات التي أقدمت عليهاquot;، ودعا إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا على أي اعتبار أو مصلحة حزبية أو تنظيمية، وأبدى خضر تخوفه من أن يتحول مؤتمر الخريف إلى مهرجان خطابي دولي quot;نحصل فيه على مجرد وعود كاذبة ومسكنات وتنازلات في الثوابت الوطنية الفلسطينية، مقابل أوهام هي ذات الأوهام القديمة التي وعدنا بها في أوسلو، فيما أن الواقع على الأرض هو استيطان إسرائيلي ومصادرة أراضي فلسطينية واغلاقات وحواجز واقتحامات واعتقالات وهدم بيوت وتنكر لكل الاتفاقيات والتفاهمات التي داستها دبابات وأحذية جنود جيش الاحتلال الإسرائيليquot;.

وطالب خضر، أبا مازن بإحداث تغييرات جذرية وحقيقية في بنية وتشكيلة وطبيعة الوفد الفلسطيني المفاوض، وقال خضرquot; من غير المعقول على الإطلاق أن نرى نفس الوجوه التي أخفقت في الماضي وفشلت في ادارتها للمفاوضات، وباعت شعبنا أوهامًا ووعودًا في الوقت الذي استأثرت بالامتيازات، هي ذاتها التي تفاوض الآنquot;، وقال خضر quot; على الجسم التفاوضي الفلسطيني أن يلفظ من داخله كل من هبط بسقفنا التفاوضي ووقّع على وثائق مجانية مع إسرائيليينquot;.

وحذّر خضر، وهو أيضًا رئيس لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في الوطن والمنفى quot;من المساس بقضية اللاجئين، وأي تلاعب بحق العودة أو المساومة عليه تحت أي ظرف من الظروفquot; ودعا خضر اللاجئين quot;إلى اليقظة والحذر وتوحيد الجهود المساندة لدعم المفاوض الفلسطيني وحثه على التمسك ومزيد من التمسك بحقوق اللاجئين في العودة واستعادة الممتلكاتquot;.

ولم تفلح الأمطار الخفيفة التي سقطت على الأراضي الفلسطينية، في تبديد الرعب الذي يزداد انتشارا في السماء الفلسطينية، ويسمي الفلاحون هذه الأمطار بأمطار quot;الفتوحquot; التي لا يعولون عليها عادة، في ري مزروعاتهم، ويعيشون بعدها في قلق، لانهم لا يعرفون ماذا ستحمل السماء بعد سقوطها: أيام قحط، أم أمطار غزيرة.