quot;والنجم إذا هوىquot;... إضاعة الجمهور في quot;نهائيquot; السياسة
نطحة quot;زيدان القصيبيquot; تطغى على زيارته للندن


سلطان القحطاني من لندن: سوف يكون وزير العمل السعودي الدكتور غازي القصيبي أحد أكثر أعضاء الوفد الرسمي لمعانًا خلال زيارة ملكه لبريطانيا، التي تستمر طوال الأيام الثلاثة المقبلة، على الرغم من أن علاقته بالصحافة البريطانية وصفحاتها الأولى قد خفتت على غير عهدها السابق بحكم بعده عن الأجواء اللندنية لعدة سنوات.

إلا أن الحدث الذي سيطغى على الحدث هو أن القصيبي يجيء ظهر اليوم الأثنين إلى لندن على وقع أصداء تعيينه نائبًا له في وزارته التي تُواجَه بنفور شعبي، وهو عبد الواحد الحميد، الذي كان اسمه يطرح همسًا وسرًا، حين يتطرق الحديث إلى خليفة لهذا الوزير المعتق الذي تنقل في ما لا يقل عن ثلاث وزارات وسفارتين في بلاده.

وعلى الرغم من أن تاريخ حياته السياسية، منذ أن بدأ في عهد الملك خالد، كان محط إعجاب وتقدير كبيرين مما كوّن له قاعدة جماهيرية ضخمة تراكمت خلال سنوات طويلة، إلا أن نقلاته الأخيرة على لوح شطرنج وزارة العمل كانت قريبة الشبه من quot;نطحة زيدانquot; في كأس العالم، الذي اختار أن يختتم بها تاريخًا طويلاً من النجاح والنجومية.

ومن خلال عمله في وزارة العمل المكلفة بزيادة جرعات السعودة عبر توطين الوظائف وتقليم أظافر quot;أسماك التأشيرات الضخمةquot;، التي تعودت على جلب عدد أكبر من العمالة الأجنبية يزيد عن حاجتها، فإنه سحب كثيرًا من رصيده الشعبي الذي كونه على مدار عقود طويلة لدرجة إصابته بالإحباط والرغبة في التقاعد.

وحسب ما سيكشفه بنفسه خلال فيلم وثائقي عن الملك عبد الله فإنه كان محبطًا أشد الإحباط من إضاعته صوت الجمهور بعد مجيئه إلى وزارة العمل التي تعتبر المباراة النهائية له في كأس دوري بلاده السياسي، إلا أن الملك عبد الله أعاد إليه روح الأمل وقال له إن التحدي هو المقدرة على إقناع الناس بهذا المشروع الوطني.

ويعود إلى لندن بعد سنوات من البعد القسري عنها عقب مغادرته كرسي سفارة بلاده على إثر نشره قصيدة تمجد إحدى الإنتحاريات الفلسطينيات، التي قضت خلال تنفيذها عملية داخل إسرائيل، ما سبب أزمة صامتة بين الحكومة البريطانية والسعودية تم تلافيها من خلال تبديل كرسي هذا quot;السفير العروبيquot; إلى كرسي آخر في وزارة المياه لذلك البلد الصحراوي.

وفقد منصبه كسفير لحكومة بلاده لدى بلاط سانت جيمس البريطاني بعد نشره تلك القصيدة في صحيفة quot;الحياةquot; اللندنية على أيسر صفحتها الأولى مؤيدًا فيها منفذي العمليات الانتحارية في فلسطين، ومهديًا إياها إلى آيات الأخرس التي فجرت نفسها في عملية انتحارية في القدس قبل عدة أعوام.


وربما لن تتغير لندن كثيرًا عليه خصوصًا وأنه خبر طقسها وهواءها وغيومها المقيمة والعابرة، إلا أن ظِلَّ أسطورته الليدي ديانا التي كتب عنها كتابًا كاملاً بعد وفاتها سوف يعود للتخييم فوقه، وهي الأميرة الحسناء التي حكى لها هذا الوزير والشاعر مرارًا عن تجربته الثورية في الطبخ وفوضى المطابخ.

ويأتي ذلك في وقت لا تزال فيه رفوف المكتبات العربية تحتضن كتابيه الأخيرين quot;باي باي لندنquot; و quot;حديقة الغروبquot;. وهذان العنوانان ربما يصوران بدقة تحولات الوزير المعتق في هذه السنوات الحرجة بالنسبة إليه.

وبعد أن هدده بن لادن من خلال إحدى تسجيلاته الصوتية التي كشفت عنها quot;إيلافquot; قبل عامين، فإنه لا يزال حتى اللحظة تحت مرمى نيران القاعدة ورجال الأعمال في بلاده الذين اختاروا نوعاً جديداً من الاحتجاج وهو الهجرة الاختيارية إلى دبي.

وكانت تلك إحدى المرّات القليلة التي يجتمع فيها الأصوليون مع رجال الأعمال في مواجهة هدف واحد، من سوء حظ الوزير أو حسن حظه، مما جعل مراقبين خليجين كثر من دون تخوفهم من تنامي ظاهرة quot;رؤوس الأموال الأصوليةquot; في المملكة التي تشهد معركة حقيقة بين الحكومة والمتطرفين الذين يبدون تعاطفاً مع تنظيم القاعدة وهجمات الخلايا المسلحة على المجمعات السكنية التي يقطنها الأجانب.

وللقصيبي حكايات كبيرة في حياته السياسية كان الشعر محورها الرئيس دائماً وأبدا، إذ فقد إحدى وزاراته في ثمانينات القرن الفائت بسبب قصيدة نشرها بعنوان quot;آخر رسائل المتنبي لسيف الدولةquot; وجهها بشكل خفي إلى العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز، على الرغم من أن القصيبي يُشير دومًا إلى أن لا علاقة لها بقرار إقالته.