واشنطن:
يلتقي الرئيس الأميركي جورج بوش اليوم نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي في البيت الأبيض لتكريس الشراكة المتجددة بين البلدين التي لم تختبر بعد على الساحة الدولية. وشهدت العلاقات الأميركية - الفرنسية توترًا غداة الموقف الحازم الذي اتخذه الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في معارضة الحرب في العراق في عام 2003 وهي مرحلة وصفها نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية نيكولاس بيرنز بأنها quot;قاتمة ومؤسفةquot; في خطاب له في الجامعة الأميركية في باريس، الأسبوع الماضي.

وقالت خبيرة الشؤون الخارجية في مؤسسة (هريتاج) هيل دال لوكالة الانباء الكويتية (كونا) إن ساركوزي quot;لا يعادي القيادة الاميركيةquot; على عكس شيراك الذي لم يزر الولايات المتحدة سوى مرة واحدة منذ ست سنوات تحديدًا في مثل هذا اليوم في 6 تشرين الثاني/نوفبمر 2001. وسيجري ساركوزي خلال زيارته الرسمية الاولى لواشنطن بعد انتخابه في شهر أيار/مايو الماضي مباحثات مع بوش خلال عشاء رسمي في البيت الابيض قبل أن يتوجها غدًا الى مدينة مونت فيرنون قرب واشنطن وهي مسقط رأس الرئيس الاميركي الاول جورج واشنطن.

ويلقي ساركوزي الاربعاء خطابًا امام جلسة مشتركة للكونغرس وبهذا يكون الرئيس الفرنسي السادس الذي يقوم بهذا الامر بعد فنسنت اريول في عام 1951 وشارل ديغول في عام 1960 وجورج بومبيدو في عام 1970 وفرنسوا ميتران في عام 1984 وشيراك في عام 1996. ووصفت دال الزيارة بأنها quot;لبناء الثقةquot; مبينة ان ساركوزي يسعى الى quot;التأثير على قرارات واشنطنquot; على الساحة الدولية.

وسبق ان التقى بوش وساركوزي مرتين حتى الان في قمة مجموعة الثماني في المانيا في حزيران الماضي لدى استضافت عائلة بوش الرئيس الفرنسي في مجمعها في ولاية ماين في شهر آب/اغسطس الماضي. وقال المتحدث باسم الرئاسة الفرنسية ديفيد مارتينون في تصريحات سابقة ان quot;هدف الزيارة هو تكريس تجدد الروابط بين فرنسا والولايات المتحدة بعد ازمة 2003 ولتوجيه رسالة الى الشعب الاميركي عبر خطاب الرئيس الى الكونغرسquot;.

وعلى جدول اعمال الزيارة التي تمتد ليومين فقط قضايا دولية وثنائية تشمل ايران وافغانستان والمسار الفلسطيني الاسرائيلي ولبنان ودارفور وكوسوفو والعلاقات عبر الاطلسي والتبادل التجاري والتغيرالمناخي. واكتسبت فرنسا مواقف اكثر حدة تجاه القضايا الدولية مع وصول ساركوزي الى قصر الاليزيه ولكن لا يتضح حتى الان مدى استعداد ساركوزي للانخراط ودفع ضريبة هذه الشراكة. وقال بيرنز في هذا الاطار quot; نحن مستعدون للقاء فرنسا في كل خطوة على الطريقquot; مبينا ان ساركوزي اضاف quot;قدر كبير من الطاقة الايجابيةquot; الى العلاقة الفرنسية -الامريكية.

وفي انقطاع عن الاتجاه العام لسياسة فرنسا الدفاعية المح ساركوزي اخيرا ان باريس قد تعود مجددا الى هيكلة القيادة العسكرية في حلف شمال الاطلسي (ناتو) وهي خطوة ترضي الادارة الاميركية التي لا تفضل نمو النظام الدفاعي الاوروبي كحال بديلة عن الحلف

ورأت دال ان ساركوزي quot;سيقرب الولايات المتحدة من الاتحاد الاوروبيquot; واصفة اياه انه quot;مؤمن باندماج وتعاون الاتحاد الاوروبيquot; ويبدو انه لن يتخل عن برنامج الدفاع الاوروبي. ولا تترافق مواقف ساركوزي المتصلبة تجاه ايران مع سياسات صارمة تدعمها في وقت تزيد واشنطن من ضغوطها على طموحات طهران النووية وافضل تعبير عن هذا الامر ما قاله الرئيس الفرنسي في شهر اغسطس الماضي حول ضرورة تجنب خيارين هما quot;القنبلة الايرانية وضرب ايرانquot;. ورأت دال ان ساركوزي يبتعد عن ثوابت السياسة الخارجية الفرنسية في التعامل مع ايران وفي مجاهرة دعمه الى اسرائيل فيما السياسة الفرنسية كانت تعرف بقربها الى العرب.

وتابعت ان ساركوزي quot;اقترب اكثر من بوش quot; في الاشهر الماضية في اشارة الى اعلان باريس استعدادها فرض عقوبات على ايران من خارج منظومة الامم المتحدة. ويؤيد ساركوزي الولايات المتحدة في العراق وافغانستان حيث زار وزير الخارجية برنار كوشنير بغداد شهر اغسطس الماضي لاظهار هذا الدعم الدبلوماسي ولكن من المستبعد ان ترسل فرنسا اي جنود الى البلدين لتفادي ردة فعل الرأي العام الفرنسي. ويتوافق كل من بوش وساركوزي على المقاربة العامة للازمة الرئاسية في لبنان ولكن يختلفان في التكتيك ولم تبدو واشنطن سعيدة بالتقارب الفرنسي الاخير مع دمشق. وقالت دال ان العلاقة الثنائية بين البلدين quot;ستتحسن حتماquot; مستبعدة ان يكون لكل من باريس وواشنطن quot;مصالح متطابقةquot; في المستقبل.

ومن المتوقع ان يعلق ساركوزي وسام المحاربين القدامى على صدر مواطن امريكي في الثمانين من عمره يدعى شارلز شاي الذي ساعد في انقاذ جرحى خلال معركة النورماندي في الحرب العالمية الثانية في حفل مساء اليوم في السفارة الفرنسية في واشنطن. ويلتقي ساركوزي اليوم ايضا مجموعة اعمال فرنسية اميركية ومنظمات اميركية يهودية قبل العودة الى باريس.

ويتوجه الرئيسان الى مونت فيرنون للاحتفال بالذكرى 250 لولادة لا ماركيز دو لافاييت وهو الجندي والدبلوماسي الفرنسي الذي جاء الى الولايات المتحدة في عام 1777 لمساعدة الرئيس الاميركي واشنطن على مواجهة البريطانيين. ويرافق ساركوزي ثلاثة مسؤولين فرنسيين هم وزيرة العدل من اصول مغربية وجزائرية رشيدة داتي ووزيرة المالية كريستين لاغارد بالاضافة الى كوشنير.

كما تحل المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ضيفة مميزة في مزرعة بوش في كراوفورد في ولاية تكساس يوم الجمعة المقبل ويعكس هذا الترحيب الحار لكل من ساركوزي وميركل تباين علاقة بوش مع سلفهما شيراك وغيرهارد شرودر.