الرياض -موسكو: تبدأ اليوم زيارة عمل يقوم بها والي العهد السعودي النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبد العزيز لروسيا. وهذه هي أول زيارة للأمير سلطان لموسكو ويقوم بها ولي العهد السعودي بناء على دعوة تلقاها من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثناء زيارة الأخيرللسعودية في شباط/فبراير الماضي. وقد زار موسكو قبله في صيف 2006 أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز.

ويتوقع أن يُجريالأمير سلطان خلال الأيام الثلاثة المقبلة لقاءات مع الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء فيكتور زوبكوف ووزيري الدفاع والخارجية وعمدة موسكو وكبار رجال الأعمال وزعماء المسلمين في روسيا.

وتتضمن أجندة مباحثات الأمير السعودي مع كبار المسؤولين الروس طائفة واسعة للغاية من القضايا ومن ضمنها الوضع في الشرق الأوسط بما فيه الأوضاع القائمة في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية، واللقاء المقبل في انابوليس حول التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، والملف النووي الإيراني، ومسائل الأمن الدولي والإقليمي، وقضايا مكافحة الإرهاب والنزعات المتطرفة، إضافة إلى العلاقات الثنائية، طبعًا.

ونشرت إحدى الصحف السعودية الكبرى quot;الجزيرةquot; عشية الزيارة مقالة تحت عنوان quot;الاتحاد السوفيتي أول بلد في العالم اعترف عام 1926 بالمملكة السعوديةquot;. وتتناول المقالة تاريخ تطور العلاقات بين بلدينا التي كانت بدايتها رائعة جدًا، ولكنها تردت في أواخر الثلاثينات لتتجمد نهائيًا في فترة لاحقة. وكانت موسكو والرياض تنظران إلى بعضها الآخر في النصف الثاني من القرن العشرين من خنادق quot;الحرب الباردةquot;.

وفقط في عام 1990 توصلت موسكو والرياض إلى اتفاق على تطبيع العلاقات فيما بينهما.

وفي عام 2003 زار موسكو الأمير عبد الله ولي العهد آنذاك والملك السعودي حاليًا. وأسفرت زيارته التي يصفونها وعن حق بأنها quot;زيارة تاريخيةquot;، عن نقلة نوعية في العلاقات بين بلدينا وأعطت زخمًا قويًا لتطويرها. وخلال السنوات الأربع الفائتة وقعت بين موسكو والرياض سلسلة من الاتفاقيات الرامية إلى حفز العلاقات التجارية والاقتصادية وتحققت أولى الخطوات العملية على هذا الطريق.

وعلى الرغم من المنافسة العنيفة تمكنت أول شركات روسية من دخول السوق السعودية باعتبارها واحدة من أكثر أسواق الشرق الأوسط سعة وطاقات مستقبلية. فتقوم شركة quot;لوك أويلquot; بالتنقيب عن الغاز في صحراء الربع الخالي وقد أعلن في فبراير الماضي أنه في الحقل الذي تستكشفها quot;لوك أويلquot; سوية مع شركة quot;سعودي أرامكوquot; الحكومية اكتشفت احتياطات تجارية من الغاز والغاز المتكاثف.

وتقوم شركة quot;ستروي ترانس غازquot; الروسية بتنفيذ مشروعين في السعودية ففي المنطقة الشرقية من البلد يعمل خبراؤها على مد خط أنابيب نفط quot;شيبة - أبقيقquot; بطول 217 كم بينما تقدم هذه الشركة الروسية في غربي البلد المساعدة الفنية في بناء منظومة معقدة للغاية لنقل المياه ولكنها ضرورية في ظل المناخ الجاف.

وقال المتحدث باسم شركة quot;ستروي ترانس غازquot; قسطنطين دوداريف: quot;تتكون المنظومة من نفق طوله 900 كم وعدة محطات ضخ وخزانات للماء. وسوف يتم بواسطتها نقل الماء العذب من أكبر مصنع في البلد لتحلية مياه البحر يقع على البحر الأحمر إلى عدة عشرات من المراكز السكانية بما فيها مدينة عبقة الجبلية الواقعة على ارتفاع 2000 متر فوق سطح البحرquot;.

ويتطور بنجاح التعاون الروسي - السعودي في مجال الغزو السلمي للفضاء الكوني. فبواسطة الصواريخ الروسية أطلق إلى المدار عدد من أقمار الاتصالات السعودية. وتبدي المملكة الاهتمام بالمنظومة الفضائية الروسية للملاحة (غلوناس). ومما يجذبها خاصة إلى المنظومة الروسية خلافا لـquot;جي بي أسquot; الأمريكية شروط استخدامها وبالذات أن موسكو لن تتمكن من قطع الاتصال من جانب واحد وأن الشريك السعودي سيتمتع بالاستقلالية التامة في تعاملاته في إطار quot;غلوناسquot;.

وكان قد أكد زعيما البلدين مرارًا أن التعاون الروسي - السعودي يحوي طاقات كامنة ضخمة للتطور. ويمكن بسط مجال هذا التعاون على قطاع التعدين والطاقة الذرية والتكنولوجيات الراقية والاستثمارات المشتركة وغزو الفضاء وأخيرًا القطاع العسكري.

وليس سرًا على أحد أن الجانب السعودي مهتم بأحدث نماذج من الدبابات والهليكوبترات والأنظمة المضادة للصواريخ الروسية. ولكن هذا الاهتمام لم يتجسد بعد في المشتريات الملموسة وذلك بسبب شدة المنافسة. وطبقًا للدوائر المطلعة في الرياض قد تشهد زيارة الأمير سلطان القادمة بالذات توقيع أولى صفقات لبيع الأسلحة الروسية إلى المملكة.