الملك يدعمهم ونواب الشعب يحاربونهم
صحافيّو البحرين يبحثون عن قانون يحميهم

احد اعتصامات الصحفيين بالبحرين
مهند سليمان من المنامة: تياران يتصارعان في مجال الحريات الصحافية في البحرين .. تيار يحاول البحث عن قانون بديل يناسب مرحلة الإنفتاح والحرية التي جاء بها المشروع الإصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ العام 2001 ، وتيار آخر يسعى إلى إقرار قانون يشرع حبس الصحافيين على الرغم من رفض الملك شخصيًا لهكذا قانون. وعن الحريات يرى رئيس جمعية الصحافيين عيسى الشايجي أن الصحافة البحرينية quot;تعيش أوضاعًا جيدة حيث لم يتعرض أي صحافي للفصل أو التعذيب ولم يتم اغلاق صحيفة واحدةquot; ، لكنه وعلى صعيد آخر يعتبر ان الـ25 قضية المرفوعة ضد صحافيين تعكس ضرورة إقرار قانون مستنير ينظم العمل الصحافي. ومن جهة أخرى، يؤكد الشايجي لـ إيلاف أن الملك يمتلك رؤية متقدمة للصحافة ويعتبر ان هذه الرؤية quot; تعني تقدير الدور الذي تقوم به الصحافة البحرينية، نحن اليوم كرؤساء تحرير نؤكد ان الصحافة مارست دورها بمسؤولية وبما ان الحرية مسؤولية فإن الصحافة تستحق الحريةquot;.

وحول محاولات بعض النواب إقرار عقوبة حبس الصحافيين، يصف الشايجي هذا التوجه بـالغريب quot; لقد اثبت الصحافيون انهم لا يخافون من الوقوف امام القضاء، ولقد اثبتوا ذلك من خلال قيامهم بكل شيء من اجل ايصال ما يريدون ايصاله . لكن اقرار عقوبة الحبس عبر قانون لأنه حينها سيتمكن اي شخص من رفع قضية كيدية خصوصًا وان القانون الآن يحمل رئيس التحرير المسؤولية، إذ لا يمضي شهر لا يستدعى فيه رئيس تحريرquot;.

قانون الصحافة والنشر... قرار مؤجل

يعتبر ملف قانون الصحافة والنشر من الملفات المصيرية، ومع هذا ما زال البت فيه معلقًا. وفي هذا الاطار دعا الشايجي إلى المسارعة بالبت في هذا الملف طالبًا من الجهات المعنية، بالاطلاع على قانون مجلس الشورى الذي تدعمه الجمعية والقانون المقدم من قبل الحكومة لتعديل قانون 2002. جمعية الصحافيين البحرينية بدورها كانت قد دعت وزير الاعلام الى تبني قانون مجلس الشورى وتقديمه إلى مجلس النواب أو المسارعة في تشكيل لجنة مشتركة تضم جمعية الصحافيين ووزارة الإعلام للتوفيق بين المقترحين القائمين، وذلك لمحاولة الوصول الى مقترح يحظى بقبول كافة الأطراف. فحرية الكلمة وضمان حقوق الصحافيين لا يمكن ان تكون محط اختلاف، واعتبرت الجمعية ان الوصول لقانون متطور وعصري يضمن الحريات الصحافية في البحرين ويعززها ويحميها هو طموح مشروع للبحرين والبحرينيين ولا يمكن التراجع عنه.
هذه المطالب لاقت دعم الملك الذي اعرب عن تقديره ومساندته لما تبذله الجمعية من جهود في اقامة ورش العمل التدريبية من اجل اعداد كوادر صحافية من الشباب والشابات.

ووسط كل هذه المطالبات ودعم الملك كانت وزارة الاعلام عبر الوزير جهاد بو كمال تؤكد أنها ستسعى إلى إذابة كل العراقيل أمام وضع قانون ينظم عمل الصحافة بما يرضي كافة الأطراف، وتحديدًا الأسرة الصحافية. هذا الدعم تكرر ايضًا على لسان وكيل وزارة الاعلام حمد المناعي الذي اكد أن وزارته لا تؤيد حبس الصحافيين اطلاقًا، وإن الاستدعاءات والقضايا المرفوعة على الصحافيين ليست للحكومة أو وزارات الدولة ومؤسساتها علاقة بها، بل رفعها أفراد عاديون، لافتًا إلى ان الصحافة البحرينية في مجملها هي مثال للصحافة الملتزمة التي تتسم بالوعي والحرص على الشأن الوطني.

حقوقيو البحرين من جهتهم شكلوا دورًا بارزًا في دعم حقوق الصحافيين من خلال دعواتهم المتكررة الى البت بقانون عادل يحمي الصحافيين ويكفل الحريات، مطالبين بتعديل قانون الصحافة البحريني بما يتناسب مع المواثيق الدولية التي وقعت عليها البحرين، على أن يشارك الحقوقيون في صياغته. وعلى الرغم من كل هذه المواقف الداعمة لا يزال ملف قانون الصحافة والنشر معلقًا، ينتظر قرارًا توافقيًا للبت بأمره.

صحافيون امام القضاء

خلافًا للاعوام السابقة، تشير الارقام الى تزايد القضايا المرفوعة ضد الصحافيين، إذ ينظر القضاء في 12 قضية مرفوعة من النيابة العامة. يذكر أن معدل القضايا بلغ عام 2006 احدى عشرة قضية مقابل 7 قضايا عام 2005 و3 قضايا عام 2004. اما مسلسل القضايا ضد الصحافيين في البحرين فكانت البداية هذا العام في 24 يناير الماضي حيث رفعت وزارة الاعلام قضية ضد الصحافيين محمد السواد وأحمد العرادي من صحيفة الوقت على خلفية التقرير الشهير الذي منعت المحكمة الصحف المحلية نشر أي تفاصيل للقضية خلال تداولها في القضاء.

وفي الشهر ذاته، برأت المحكمة الجنائية الكبرى برئاسة القاضي الشيخ محمد بن علي آل خليفة، كلاً من رئيس تحرير (الوسط) منصور الجمري والصحافية بتول السيد، في الدعوى المرفوعة من عضو مجلس النواب محمد خالد قبل 3 سنوات. وفي آذار/مارس حققت النيابة العامة البحرينية مع الصــحافي جــعفر الجـــمري من صحيـــفة الوســـط في قضية رفعتها مواطنة ، تتهم الكاتب بأنه تطرق إليها في أحد أعمدته بالصحيفة، ولا تزال القضية في أروقة المحاكم.

كما حكمت المحكمة في الشهر ذاته بتغريم الصحافي حسين خلف 50 دينارًا، وبراءة المحامي سامي سيادي في قضية كانت قد رفعتها ضدهما النيابة العامة، كما شهد آذار/مارس تقدم رئيس جمعية الصحافيين عيسى الشايجي ببلاغ جنائي يتهم فيه النائب محمد خالد بتوجيه شتائم بحقه داخل مجلس النواب على مسمع من مجموعة من الحاضرين ورفض المجلس النيابي رفع الحصانة عن النائب.

المحكمة الصغرى أيضًا قضت بحبس الصحافي صالح العم 3 أشهر مع النفاذ وغرامة 300 دينار لوقف تنفيذ العقوبة للاستئناف، وتغريم كل من الكاتب معاذ المشاري وفريد الشايب 200 دينار، إضافة إلى فرض غرامة على المتهم الرابع عبدالرضا علي قيمتها 50 دينارًا، بعد أن كانت النيابة العامة قد وجهت إليهم تهمة القذف والتشهير بالمدير السابق لدار المنار لرعاية الوالدين فاطمة بوعلي.

كما رفع وزير الاسكان قضية ضد رئيس التحرير المسؤول في صحيفة الوقت فريد أحمد حسن، والصحافي حسين السلم، بشأن تقرير نشرته الصحيفة يتعلق بمشروع البيوت الآيلة للسقوط ، معتبرًا الوزير ما نشر (إساءة للوزارة والقائمين عليها)، كما افرجت النيابة العامة الشهر الماضي عن الصحافي محمد الساعي، بضمان محل إقامته، بعدما حققت معه ووجهت إليه تهمة القذف، بحق موظف عام في وزارة الصحة.

وقد برأت المحكمة الجنائية الكبرى برئاسة القاضي الشيخ محمد بن علي آل خليفة، الصحافيين هشام الزياني وأنور عبدالرحمن، بعد أن كانت قد شكتهما رئيس جامعة الخليج إثر نشر أحد الأعمدة في (أخبار الخليج) إلا أن رئيس الجامعة كسب القضية في الاستئناف. ومن ابرز القضايا التي ينظر فيها القضاء البحريني قضية الداعية وجدي غنيم الذي طرد منالبحرين قبل ايام ضد رئيس تحرير صحيفة الأيام عيسى الشايجي، والذي تم الافراج عنه بعد التحقيق معه في آب/أغسطس الماضي، بتهمة القذف والإساءة إلى المسلمين.