الخرطوم:
قبل أسبوع لم يكن أحد يتخيل حدوث مزيد من التدهور في السمعة الدولية للحكومة السودانية والتي كانت قد وصلت بالفعل إلى حدها الأدنى.
فحكومة الخرطوم تواجه اتهامات بتبني عمليات قتل واغتصاب تعرض لها مئات الآلاف من شعبها في دارفور، ثم اتهامات بعرقلة مهمة قوة حفظ السلام التي قد توفر الحماية لسكان الاقليم.
ولم يكن أسبوع يمر دون تهديد الخرطوم بفرض عقوبات عليها.

ولكن بفضل أحداث قضية المدرسة البريطانية جيليان جيبونز تحولت صورة السودان من دولة منبوذة إلى مادة للضحك.
فلو كانت الخرطوم تهدف إلى تحويل موضوع الدب الدمية إلى مظاهرات للمسلمين في الشرق الأوسط فقد منيت بسرعة بخيبة أمل.
فقد انهالت الإدانات لاعتقال المدرسة من العالم كله ومن كل الأديان مما جعل الحكومة السودانية تبحث عن مخرج من الأزمة.
وسيهدف العفو الذي أصدره الرئيس السوداني عمر البشير عن جوبينز إلى إرضاء البعض داخل حكومته المقسمة.
والمعتدلون الذين يريدون علاقات أفضل مع الغرب يريدون معرفة لماذ لم يتدخل البشير بشكل أسرع؟
وفي الوقت الذي بدت فيه وزارة الخارجية السودانية منفتحة إلا أنها من دون سلطات، فيما دأب مسؤولون سودانيون على أن يؤكدوا للدبلوماسيين البريطانيين أن القضية ستنتهي مع تنفيذ جيبونز لعقوبة الـ15 يومًا في السجن.
وقد مر المسؤولون الدوليون بتجربة مشابهة حيث قضوا أشهرًا في التفاوض مع الدبلوماسيين السودانيين حول قوة حفظ السلام لدارفور.
ثم بدت تلك المفاوضات عديمة الأهمية حيث أعاقت وكالات أمنية وصول المعدات ورفضت السماح بالطيران ليلات ورفضت توفير الأرض للقواعد العسكرية.
إن الرئيس البشير رجل عسكري وقد أظهرت قضية جيبونز بجلاء أن السلطة بيد قوات الأمن ووزارتي الداخلية والدفاع.
وبالنسبة إلى قادة هذه الأجهزة فإنهم لم يفكروا في حالة الغضب ببريطانيا ولا في العلاقات الدولية مع الغرب فما يشغلهم هو العلاقات مع الشرق الأقصى والصين.
فعلى الرغم من العقوبات المستمرة منذ 10 سنوات والحرب الدائرة في دارفور فان الاقتصاد السوداني الذي بات يعتمد على النفط يعد من أسرع الاقتصادات نموًا في افريقيا.
وربما يكون لدعم رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون إرسال قوة إلى دارفور والتهديد بفرض عقوبات على خلفية هذه القضية دوره في إثارة غضب الخرطوم التي أرادت الانتقام.
ولكن من الواضح أن الاحراج كان من نصيب حكومة الخرطوم.