بغداد: يواجه ابو حيدر مصاعب شتى في معيشته فضلا عن الفقر المدقع على غرار الاف العائلات العراقية، لكن العبء يبدو اكثر ثقلا عليه كونه يعيل اربعة اولاد معوقين تخلى معظمهم عن الدراسة، بينما تواصل الفتاة الدراسة معتمدة على امها في تحركاتها.

ويعيش ابو حيدر مع عائلته المكونة من ستة افراد في مدرسة قديمة في اقدم ازقة بغداد المعروف بسوق حنون، وينتظر من يساعده في اعالة اولاده الاربعة المصابين بشلل دماغي نتيجة حوادث متفرقة.

ويقول باسم مهجر quot;اواجه الان مشكلة عدم توفر سكن متواضع لافراد اسرتي. فهم مقعدون جميعا ولا يستطيعون الحركة وارغمتني ظروفي على السكن في هذه المدرسة القديمة حيث اعمل حارساquot;.

ويضيف quot;لا اعرف ما سيكون مصير اولادي مستقبلا، فهم يحتاجون الى الرعاية والاعتناء. واعتقد انهم سيصبحون على الرصيف اذا تعرضت لحادث ماquot;.

وفي غرفة مهترئة، يجلس الابن الاكبر حيدر (21 عاما) مع شقيقته زينب (7 اعوام) وشقيقه عباس (14 عاما)، وجميعهم مصابون بشلل تام. في حين يعاني شقيقهم الرابع حسين من تشوه خلقي في قلبه.

ويتابع ابو حيدر quot;لا يستطيع اولادي الخروج من الغرفة اثناء دوام المدرسة وينتظرون خروج الطلبة لكي يخرجوا زحفا للتعرض لاشعة الشمسquot;.ويقول حيدر بنبرة حزينة quot;اصبحت كبيرا واجد نفسي محرجا امام عائلتي لانني صرت عبئا ثقيلا عليهم وخصوصا والدتي التي تساعدني في الذهاب الى الحمام او لحاجة اخرىquot;.

وقد اصيب حيدر عام 1991 اثناء غارة جوية عراقية على كركوك بشظايا ادت الى كسر حوضه واعوجاج في عظامه واصبح مقعدا بعد فشل عمليات جراحية خضع لها.

وحيدر بحاجة الى عملية جراحية معقدة خارج العراق لا تستطيع العائلة تحمل نفقاتها. كما ان شقيقته زينب بحاجة الى عملية هي الاخرى بعد ان سقطت من مكان مرتفع ما ادى الى اصابتها بشلل تام.

وتواظب زينب على الدراسة بحيث تقوم امها بنقلها صباحا الى مقعدها في الصف والعودة بها ظهرا الى الغرفة التي تفيض رائحة العفونة منها بسبب البرد والرطوبة.

وتقول زينب وهي تجلس في احدى زوايا الغرفة قبالة جهاز تلفزيون قديم جدا quot;ارى زميلاتي يتحركن داخل الصف ويخرجن في وقت الاستراحة لكنني ابقى مكاني اتألم كثيرا عندما اشاهدهن يلعبن بينما انا لا استطيع ذلكquot;.وتضيف الفتاة صاحبة الجسد النحيل المتعب quot;اشاهد احيانا افلام الرسوم المتحركة الامر الذي يخفف معاناتي اليومية لكنني لا اعرف من سيهتم بي مستقبلا فقد حل التعب بوالدي ووالدتي لاننا جميعا معوقونquot;.

ويقول الاب quot;معاناتي لقيت تفهما لدى احد المسؤولين الذي اوعز بتخصيص قطعة ارض سكنية لاولادي، لكن الامر اصطدم برفض موظفة في بلدية الكرادة (وسط بغداد) ذلك بحجة انني لست مضطهدا سياسياquot;.

ويضيف quot;قدمت لي محافظة بغداد سند القطعة السكنية الذي ما يزال من دون فائدةquot;.

ويعتمد ابو حيدر على مرتبه الشهري كحارس للمدرسة ويبلغ نحو 150 دولارا من اجل توفير مستلزمات عائلته.ويتابع quot;لم اتمكن من شراء كرسي متحرك لابني البكر لكي يستطيع ان يخرج الى الشارع لمشاهدة الناس والتحدث اليهمquot;.

يشار الى ان المدرسة الواقعة في منطقة قنبر علي تعتبر من اقدم مناطق العاصمة في ناحية الرصافة (شرق دجلة) وتعرف بمنازلها الصغيرة المكتظة في ازقة لا تتجاوز المسافة الفاصلة بين جهاتها المتقابلة اكثر من متر ونصف المتر.

ويعود تاريخ منطقة قنبر علي التي اطلقت عليها هذه التسمية نسبة الى مسجد يحمل الاسم ذاته الى العهد العثماني، وتقع بين حي الفضل امتدادا حتى الروضة الكيلانية (مسجد الامام عبد القادر الكيلاني) في وسط بغداد.لكن عوامل الزمن تراكمت على ابنيتها حتى اصبحت واحدة من افقر مناطق بغداد واكثرها بؤسا. ومن ازقتها المعروفة زقاق الباشا وشارع سلطان حمودة وشوارع تقع بين الكفاح والخلفاء او الجمهورية.

كما تعتمد العائلة على راتب من الرعاية الاجتماعية فضلا عن مساعدة اهل الخير.وكانت اللجنة الطبية الدولية التابعة لوزارة الصحة اوصت بسفر الاولاد الاربعة الى الخارج لتلقي العلاج بعد ان تأكدت من حالتهم الصحية.

ويقول ابو حيدر ان quot;ما يفاقم معاناتي بقاء قرار اللجنة ارسال اولادي الى الخارج لاجراء عمليات تقويم لعظامهم دون تنفيذ. قمت بمراجعة الوزارة من دون جدوى ولا املك سوى الاستسلام الى رحمة الله وعبادهquot;.