في الذكرى السنوية الثانية لجبران تويني وبالطريقة نفسها
إغتيال فرنسوا الحاج: القتلة ما زالوا يتحركون بسهولة

إيلي الحاج من بيروت: تلقى قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان المرشح الأبرز والوحيد عمليًا لتولي سدة رئاسة الجمهورية ضربة قاسية لعهده المنتظر قبل أن يبدأ باغتيال مدير العمليات العسكرية في قيادة الجيش العميد الركن فرنسوا الحاج بتفجير سيارة مفخخة في ساحة بعبدا قرابة السابعة صباح اليوم أوقعت أربعة قتلى ونحو عشرة جرحى. ويعد العميد الحاج من أقرب الضباط إلى العماد سليمان الذي تعذر انتخابه رئيسًا حتى اليوم، بسبب شروط مفاجئة وضعتها قوى في المعارضة وعرقلة لعملية الإنتخاب تردد أنها قد تكون خارجية. وكان اسم العميد الحاج يتردد بقوة عند أي بحث أو ترجيح لاسم قائد الجيش في المرحلة المقبلة، خصوصًا أن العماد سليمان كان جازمًا- وفق معلومات موثوق بها لـ quot;إيلافquot;- عندما فاتحه أحد السياسيين المعارضين بهذا الموضوع ، إذ أكد أن البحث في أسماء قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية متروك لوقته ولا يمكن أن يخضع لشروط مسبقة قبل بدء الولاية الرئاسية.

ورددت أوساط السياسي المذكور إسم شخص محدد يريده السياسي قائدًا للجيش من ضمن سلة تحرص هذه الأوساط على تسميتها تفاهما مسبقًا وليست شروطًا في حال انتخاب العماد سليمان رئيسًا، وهذا الشخص ليس العميد الحاج بطبيعة الحال. وتصدر التعيينات في المناصب الأمنية العالية عن مجلس الوزراء، وجرى العرف في لبنان قبل مرحلة الوصاية المباشرة أن يعيّن قائد الجيش الذي يختاره رئيس الجمهورية. ويكون من الطائفة المارونية على غرار الرئيس من ضمن التوزيع الطائفي التاريخي لمواقع السلطة في لبنان.

ولا يعني الإهتمام العلني باسم قائد الجيش المقبل في خطب وتصريحات لأقطاب في المعارضة أبرزهم الأمين العام لـ quot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله والنائب الجنرال ميشال عون أن ثمة إتهامًا موجهًا إلى هذه المعارضة بالمسؤولية عن جريمة الإغتيال . فالمعروف أن العميد الحاج بصفته مديرًا لغرفة العمليات هو الذي أشرف على وضع الخطط وتطبيقها في معارك مخيم نهر البارد مع مسلحي جماعة quot;فتح الإسلامquot; الإرهابية التي اندلعت صيف العام الماضي وكلفت الجيش اللبناني 170 قتيلاً بين ضابط وجندي. وإن كان مستبعدًا أن تتمكن إحدى خلايا التنظيم الإرهابي من تنفيذ جريمة إغتيال من خلال تفجير بهذه الدقة بعد اعتقال معظم كادراته وعناصره أو قتلهم وانكشاف شبكاته.

لكن اللافت أن طريقة اغتيال العميد الحاج تشبه إلى حد بعيد طريقة اغتيال النائب والصحافي جبران تويني الذي تحيي عائلته وأصدقاؤه ومحبوه بعد ظهر اليوم ذكرى اغتياله قبل سنتين في مثل هذا اليوم بالضبط في 12 كانون الأول / ديسمبر 2005. وكان التقرير الأخير لرئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، القاضي البلجيكي سيرج براميرتس تضمن فقرة مثيرة للإنتباه، إذ أورد أن مرتكبي جرائم الإغتيالات السياسية الـ 17 التي حقق فيها لا يزالون يتمتعون بتسهيلات وبحرية الحركة في منطقة بيروت.

ومن المفارقات ذات الدلالة أن أشلاء العميد الحاج ومرافقه خيرالله عدوان قذفها الإنفجار إلى حفرة أحدثها صاروخ ألقته طائرة عسكرية إسرائيلية على جسر في بعبدا فدمرته خلال حرب صيف 2006، وهو الجسر الوحيد الذي لم يتم ترميمه حتى اليوم. والعميد الركن الحاج هو من بلدة رميش الحدودية، وكان تسلمه قيادة الجيش سيرفع معنويات العسكريين وأبناء المنطقة الحدودية المدنيين منكل الطوائف. عرف عنه أنه ضابط مقاتل تسلم قيادة ألوية وشارك في معظم المعارك التي خاضها الجيش اللبناني ، وعندما انلعت حرب لبنان عام 1975 دافع مع عسكريي منطقته عن القرى والبلدات الحدودية في وجه التنظيمات الفلسطينية، ولكن بعد انفصال الرائد الراحل سعد حداد عن قيادة الجيش وتأسيسه ميليشيا quot;جيش لبنان الحرquot; تركه الحاج وكان برتبة ملازم أول والتحق بالقيادة الشرعية في اليرزة وظل يترقى حتى بلغ مشارف قيادة الجيش. وعرف عنه أنه كلاسيكي دقيق شديد الإنضباط، ويرفض قطعاً التفكير طائفياً وكل المشاريع السياسية ذات الخلفية الطائفية.