البعثيون محور معركة سياسية داخل البرلمان العراقي
كتل تدعو لالغاء واخرى لتعديل اجتثاث البعث

أسامة مهدي من لندن: بين الدعوة لالغاء الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث وتعديل مواد قانونها وترشيد اجراءاتها لاقتصار اجراءاتها ضد اعلى مرتبتين حزبيتين وبين شمول الدرجات الحزبية من عضو فرقة فما فوق وهم بمئات الالاف بالاجتثاث اوعدمه تقدمت كتل سياسية الى مجلس النواب بمشاريع مختلفة حول اسلوب التعامل مع البعثيين السابقين بهدف تفعيل المصالحة الوطنية حيث تنتظر المجلس معركة سياسية مضنية لدى استئناف جلساته في العاشر من الشهر المقبل وسط دعوات ملحة من مؤتمرات المصالحة لانهاء هذا الملف وفق معايير قانونية ووطنية.

فقد ظل قانون اجتثاث البعث منذ العمل به عام 2003 زبعد اشهر من سقوط نظام البعث في العراق بعد ثلاثة عقود من حكم شمولي مثار خلافات بين القوى السياسية اثر شموله اكثر من مائة الف بعثي من مختلف الدرجات الحزبية باجراءات الاقصاء والحرمان من الوظائف . و ظل الائتلاف الشيعي الموحد الى جانب تشديد اجراءات الاجتثاث وحرمان البعثيين من أي مشاركة في الوظائف العليا يؤيده في ذلك الى حد ما التحالف الكردستاني بينما ظلت القوى العلمانية والليبرالية وكذلك الادارة الاميركية تدعو الى ترشيد اجراءات الاجتثاث واقتصارها على مرتكبي الجرائم وحدهم .

ونتيجة لضغوط اميركية باتجاه تخفيف الاجراءات ضد البعثيين واقتصار عمليات اقصائهم عن المساهمة في الحياة السياسية على اعضاء القيادتين القومية والقطرية وهما اعلى هيئتين في حزب البعث المنحل وعدد اعضائهما يتراوح بين الخمسن والستين قياديا فقد اعد رئيس الهيئة العليا لاجتثاث البعث احمد الجلبي مشروع قانون بهذا الاتجاه لكنه تخلى عنه نتيجة ضغوط حكومية ترفض أي تراخ في معاملة البعثيين لصالح قانون اخر جديد لايختلف كثيرا عن الحالي .

ومن جهتها قدمت القائمة العراقية الوطنية بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي مشروعا اخر يقترح الغاء الهيئة والاستعاضة عنها بلجنة خبراء ومختصين تضم سبعة اعضاء تنهي جميع القضايا المتعلقة بالاجتثاث خلال ستة اشهر . ويضغط علاوي باتجاه الانتهاء من هذه القضية باحالة مرتكبي الجرائم الذين تقدر مصادر عددهم بالفي بعثي سابق الى القضاء لينالوا جزاءهم ازاء ما ارتكبوه من جرائم ضد العراقيين والانتهاء من هذا الملف بشكل نهائي .

الموقف الاميركي من الاجتثاث
واشارت مصادر اميركية خلال الاسبوع الحالي الى انه بعد زيارة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية ومستشارها للشؤون العراقية ديفيد ساترفيلد لبغداد الأسبوع الماضي وإجراء استشارات مع مسؤولين عراقيين كبار قال مساعدو رايس إنهم عادوا محبطين حول هذه القضية. كذلك عبّر المسؤولون الأميركيون عن خيبتهم من العمل الذي تقوم به لجنة اجتثاث البعث التي يرأسها الجلبي حيث انهم يرون إن نتائج عدم تحقق هذا الإصلاح يضع عراقيل أمام الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي تعتمد بشكل كبير على المصالحة الوطنية بعيدا عن العنف الطائفي الذي تحكم في العراق خلال السنة الماضية.

وقالت ان إدارة بوش تعتبران إصلاح قانون اجتثاث البعث جنبا إلى جنب مع وضع تشريع يقسم الثروة النفطية بأهم خطوتين سياسيتين تهدفان إلى تحقيق مصالحة بين الأطراف المتحاربة في العراق. ويقول الاميركيون ان تطبيق الاجتثاث بشكله الحالي ادى الى إقصاء أكثر الكوادر المتقدمة موهبة في المجال الإداري وهذا يتراوح ما بين مسؤولين مدنيين وعسكريين إلى موظفين صغار ضمن السلم الهرمي لدوائر الدولة وشمل ذلك حتى مدرسين عاديين. ومع حلول عام 2004 توصل المسؤولون الأميركيون إلى استنتاج مفاده ان قانون اجتثاث البعث تجاوز الحدود المعقولة وقرروا أن القواعد التي اتبعت كانت قاسية جدا خصوصا حينما تكون الدولة هي صاحب العمل الأكبر في العراق. وبدأت الإدارة الأميركية أيضا بالخوف من أن هؤلاء الموظفين المبعدين عن أعمالهم يغذون التمرد ويقنعون السنة أن الأغلبية الشيعية في العراق تهدف إلى الانتقام.

مسؤولو الهيئة يمتدحون القانون الجديد
وحول القانون الجديد لهيئة اجتثاث البعث يقول مسؤولون في الهيئة ان التعديل الذي سيجري عليه يتوافق مع متطلبات المصالحة الوطنية .
ويقول رئيس الهيئة أحمد الجلبي إن الهيئة قدمت مشروع تعديل لقانون اجتثاث البعث إلى مجلس النواب لإصدار قرار بشأنه. وأوضح أن هناك عدة مشاريع لتعديل قانون هيئة اجتثاث البعث ستقوم الهيئة بمناقشتها مع مجلس النواب وأن المصادقة على مشروع تعديل قانون الهيئة أو إنهاء عملها أمر متروك للمجلس.
ومن جهته اشار المدير التنفيذي للهيئة علي اللامي الى ان الهيئة quot;تتعرض الى ضغوط من الكتل السياسية بعضها يطالب بتشديد الاجراءات الحالية ضد البعثيين والآخر يطالب بإلغائها وإنهاء عملهاquot;.واضاف ان القانون الجديد quot;يمثل حلاً وسطاً بين مطالب هذه الكتلquot; . واكد ان quot;اجراءاتها مستمرة ولن تنتهي ونتلقى بصورة مستمرة طلبات بهذا الخصوصquot; مشيراً الى ان quot;إبقاء عمل الهيئة أو انهاءها أمر متروك لمجلس النوابquot;.
وقد قدمت جبهة التوافق العراقية لمجلس النواب مشروع تعديل لقانون هيئة اجتثاث البعث إلى جانب مطالبة القائمة العراقية بإنهاء عمل الهيئة من خلال حلها معتبرة أن إجراءات اجتثاث البعث تقلل من فرص نجاح مشروع المصالحة الوطنية الذي عقد أول مؤتمر له نهاية العام الماضي اضافة الى مشروع قدمه الائتلاف الشيعي الحاكم .
ويشير المشروع الجديد لهيئة اجتثاث البعث الى ان قانونها المقترح هو لحماية البعثيين من عمليات التصفية الجسدية وروح الثار والانقسام ويؤكد الضرورة الملحة لمهمة تنظيم عملية تفكيك منظومة حزب البعث فكرا وتنظيما اضافة الى فتح مقرات وفروع في داخل العراق وخارجه . كما ينظم القانون الجديد العلاقة بين الهيئة والوزارات ومنظمات المجتمع المدني وينص على الاستعانة بمستشارين ومدراء عامين وقضاة ودائرة قانونية ودوائر أمنية ا إضافة إلى ميزانية مستقلة .

وكانت الهيئة قد حددت لدى تشكيلها اهدافا ثلاثة لعملها هي :
اولا:
ازاحة كبار اعضاء حزب البعث المنحل والمشتركين بالجرائم التي قام النظام السابق بارتكابها عن الوظائف في القطاع العام وفطاع الدولة ويحق لأي شخص الدفاع عن نفسه امام لجنة قضائية مستقلة عن طريق الاستئناف.
ثانيا:
ازالة آثار البعث من الحياة والمجتمع ونذكر منها حب الدكتاتورية والتسلط وعدم احترام آراء الآخرين او الاستماع اليهم والقرارات الفردية المتهورة في شن الحروب بدون الرجوع الى الرأي العام هذا بالأضافة الى القسوة المتناهية في اذلال وتعذيب الاخرين لحد القتل مجرد لانهم يحملون فكرا غير فكر البعث. نريد ان نزيل هذا من المناهج والفكر وطريقة العيش.
ثالثا:
اعادة تأهيل كوادر البعث بافكار تقدمية ديمقراطية جديدة تحترم حقوق الانسان والراي الاخر وتنبذ الافكار القديمة الشاذة من خلال محاضرات تقوم الهيئة باعدادها في دورات مخصصة لهم لغرض اعادتهم الى الخدمة بشرط ان لا يكونوا مدانيين في جرائم النظام السابق.


مشروع قانون الكتلة العراقية
اما كتلة القائمة العراقية في مجلس النواب فقد قدمت مشروعا لانهاء اعمال هيئة الاجتثاث والاستعاضة عنها بلجنة تضم سبعة اعضاء منهم اربعة قضاة اضافة الى ثلاثة خبراء في القانون وحقوق الانسان يقترحهم مجلس الوزراء ويقر تعيينهم مجلس النواب .

وحول الاسباب التي دفعتها لتقديم هذا المشروع تشير الكتلة الى انه بعد مرور اربع سنوات على سقوط النظام الدكتاتوري وصدور عدة قوانين وانظمة تهدف الى محاسبة المسؤولين السابقين عن الجرائم التي اقترفت ضد الشعب العراقي فان الممارسة العملية رافقتها الكثير من الاخطاء والتجاوزات التي اتسمت بالعقوبات الجماعية والاقصاء والابتزاز السياسي مما جعل شريحة كبيرة من الابرياء مهددة بارواحها وارزاقها من دون ذنب محدد اقترفته. وتشير الى انطلاقا من الرغبة في اشاعة روح المصالحه الوطنية ولوضع بداية مناسبة للعفو العام لاي مواطن لم يقترف جرما يعاقب عليه القانون فقد اعد هذا المشروع الذي حصلت quot;ايلافquot; على نسخة منه وفيما يلي نصه :

مشروع قانون انهاء اعمال
الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث
اولا: تشكل لجنة من سبعة اعضاء , اربعة منهم قضاة من الدرجة الاولى يعينهم المجلس الاعلى للقضاء وثلاثة من الخبراء في القانون وحقوق الانسان يقترحهم مجلس الوزراء ويقر تعيينهم مجلس النواب , ويكون رئيس اللجنة من بين القضاة ويسميه المجلس الاعلى للقضاء, وتسمى ( لجنة انهاء اعمال الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث ) ويشاراليها فيما يلي
( بـ اللجنة ).
ثانيا : تكون الجنة هيئة مستقلة لا يجوز التدخل بعملها من اية جهة كانت الا من خلال الطعن
القضائي.
ثالثا : تؤول جميع واجبات وحقوق واموال الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث ( الهيئة ) الى
اللجنة .
رابعا : على اللجنة اعادة النظر في جميع القرارات واجراءات الهيئة السابقة ولها الحق في
تعديلها او الغائها .
خامسا : تكون قرارات اللجنة واجراءاتها خاضعة للطعن في القضاء الاداري والمحاكم المختصة
بموجب الولاية العامة للقضاء وفق القوانين النافذة .
سادسا : يحق لكل من صدر بحقه قرار سابق من الهيئة الطعن في ذلك القرار قضائيا .
سابعا : لاتعتبر توصيات اللجنة المتعلقة بالفصل او الحرمان من الحقوق او مصادرة الاموال
نافذة الا بعد البت فيها في المحاكم ذات الاختصاص .
ثامنا : على اللجنة خلال ستة اشهر من اكتمال شكيلها , احالة جميع القضايا التي تتوفر عنها ادله
والمتعلقة بجرائم ومخالفات وتجاوزات اعضاء حزب البعث وغيرهم من المسؤولين في
النظام السابق وذويهم الى القضاء للبت فيها , ويعتبر عمل اللجنة عند ذاك منتهيا.
تاسعا : تقوم اللجنة بجمع المعلومات والوثائق المتعلقة بالجرائم والمخالفات المماثله التي ارتكبت بعد 9 نيسان 2003 ولحد الان واحالة المتورطين فيها الى القضاء.
عاشرا: يعتبر من لم يحال من قبل اللجنة الى المحاكم المختصة بتهمة محددة بريئا وحرا
بالتصرف بامواله وله حق العودة الى وظيفته السابقة او التمتع بحقوقه االتقاعدية وفق
القانون مهما كانت درجته الحزبية وموقعه في النظام السابق , مالم تظهر ادله جديدة
توجب احالته الى القضاء الاعتيادي بموجب القوانين النافذه في حينه.
احدعشر: للجنة ان توصي مجلس الوزراء او مجلس النواب باصدار التعليمات او القوانين
اللازمه لحسن تنفيذ عملها وتصفية الاثار المترتبة على انهاء اعمال الهيئة , بما في ذلك مصير اموال الهيئة والحقوق المكتسبة للعاملين فيها بعد انتهاء عملها.
اثنى عشر: تعتبر جميع الاوامر الادارية والقرارات الصادرة عن الادارة المدنية لسلطة الاحتلال ومجلس الحكم المتعلقة باجتثاث البعث واموال المسؤولين في النظام السابق وذويهم
( قوانين الاجتثاث وحجز الاموال ) والتي تتعارض واحكام هذا القانون لاغية.
ثالث عشر: اذا لم تستطع اللجنة انهاء اعمالها خلال الاشهر الستة المحددة لها, يجوز ان تطلب من مجلس النواب تمديد ولايتها لثلاثة اشهر اخرى غير قابلة للتمديد .
رابع عشر : يتخذ وزير العدل الاجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القانون.
خامس عشر : يعتبر هذا القانون نافذا من تاريخ نشرة بالجريدة الرسمية .

الاسباب الموجبة
بعد مرور اربع سنوات على سقوط النظام الدكتاتوري , وصدور عدة قوانين وانظمة تهدف الى محاسبة المسؤولين السابقين عن الجرائم التي اقترفت بحق الشعب العراقي من قتل ونهب اموال , فان الممارسة العملية رافقتها الكثير من الاخطاء والتجاوزات التي اتسمت بالعقوبات الجماعية والاقصاء والابتزاز السياسي مما جعل شريحة كبيرة من الابرياء مهددة بارواحها وارزاقها من دون ذنب محدد اقترفته. وتسببت في تشريد مئات الالاف الى خارج العراق.

وانطلاقا من المادة ( 100 ) من الدستور التي تحرم تحصين اي اجراء حكومي من الطعن القانوني , ومن المبدأ الدستوري الذي يعتبر المتهم بريئا حتى تثبت ادانته , ورغبة في اشاعة روح المصالحه الوطنية ولوضع بداية مناسبة للعفو العام لاي مواطن لم يقترف جرما يعاقب عليه القانون . ولضرورة ان تكون المساءلة شاملة ومتوازنة لجميع من اساء للشعب العراقي في جميع المراحل. ولاجل ذلك كله شرع هذا القانون.