سكينة اصنيب من نواكشوط: احتجت موريتانيا على تصريحات الزعيم الليبي معمر القذافي التي وصف فيها الإنتخابات الموريتانية التي ستجرى الأحد المقبل بـquot;المهزلة والمسخرةquot;، وبأنها محاولة للضحك على السفارات الأجنبية في نواكشوط. واستدعى أحمد ولد سيد أحمد وزير الخارجية الموريتاني، مصطفى أحمد العالم القائم بالأعمال في مكتب الأخوة العربي الليبي في نواكشوط وأبلغه احتجاج موريتانيا رسميًا على الكلام المهين الصادر في حق الشعب الموريتاني على لسان القذافي في خطاب ألقاه يوم الأحد الماضي في مدينة سبها خلال الإحتفالات بالجمهورية.

القذافي في خاطب احتفالاً بمرور ثلاثين عامًا على تأسيس الجمهورية الليبية

من جانبه، أكد سيدي محمد ولد بوبكر الوزير الأول (رئيس الوزراء) الموريتاني في تصريحات صحافية أن الشعب الموريتاني هو صاحب الاختيار، وقد اختار النهج الديمقراطي لممارسة السلطة ولا ينبغي لأحد مهما كان أن يقلل من شأنه. وأضاف أن الشعب الموريتاني شعب عريق له جذور حضارية وثقافية ضاربة في التاريخ، رافضًا الإجابة عن سؤال حول سبب تهجم القذافي على موريتانيا.

وكان القذافي قد قال إن موريتانيا دولة هامشية، منتقدًا المسار الديمقراطي الذي تعيشه البلاد حاليًا، واعتبر أن الشعب الموريتاني هو مجرد قبائل وعشائر لا يمكنها ممارسة الحكم الديمقراطي. وقال العقيد في خطاب علني ومتلفز إن موريتانيا التي هي فقيرة وتعبة، رأيتم البهدلة... أدخلوها في الأحزاب. الموريتانيون قبائل، ناس بدو لا يعرفون الأحزاب والإنتخابات، دخلوهم في الأحزاب والناس ماشية في شوارع نواكشوط وغيرها...أنا مع فلان وعلان... مسيرة ماشية في هذا الإتجاه ومسيرة أخرى ضدها في هذا الاتجاه، وناسيرفعون صورة هذا وصورة آخر. يعني مهزلة... هذه مسخرة لما ترى حالة الشعوب وهي ماشية.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتهجم فيها الرئيس الليبي على موريتانيا، إذ سبق للعلاقات أن ساءت كثيرًا بين البلدين في نهاية التسعينات بسبب تصريحات إعتبرها الموريتانيون جارحة صدرت عن القذافي تعليقًا على إقامة الرئيس السابق ولد الطايع علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل في العام 1999.

وتعرف العلاقات الموريتانية الليبية نوعًا من الفتور منذ أواخر التسعينات بعد أن اتهمت نواكشوط طرابلس بتدريب عدة محاولات إنقلابية ضد حكم الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، وازدادت سوءًا في العام 2003 حين اتهم ولد الطايع ليبيا بدعم منظمة quot;فرسان التغييرquot; العسكرية السرية السابقة التي نفذت ضده ثلاث محاولات إنقلابية فاشلة.

وظلت علاقات البلدين تتأرجح بين الفتور والتوتر الشديد منذ أن استولى العسكريون على السلطة في موريتانيا في العام 1978، فقد اتهمت أنظمة الحكم العسكرية المتعاقبة على موريتانيا ليبيا بالعمل على زعزعة الأوضاع الداخلية.

صورة أرشيفية للقاء بين معمر القذافي و

ووجهت موريتانيا إلى ليبيا عدة اتهامات بالتدخل في شؤونها الداخلية، ودعم المتمردين ضد النظام، وخصوصًا منظمة quot;فرسان التغييرquot; العسكرية السرية التي كانت تعمل على الإطاحة بولد الطايع.

كما اتهمت ليبيا باستضافة إنقلابيين موريتانيين على أراضيها وإقامة علاقات مع حركة اللجان الثورية في موريتانيا، وتجنيد بعض من عناصرها جواسيس على النظام.

ويقول مسؤولون موريتانيون إن الجمهورية قدمت أموالاً لعسكريين حاولوا قلب نظام الحكم قبل سنوات، ويضيفون أن محاولات ليبيا في التدخل في موريتانيا ليست جديدة فقد بدأت منذ تولي العقيد القذافي مقاليد السلطة في بلاده، وأن موريتانيا أوقفت في الماضي عشرات الأشخاص الذين جندتهم ليبيا لزعزعة أمن موريتانيا، في مسعاها لما تقول إنه تصدير الثورة، واعتقل بعضهم وهم خارجون من السفارة الليبية في الثمانينات ومعهم مبالغ كبيرة من الدولارات قد تلقوها لتمويل مخططات ليبيا ضد موريتانيا.

ويؤكد مراقبون أن ليبيا سعت دائمًا للتدخل في موريتانيا، وأن نواكشوط تسترت كثيرًا على محاولات ليبيا زعزعة أمنها، أملاً من الحكومة الموريتانية في أن تعود طرابلس إلى رشدها.

وكان علي ولد محمد فال الرئيس الموريتاني قد زار في أواخر ديسمبر(كانون الأول) من العام 2005 الجمهورية الليبية، وهي الزيارة الأولى منذ أعوام لرئيس موريتاني إلى ليبيا، بهدف طي صفحة الإتهامات المتبادلة في الماضي.