موريتانيا: اقبال كبير على مكاتب التصويت

فتح صناديق الاقتراع: الموريتانيون ينتخبون رئيسهم اليوم

ولد محمد فال يترك الرئاسة مرتاحا للقيام


السلطة تدعو المرشحين للتحلي بروح المسؤولية

سكينة اصنيب من نواكشوط: عرفت مكاتب التصويت اقبالا كبيرا في نواكشوط بعد مرور ساعتين على فتح أبوابها، واصطف المئات من الناخبين أمام المكاتب في انتظار أداء واجبهم الانتخابي، وبدت الحركة هادئة في شوارع نواكشوط فيما انتشرت فرق الأمن بالمدينة، وقال محمد أحمد ولد المختار الذي أدلى بصوته أن quot;عملية الاقتراع تسير بشكل جيد ولا تتطلب الكثير من الوقتquot;، وعن نسبة المشاركة قال أنها مرتفعة خلال الصباح وعزى ذلك الى رغبة الموريتانيين في احداث تغيير، مضيفا quot;هي أول انتخابات لا تشارك فيها السلطة، وأول انتخابات نزيهة وشفافية بشهادة المراقبين الدوليين والمحليين، لذلك سيشارك فيها جميع الموريتانيين، وستعبر نتيجتها عن إرادتهمquot;.

بانتظار دور تقرير سياسة قادمة
الى ذلك دعا الشيخ سيد احمد ولد باب أمين، رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، جميع المتنافسين الى التحلي بروح المسؤولية وبالقيم الديمقراطية والقبول بنتائج الانتخابات مهما كانت. وأكد أن جميع الاجرءات تم اتخاذها من اجل تنظيم هذه الانتخابات بطريقة شفافة وسلسة مثل سابقاتها، مشيرا في هذا الصدد ان اللجنة واكبت الحملة الانتخابية بكل فعالية وجدية ولم تلاحظ أي خرق لقواعد التنافس الايجابي والبناء.

وسيختار مليون ومائة وثلاثين ألف ناخب موريتاني رئيسا من ضمن 19 مرشحا يصنف المراقبون ثلاثة منهم على أنهم الأوفر حظا وهم: أحمد ولد داداه رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية، وسيدي ولد الشيخ عبد الله مستقل تدعمه الأغلبية الرئاسية السابقة، والزين ولد زيدان مستقل.ويشرف على هذه الانتخابات التي يتوقع ان تعرف نتائج يوم الاثنين، حوالي 300 مراقب دولي بينهم بعثة من الاتحاد الاوروبي تضم 81 مراقبا، كما يشرف عليها 500 مراقب محلي موزعين على 2378 مكتبا انتخابيا في 53 مقاطعة. ويتوزع الناخبون على 13 محافظة تأتي في مقدمتها العاصمة نواكشوط بـ 262.670 ناخب، تليها محافظة الترارزة (جنوب نواكشوط) بـ136.737، ثم محافظة الحوض الشرقي بـ117.661.

وقد اختلفت الحملة الدعائية لهذه الانتخابات عن سابقاتها حيث لم يكن للجانب المادي فيها كبير الأثر في تقديم المرشحين والتعريف بهم. وبدأت المواجهة بقوة بين أربعة مرشحين منذ بداية الحملة الانتخابية وتبادل بعضهم الاتهامات فيما استنزف آخرون أموالهم في جولاتهم داخل البلاد حتى أن أحد المرشحين استأجر 430 سيارة.

وإن كانت البلاد تتطلع إلى خوض تجربتها التشريعية الرابعة فهي تعي الظرف الدقيق الذي تعيشه فقبل عام ونيف مرت بمحنة انقلاب عسكري ولازالت تتداوى من مخلفاته عهد النظام السابق. ويرى المراقبون أن المنافسة مفتوحة بين المرشحين، واحتمال اللجوء الى الدور الثاني وارد، وسيتم تنظيمه في حال فشل أي من المرشحين في الحصول على %50 من الاصوات، يوم الأحد الموافق للخامس والعشرين من مارس (آذار) الجاري.

بانتظار الرئيس القادم
إلى ذلك صدرت الأوامر لكل الجهات المعنية في وزارة الداخلية واللجنة المستقلة للانتخابات باتخاذ كافة الإجراءات الفنية اللازمة لتنظيم الاستحقاقات في أحسن الظروف. وتعهدت السلطة الانتقالية بالحياد التام خلال هذا الاقتراع.ونظم المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس السابق ولد الطايع في انقلاب ابيض في 3 أغسطس (آب) 2005، استفتاء حول تعديل الدستور في يونيو (حزيران) 2006، ونال نسبة %94.96، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، نظم انتخابات تشريعية وبلدية، تلتها انتخابات لمجلس الشيوخ في يناير (كانون الثاني) الماضي.

كيف ينظر الموريتانيون للانتخابات الرئاسية؟
تأتي الانتخابات الرئاسية الموريتانية بعد 30 عاماً من الحكم العسكري وسط آراء متضاربة ما بين متفائل بقرب تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي، وآخرين غير واثقين في عهود القادة العسكريين بتسليم السلطة.

بي بي سي تعرفت على آراء بعض الموريتانيين وتوقعاتهم قبل انطلاق الانتخابات.
محمد المختار - طالب - نواكشوط

صحيح كان هناك نظام طاغية، وجاء العسكر وأطاحوا به ووضعوا فترة انتقالية يعودون بعدها إلى ثكناتهم، وأنا مرتاح للفترة الانتقالية والانتخابات النيابية، لكني لا أثق في المؤسسة العسكرية ولدي العديد من المخاوف لما هو آت بعد الفترة الانتقالية.
فهناك مصالح اقتصادية كبيرة لمنفذي انقلاب أغسطس 2005، والحاكم العسكري، اعلي ولد محمد فال، كان نفسه رئيس جهاز أمن الدولة، وكان هناك الكثير من السجون والتعذيب والقمع.

واعتقد أن المجلس العسكري لن يترك السلطة أبدا، وسوف يتدخل من وراء الستار بعد انتخاب رئيس للبلاد، وخاصة إذا كان من المعارضة فلن يتركوه في حاله.
أما إذا انتخب رئيس من المستقلين من أنصار النظام السابق فهذا سيكون تابعا لهم بطبيعة الحال، هو في الواجهة والعسكر من ورائه للحفاظ على مصالحهم في البلاد.
أما الانتخابات النيابية والبلدية فوضعها مختلف، حيث أن السلطات المحلية لن تؤثر كثيرا على العسكر، أما النيابية فربما يثير النواب المعارضون المشاكل والزوابع في حال تدخل العسكر في السلطة المدنية، ليس أكثر.

أحمد سالم ولد مولاي علي - محامي وقاضي سابق - نواديبو
أنا مرتاح لما تم حتى الآن وخاصة إذا جرت الانتخابات الرئاسية بشكل نزيه وشفاف بعيدا عن أي تدخل من المجلس العسكري الحاكم، وهذا ما أكده حتى الآن من خلال تصريحات رئيسه بتبنى الحيادية الكاملة تجاه المرشحين والبقاء على مسافة واحدة من الجميع ونحن نثق فيما صدر من تأكيدات.

أنا سعيد لان الشعب الموريتاني بات يفهم الديمقراطية بشكل أعمق بعيدا عن المؤثرات الأخرى.

مشاركة غير متوقعة
والتجربة الديمقراطية في موريتانيا ناجحة حتى وقد كانت الانتخابات النيابية نزيهة وكان العسكر في منتى الحياد.
ولا يجب أن تؤثر المخاوف تجاه المؤسسة العسكرية أو بعض أفرادها على مسار الديمقراطية في موريتانيا وحالة التفاؤل.

وقد يكون بعض أعضاء المجلس العسكري منحازين ولكن رئيس المجلس أعلى ولد محمد فال أخرس الشائعات وضمن الحيادية الكاملة.

واعتقد أن موريتانيا ستصبح نموذجا يحتذي به في المنطقة العربية إذا ما سارت الأمور على ما يرام، والأكثرية ترى ذلك.

أما بخصوص محاولة الجيش التدخل بعد اختيار الرئيس القادم فهذا غير مستبعد لكن بعض المرشحين لن يسمح بذلك في حال فوز أي منهم، وعلى أية حال فأنا أعتقد أن الجيش سيظل على الحياد الكامل وسيسلم السلطة ويرحل.

مولاي أحمد ولد لمونك - طالب جامعي - نواكشوط
أنا فخور بنضج الشعب الموريتاني وقدرته على تسيير خلافاته واختلافاته في جو ديمقراطي وسلمي، وذلك يدل على أهلية هذا الشعب لكل خير.
ويحدوني الأمل كثيرا بأن ينتهي كل هذا في جو شفاف تحترم فيها إرادة الناخب الموريتاني، ورغم ما يعيقها من شراء للذمم وضغط باسم القبيلة والدين تحت سمع وبصر المجلس العسكري دون أن يحرك ساكنا، بل وحسب ما يشاع عند كل الموريتانيين يتدخل بعض أعضائه النافذين لترجيح كفة أحد المرشحين على حساب الآخرين.

وهو للأسف لن يجني علينا غير مزيد من الاحتقان والاضطرابات التي نحن في غنى عنها. إلا أني على يقين من أن الشعب الموريتاني وقواه الحية ستدفع بالمفسدين خارج التاريخ، فالتغيير قادم ومن يحاول تعطيله كمن يحاول غلق صنبور الماء المتدفق بإصبعه الهزيل.

وعندها سيدخل المجلس العسكري التاريخ وتصبح موريتانيا المثل الأحسن في العالم العربي كما كان أسلافنا الشناقطة دوما. ويا لفرحتي يومها.