بتهم منها إبادة 180 ألف مواطن كردي
الأنفال: طلب الإعدام لخمسة من المتهمين وتبرئة السادس

أسامة مهدي من لندن: طلب رئيس هيئة الادعاء العام في المحكمة الجنائية العراقية العليا في جلستها الثالثة والخمسين اليوم إنزال عقوبة الإعدام بخمسة من المتهمين وتجريمهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية منظمة ومتعمدة ضد أبناء الشعب الكردي في القضية المتهم فيها كبار القادة العسكريين السابقين بإبادة حوالى 180 ألف مواطن كردي وترحيل عشرات آلاف الآخرين وتدمير ثلاثة آلاف من قراهم خلال عامي 1987 و1988.. كما دعا إلى تبرئة المتهم السادس طاهر توفيق العاني في هذه القضية وتخفيف الإعدام عن صابر الدوري مدير الاستخبارات السابق.
وفي مطالعة مطولة أمام المحكمة التي أجلت جلساتها إلى السادس عشر من الشهر الحالي للاستماع إلى مطالعات محامي الدفاع عن المتهمين قدم رئيس هيئة الادعاء العام منقذ أل فرعون عرضا تفصيليا للمهمات التي تولاها كل من المتهمين الستة والجرائم التي ارتكبها من خلال أدلة عرضها على المحكمة وبالشكل التالي :
.. سلطان هاشم احمد: قائد فيلق ووزير دفاع.. استخدم قواته في ضرب الأكراد بالأسلحة الكيماوية ونقل آلاف المعتقلين وتعذيبهم.
فرحان مطلك : قائد المنظومة الشرقية للاستخبارات.. قدم معلومات تفصيلية عن الأماكن المستهدفة كما مرت عبر منظومته عمليات اعتقال الأكراد وتهجيرهم.
حسين رشيد : معاون رئيس أركان الجيش وكان مسؤولا عن تجهيز القطعات العسكرية بالأسلحة الكيماوية إضافة إلى مشاركته في الاجتماعات التي خططت للهجمات المسلحة.
صابر الدوري : مدير الاستخبارات العسكرية : قدم معلومات كاملة عن الأهداف المستهدفة ورفع مقترحات بضرورة ضربها بالأسلحة الكيماوية ومشاركته في التخطيط لذلك.

علي حسن المجيد : كان الحاكم العسكري للمنطقة الشمالية وهو مسؤول مباشرة عن كل الجرائم التي ارتكبت ضد الأكراد من خلال إصداره الأوامر بذلك إلى القطعات العسكرية والأجهزة الأمنية لتنفيذ الجرائم التي ارتكبت ضد الأكراد من خلال صلاحيات توازي صلاحيات رئيس الجمهورية.
طاهر توفيق العاني : كان سكرتير مجلس شؤون الشمال فانه لم تثبت عليه تهمة المشاركة في عمليات الأنفال وان الوثائق التي صدرت عنه تقع خارج فترة حدوث الأنفال.. وانه لاعلاقة له بالمقابر الجماعية.. فطلب إلغاء التهم والإفراج عنه في هذه القضية.
كما قال أل فرعون انه بسبب مناشدات هيئات وأفراد من محافظة كربلاء تطلب التخفيف من عقوبة الدوري نظرا لما قدمه من خدمات عندما كان محافظا لكربلاء فانه يدعو إلى التخفيف من الحكم بإعدامه الذي طالب به.
وأضاف المدعي العام أن ممارسات المتهمين الخمسة تندرج ضمن جرائم حرب والإبادة الجماعية لقومية. وأشار إلى أن المتهمين أوغلوا في الجريمة وقال انه بدلا من تقديمهم اعتذارا للشعب الكردي ولضحاياه وللإنسانية عن جرائمهم إلا أنهم كانوا يفتخرون بما قاموا به.
وأكد أن جرائم المتهمين ارتكبت ضد الإنسانية من خلال هجوم منهجي ومنظم ومتعمد واسع النطاق إضافة إلى إبعاد السكان ونقلهم قسريا وسجنهم وحرمانهم الشديد للحرية والتعذيب والاغتصاب والإخفاء القسري للسكان.
وكان المدعي العام قد عرض في بداية جلسة اليوم فيلما سمع منه صوت المتهم علي حسن المجيد وهو يؤكد ضرورة ضرب الأكراد بالأسلحة الكيماوية. كما اظهر الفيلم مدفعية الجيش العراقي وهي تقصف مناطق كردية بالأسلحة الكيماوية.. والعشرات من المواطنين الأكراد وهم يهربون من القصف وكان معظمهم من النساء والأطفال ثم ظهر بعدها عدد منهم وهم صرعى القصف. وأكد أل فرعون أن عمليات الأنفال قتلت 182 ألف كردي وأحرقت 4 آلاف قرية كردية إضافة إلى اعتقال وتشريد مئات آلاف آخرين.
دفاع محامي المتهمين في جلسات مقبلة
ومن المنتظر أن تستمع المحكمة في جلسات مقبلة إلى مطالعات محامي المتهمين ثم تؤجل جلساتها إلى حين إصدار الأحكام في القضية والتي يتوقع لها الشهر المقبل.
وكانت المحكمة انتهت الأسبوع الماضي من الاستماع إلى مطالعة محامي الضحايا التي ألقاها المحامي مصطفى العسكري وطالب فيها بإعدام المتهمين الستة حيث اشار الى مشاركتهم للرئيس السابق صدام حسين بتنفيذ عمليات إبادة جماعية منظمة للأكراد واستخدام الأسلحة الكيماوية والغازات السامة ضدهم مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف منهم وتشريد مئات آلاف آخرين عارضا وثائق صادرة من رئاسة الجمهورية السابقة تؤيد ذلك. ودعا العسكري
إلى إدانة المتهمين بارتكاب جرائم منهجية ومتعمدة ضد الإنسانية وارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية أيضا ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة. كما طالب بتعويض ضحايا الأنفال كما قامت ألمانيا بتعويض يهود مذابح الهولوكوست خلال الحرب العالمية مؤكدا أن عمليات الأنفال استهدفت ترك ارض كردستان جرداء من دون حياة.
واستعرض المحامي العسكري في مطالعة مطولة استغرق إلقاؤها أكثر من ست ساعات تاريخ الحركة الكردية ونضالها من اجل الاستقلال للأكراد وإقامتهم لدولتهم منذ عام 1919 وحتى عمليات الأنفال عام 1988 مرورا بتنفيذ عمليات عسكرية منظمة ضد الأكراد من قبل الحكومات التي تعاقبت على النظام في العراق. ووجه الاتهام بشكل خاص في تنفيذ عمليات الأنفال وقتل الأكراد جماعيا بالأسلحة الكيماوية إلى المتهمين علي حسن المجيد وصابر الدوري.. كما اتهم الآخرين بالمساعدة على تنفيذ العمليات.

وكان قاضي المحكمة محمد الخليفة العربي قد تلا في جلسة سابقة التهم ضد المتهمين الستة واحدا بعد الآخر وهي تتعلق بارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية وثالثة بالإبادة الجماعية وعقوبة كل واحدة منها الإعدام.. لكن جميع المتهمين دفعوا بأنهم أبرياء.
المتهم الرئيس في القضية بعد إعدام صدام حسين
ويعتبر المتهم الرئيس في القضية حاليا علي حسن المجيد بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كان يعتبر المتهم الرئيس فيها حيث تؤكد العديد من الوثائق انه وراء الأوامر التي صدرت بقصف القرى الكردية بالأسلحة الكيماوية. وعرض الادعاء خلال الأسابيع الثلاثة الماضية حوالى 60 وثيقة صادرة عن مديرية الاستخبارات العسكرية وإدارة الحكم الذاتي ومديرية الأمن صيف عام 1987 تدعو قوات الجيش إلى تنفيذ الإعدام بأي شخص يدخل مناطق تم حظر الدخول إليها ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و70 عاما من دون محاكمة ولكن بعد التحقيق معهم لاخذ معلومات منهم واستخدام الطائرات لضرب من يدخل هذه المناطق أيضا.
وقد تم إسقاط التهم عن صدام حسين المتهم الرئيس في القضية بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعددا من مساعديه في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لاغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية.
واستمعت المحكمة منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من آب (أغسطس) الماضي إلى حوالى 100 مشتك وشاهد وخبير أجنبي كما عرض عليها حوالى 60 وثيقة رسمية حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الإبادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع إليهم جميعهم.

المتهمون في قضية الأنفال
والمتهمون الستة الآخرون بالإضافة إلى صدام حسين الذي أسقطت عنه التهم اثر تنفيذ حكم الإعدام بحقه في الثلاثين من كانون الأول (ديسمبر) الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيماوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الأركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشرقية.
ويواجه المجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الأنفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين إلى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988.
ويتهم الأكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الأعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون أن أكثر من 180 ألف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الآلاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيماويةquot; على المدنيين خلال حملة الأنفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد أن قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.