إيلاف من الرياض: إعتبر السفير السعودي لدى فرنسا الدكتور محمد آل الشيخ أن المجتمع السعودي يلزمه قرارًا شجاعًا يعالج إشكالية مهمة وهي تخرج الطالب من الثانوية العامة وهو لا يملك قدرة كافية على التحليل والملاحظة والبحث، مبينًا أن التقدم في هذا المجال سيساعد على إيجاد أرضية خصبة لثقافة قانونية في المجتمع السعودي.

وأكد آل الشيخ أن الثقافة القانونية في المجتمع السعودي محصورة في النخبة المهتمة، وأن ليس هناك ما يشير إلى وجود ثقافة قانونية بمعناها الدقيق، ولكن لوتم النظرإلى الثقافة الشاملة، بمعنى القيم التي تحكم المجتمع، فهي صريحة في مضمونها، كالحديث النبوي الشريف (الدّين في المعاملة)quot;.
السفير السعودي قارن بين العمل الأكاديمي (كان مدرسًا للقانون في جامعة الملك سعود) والعمل الديبلوماسي، فقال: quot;العمل الأكاديمي يمنح صاحبه الكثير من المزايا، التي تخلق منه شخصًا قادرًا على الإنجاز، شريطة وجود روح العطاء وفهم معنى المنافسة في منظومة عمل جيدة في أروقةquot;.
وأضاف في حديثه لصحيفة quot;الحياةquot; اللندنية: quot;العمل الأكاديمي يقدم لك الفرصة المهمة لصقل الشخصية، وليس للإنتاج فقط. فتتضح من ذلك أهمية بناء الشخصية في المقام الأول للعمل الأكاديمي، وحين تدخل السلك الديبلوماسي فأنت بالضرورة ستنفصل عن نشاطك الأول، ويمكنك بقدراتك الخاصة أن تقبل العمل الديبلوماسي طالما أن خاصية التكيف تسهم في شخصك وتدعمك، ولا أظن أن هناك حال فقدان توازن طالما أن الأمر يتوقف على القدرات الشخصيةquot;.
وحول العمل الديبلوماسي قال آل الشيخ: quot;أنت تحتاج إلى أكثر من كادر في شخصك، يعمل ويقترح ويدير ويقرر وينفذ ويشرف ويناقش، هذا هو السفير، وليس كما يعتقد البعض بأن عمله مرهون فقط بالمراسم والمناسبات واللقاءات الرفيعة المستوى، إذ نجد هذا الشخص (السفير) يمارس أعمالاً لا شأن لها بالعمل السياسي المطلق، كمتابعة شؤون الرعايا، وإنجاز الأعمال الإجرائية... الإداري منها والمالي، ومتابعة المكاتب والملحقيات التي هي جزء من البعثةquot;.
وعن المجتمع الفرنسي والتغير الذي طرأ عليه منذ كان طالبًا حتى عاد سفيرًا قال: quot;حين كنت طالبًا، كان وقتي يسمح بقراءة الكثير، بالدقة التي تدفعني إليها روح المعرفة والإطلاع على حياة جديدة، لأملك منها التجربة المثلىquot;.
وعندما عدت سفيرًا، أراني أكتفي من كل الأشياء بعناوينها ولا أستطيع متابعة فصولها، فهناك من العمل الشاق ما يكفّ يدي ـ إن صح التعبير ـ عن الجلوس مثلاً في مقهى مع بعض الأصدقاء، أو السفر في رحلة علمية مع زملاء دراسة، أو متابعة الأطروحات الحديثة في علم القانون، أو التفرغ ساعات لحدث إجتماعي أو ثقافي... أو حتى رياضيquot;.
ويضيف: quot;منظومة الحياة الاجتماعية في فرنسا تستحق المتابعة بدقة، وهي في سيرتها الطويلة منذ كنت طالبًا حتى عدت سفيرًا، من دون تحولات كبرى، وربما أنا تغيرت عليهاquot;.
وعند سؤال السفير السعودي عن التأثير الذهني الذي يكتسبه الطالب من دراسته للقانون، بين أن دراسة القانون تدعوك إلى التدقيق وعدم أخذ الأمور على عواهنها، بالمعنى القريب تتطلب فلسفة الأمور وتحليلها وأن يشتمل فهمك على أطراف الموضوع وتفاصيله كافة، لأنها مادة فلسفية في المقام الأول.
مضيفًا: quot;ودراسة القانون تهبك ملكة خاصة، فلديك القدرة على التدقيق والإستنتاج والتوجيه والبحث والمناقشة والإبتكار، ما يصدق معه مقولة إن القانوني يمكنه أن يكون إداريًا أو اقتصاديًا أو سياسيًا أو مفكرًا إجتماعيًاquot;.