وسط تجاهل رسمي واهتمام إعلامي :
ممثل الأسد إبراهيم سليمان في الكنيست اليوم

أحد اقطاب المفاوضات غير الرسمية بين سوريا وإسرائيل
أسامة العيسة من القدس :رجل الأعمال الأميركي السوري الأصل إبراهيم سليمان الذي يعتبر مقربا من الرئيس السوري بشار الأسد، سيدخل الكنيست الإسرائيلي اليوم، ويلقي خطابا أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، التي تعتبر من أهم لجان البرلمان الإسرائيلي. وتعتبر هذه الخطوة الأهم، في برنامج زيارة سليمان إلى إسرائيل التي وصلها أول من أمس الثلاثاء، وسط اهتمام إعلامي، وتجاهل حكومي رسمي.

وسليمان يعيش في الولايات المتحدة الأميركية منذ عام 1968، وارتبط اسمه، بمفاوضات غير رسمية أجراها مع ألون لييل المدير العام السابق لوزارة الدفاع الإسرائيلية، انبثقت منها وثيقة غير رسمية تتضمن تصورا لشكل السلام المفترض بين سوريا وإسرائيل. وقبل مثوله اليوم أمام لجنة الخارجية والكنيست، زار متحف مؤسسة ياد فاشيم، التي تخلد ضحايا النازية من اليهود، وخلال جولته استفسر منه عدد من الموظفين عن مشاعره وردة فعله عما يراه، وفهم هؤلاء الاجابة عندما شاهدوا الدموع في عينيه.

وبعد ساعتين من تجواله في المتحف خرج سليمان ليجد نفسه، مطالبا بالتعليق من قبل الصحافيين على ما رآه، فقال بتأثر بالغ إنه من المؤلم أن مثل هذه المأساة حدثت دون أن يتمكن العالم من منع حدوثها، وانه من الصعب quot;علينا التصديق بان هذه الأعمال حدثت في حياتناquot;. واضاف quot;يجب أن نمنع حدوث مثل هذا مرة أخرى، من الصعب تخيل أن كل هذا العدد من الناس يقتلون في هذا الوقت القصيرquot;.

ولم يستطع سليمان حبس دموعه التي انهمرت خلال حديثه للصحافيين، واحتاج إلى عدة دقائق، كي يستأنف الرد على أسئلة الصحافيين الفضوليين بهذا الزائر السوري-الأميركي. وشدد سليمان على أهمية إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، والاستفادة من تجارب الماضي، ووضع حد نهائي للعنف الذي يعصف بهذه المنطقة. واختتم سليمان يومه أمس، بشكل اقل عاطفية واكثر بهجة، من جولته في متحف ياد فاشيم، حيث التقى على العشاء ناشطين من حركة السلام الإسرائيلية-السورية التي تضم عددا من قادة الرأي العام البارزين في إسرائيل مثل الروائي سامي ميخائيل، الذي هو في الوقت نفسه شقيق ناديا أرملة الجاسوس الإسرائيلي الشهير ايلي كوهين الذي قبض عليه واعدم في دمشق قبل 40 عاما، وترفض سوريا إعادة رفاته إلى إسرائيل التي تطالب بشكل دائم بهذا الرفات، واخر مطالبها حملته إلى الرئيس السوري رئيسة مجلس النواب الأميركي التي زارت دمشق في الأسبوع الماضي.

ورغم أن سليمان يقدم في الإعلام الإسرائيلي بأنه صديق شخصي ومقرب من الرئيس السوري، إلا انه بدا يحمل أفكارا مستقلة، فبعد اجتماعه مع عضو الكنيست اليساري ران كوهين، قال إنه ليس لديه أي شك بان انطلاق عملية سلام بين إسرائيل وسوريا ستساعد في التصدي لما اسماه النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وستبعد سوريا عما وصفه المحور الإيراني، وقد تحول دون وقوع حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله.

وذهب سليمان ابعد من ذلك عندما كشف، عن وجود جهات سورية مارست ما قال إنها ضغوط على الرئيس الأسد، كي يخوض حربا ضد إسرائيل في شهر تموز (يوليو) الماضي، بهدف مساعدة حزب الله الذي كان يواجه حرب إسرائيل العنيفة عليه لوحده، ومساندة الحزب اللبناني ضد إسرائيل.

وقال سليمان، ان الأسد عين جنرالا سابقا مقربا إليه لتسلم ملف السلام بين سوريا وإسرائيل، وهذا يعكس رغبة سوريا في السلام.

ورغم رسالة السلام التي يحملها سليمان، إلا أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت، تجاهل زيارته، ورفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية طلبه بجعل زيارته، زيارة رسمية لإسرائيل.

وسوغت الوزارة الرفض، بأنها لا تريد أن تعطي انطباعا بان ممثلا للرئيس السوري يجول ويصول في إسرائيل، في حين أن حالة العداء مستحكمة بين إسرائيل وسوريا.

ولكن رأي لجنة الخارجية والأمن في الكنيست مختلف، فسليمان وصل إلى إسرائيل بدعوة من رئيسها تساحي هنغبي، من حزب كاديما، بعد أن طلبت ذلك عضو اللجنة اليسارية زهافا جلئون.

فماذا سيقول سليمان أمام اللجنة؟ الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم تقول ان سليمان سيؤكد رغبة سوريا في السلام، ويقدم تفاصيلا عن مشاركته في مفاوضات سرية مع مسؤولين إسرائيليين.

وكان سليمان قال في لقاء أجرته معه صحيفة يديعوت احرنوت في الشهر الماضي، بعد تسلمه دعوة لزيارة إسرائيل، إنه سعيد بان أعضاء الكنيست يرغبون في سماع روايته عن تلك المفاوضات التي تمت فيها مناقشة القضايا العالقة بين إسرائيل وسوريا، ومن بينها قضايا حساسة ومهمة ورئيسة مثل الانسحاب الإسرائيلي من هضبة الجولان المحتلة. ومنذ الكشف الصحافي عن المفاوضات السرية التي كان سليمان طرفا فيها، وهو يوضح أنه لا يتحدث باسم سوريا بأي شكل من الأشكال، وانه تحدوه رغبة في تعزيز فرص السلام بين سوريا وإسرائيل.

وقال سليمان، الذي تربطه علاقات وثيقة مع وليد المعلم وزير الخارجية السوري، في لقاء مع يديعوت احرنوت في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي إنه أطلق مبادرته للسلام مع إسرائيل منذ 16 عاما، وان اسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل كان على علم بجهوده، وان كل خطواته كانت تتم في السر، وان تصريحاته في هذه المقابلة التي منحها للصحيفة العبرية هي الأولى التي يتحدث فيها لوسائل الإعلام.

وكان مقررا لسليمان أن يزور إسرائيل في بداية العام الجاري، للمشاركة في مؤتمر هرتزيليا الاستراتيجي، الذي يتحدث أمامه كبار المسؤولين الإسرائيليين العسكريين والمدنيين، ولكنه ألغى الزيارة، بعد الكشف عن جهوده السلمية، خشية أن يفسد الاهتمام الإعلامي به تلك الجهود، ويعرضها للخطر.

ولكن سليمان وصل إسرائيل أخيرا، التي يقول إنه لديه فيها الكثير من الأصدقاء، ليقدم روايته لما حدث من اتصالات سرية مع مسؤولين إسرائيليين، أمام ممثلي الشعب الإسرائيلي، الذين لم يتنازلوا عن حقهم في معرفة ما جرى، في حين أن ممثلي الرأي العام العربي، سيستقون تلك الرواية مما سيرشح لوسائل الإعلام الاسرائيلية عما سيقوله سليمان أمام البرلمان الإسرائيلي.