أوفدت القائم بأعمال رئيسة الكنيست إلى الأردن
إسرائيل إلتقطت طعم السلام العربي

أسامة العيسة من القدس: وصل مجلي وهبي، القائم بأعمال رئيسة الكنيست، إلى العاصمة الأردنية عمان، وهو متعكر المزاج، بعد أن تعرض لما وصفه بإهانات في مطار بن غوريون، لدى مغادرته تل أبيب، حيث أخضع لفحص أمني، مثله مثل أي عربي آخر، مما جعله يخرج عن طوره ويصرخ ويشتم، موظفي المطار الذين تجاهلوا مقامه الرفيع. ولكن مجلي، حاول ألا تؤثر حادثة إهانته في المطار الإسرائيلي، على مهمته في العاصمة الأردنية، والتي بدت كأنها مهمة علنية سرية، فهي زيارة علنية، ولكن أجندتها سرية، وتتعلق بالجهود الأردنية - المصرية للإتصال بالإسرائيليين من أجل دفع المبادرة العربية إلى الأمام، كما قرر وزراء الخارجية العرب في إجتماعهم أمس.

وحذر الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، وهو يلقي طعم السلام بصنارة المبادرة العربية تجاه إسرائيل، أنه لن يكون هناك أي شيء مجانيًا ستحصل عليه إسرائيل من دون مقابل، فلا تطبيع مجاني، ولا علاقات مجانية أيضًا، وأن كل شيء سيكون بثمنه، وهذا الثمن للإنسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلتها الدولة العبرية في حزيران (يونيو) 1967، وعودة اللاجئين، ووقف الإستيطان، وغيرها من قضايا لا ترى فيها إسرائيل سوى محرمات لا يمكن العدول عنها.

وهبي، الذي وصل إلى المطار متأخرًا ربع ساعة، فنال التوبيخ من الموظفة المناوبة ورؤسائها، غير آبهين بعلو شأنه أو دنوه، أراد أن يصل مبكرًا إلى العاصمة الأردنية، وكأنه كان يعلم بمضمون القرار الذي سيتخذه وزراء خارجية الدول العربية، والذي سبقه زيارة لم تكن معدة مسبقًا لوزيرة الخارجية الإسرائيلية تيسبي ليفني إلى الشاطئ الشرقي للبحر الميت، حيث إلتقت نظيرها عبد الإله الخطيب، الذي بحثت معه دفع عملية السلام إلى الأمام، كما قال الطرفان، وهو تعبير دبلوماسي لا يفهم منه الكثير، إلا أنه لا يفسر الزيارة المفاجئة لليفني لصديقها الخطيب، ولا يكفي الشوق للقاء صديق لتبرير زيارة رئيسة الدبلوماسية الإسرائيلية، التي ما إن حطت في بلادها، حتى أعلن مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن جهودًا بدأت لترتيب زيارة رسمية لليفني إلى العاصمة الأردنية عمان للقاء نظيرها، الذي إلتقته للتو، ولم يمض وقت كاف لتشتاق إليه من جديد.

لم تعد ليفني لعمان، إنتظارًا لترتيب الزيارة المقبلة، ولما سينتج عن إجتماع وزارة خارجية الدول العربية، الذي كان لدى إسرائيل تصورًا كاملاً عن قراراته قبل أن تصدر، فأوفدت وهبي ليكون في العاصمة التي من المتوقع أن تكون محط الأنظار في الأسابيع المقبلة، ولم يمض وهبي كثيرًا في عمان، وانتقل إلى القاهرة، العاصمة الثانية، التي ستشارك عمان الدور الذي كلفتا به، وهو الإتصال بالإسرائيليين.

ومن عاصمة المعز لدين الله الفاطمي، تحدث وهبي للإذاعة الإسرائيلية، صباح اليوم، مشيدًا بالدول العربية لأنها اقتنعت أخيرًا بأن السلام هو الخيار الإستراتيجي لحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.

وقال وهبي إن القضايا الخلافية عميقة بين الجانبين، وليس من السهل جسرها، حيث يحتاج ذلك إلى مفاوضات وصفها بالمعمقة، ويقصد مجلي بالقضايا الخلافية، القدس، وعودة اللاجئين إلى ديارهم، والحدود، والدولة الفلسطينية في حدود 1967، وتفكيك المستوطنات.
ووافق وهبي على تصريحات مصدر أميركي، بأن قرار وزارء الخارجية العرب، هو خطوة أولية، وبالنسبة إلى إسرائيل، وفقًا لوهبي فإن المهم هو أن يكون السلام خيارًا إستراتيجيًا، وبعد ذلك لكل حادث حديث.

ولهذا السبب سارع وهبي لإلتقاط الطعم الذي ألقاه وزراء خارجية الدول العربية، ولكن بحذر شديد، وإخبار أصحاب الصنارة، بأنهم ليسوا وحدهم من يجيدون الصيد، وبأن إسرائيل توافق على خطوتهم الأولى فقط، وهي الإستجابة لمبادرتهم، أما بعد ذلك، فسيكون الأمر مختلفًا.

وحين ترك وهبي العاصمة عمان، إلى القاهرة، ليلتقي المسؤولين المصريين، كان يمهد الأجواء في العاصمة الأردنية لوصول رئيسته داليا اتسك، وهي بالوقت ذاتهالقائمة بأعمال رئيس الدولة.

ووصلت ايتسك إلى عمان، ومعها وفد برلماني، بدعوة من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ولكن من توقيت الزيارة وأعضاء الوفد، يتضح أنها لن تكون فقط تلبية مجاملة لدعوة العاهل الأردني، فاتسك ستصطحب معها تساحي هنيغبي رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، والتي تعتبر أهم لجان الكنيست الإسرائيلية، وليست بعيدة عن قرارات الحرب والسلم الإستراتيجية في إسرائيل، ومع هنغبي عشرة من زملائه أعضاء اللجنة، يعتقد أنهم سيسمعون مباشرة من العاهل الأردني عن مقترحات محددة وعملية، بشأن التحركات السلمية العربية.

وسيلتقي الوفد البرلماني - الأمني الإسرائيلي، أيضًا رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت، ووزير الخارجية عبد الإله الخطيب، ليسمع ما لديهما، وبعد كل هذه الجلسات المكثفة، سيحظى بزيارة إحدى المواقع الأردنية المهمة التي تداعب مخيلة الإسرائيليين، وهي البتراء، والتي كان كثير من الإسرائيليين، وقبل إتفاقية السلام الأردنية - الإسرائيلية، يتسللون إليها، ويتعرضون للإعتقال الموقت في الأردن قبل إعادتهم إلى إسرائيل، وكان ذلك بالنسبة إليهم ثمنًا قليلاً من أجل تكحيل أعينهم بمنظر المدينة الوردية، أما الآن فإن اتسك ستركب مع وفدها على متن مروحية أردنية إلى عاصمة الأنباط العرب، وقد جرت مياه كثيرة في نهر العلاقات العربية الإسرائيلية، لم تكن نهاية المطاف، فالمياه ستواصل الجريان، وبتسارع ربما غير متوقع، وسيكون مدهشًا للرأي العام العربي، الذي مثل الزوج المخدوع آخر ما يعلم، مما يدور حوله.