فاترة... لا تشبه في شيء ما يحصل في فرنسا
الإنتخابات السورية بعيون لبنانية

الياس يوسف من بيروت: تابع اللبنانيون عبر الفضائيات الإنتخابات التشريهية التي جرت على مدى يومين في سوريا المجاورة بفتور، عكس فتور السوريين أنفسهم حيالها، لا تشبه في شيء، بل تناقض المشاركة الشعبية الكثيفة، والأصح التعبئة العامة التيميّزت بالتزامن إنتخابات فرنسا الرئاسية. وقال لـ quot;إيلافquot; أحد السياسيين اللبنانيين الذي حافظ على علاقته بالقيادة السورية في دمشق بعد سحب جيشها من لبنان قبل نحو عامين بالضبط، إنه كان في العاصمة السورية الأحد ولاحظ أن الإنتخابات باهتة وباردة وتفتقد إلى حمى المنافسة السياسية والإنتخابية والمشاركة الشعبية .

ورد الإقبال الشعبي الضعيف إلى عاملين أساسيين. الأول هو مقاطعة قوى المعارضة للإنتخابات نتيجة التطور السلبي في العلاقة بين النظام والمعارضة في الأشهر الأخيرة، والتي سلكت منحى المواجهة. وأوضح أن المعارضة التي تتوزع على جماعتين: معارضة الخارج التي تقودها جبهة الخلاص في أوروبا ( خدام ـ البيانوني ) وقوى مستقلة في الولايات المتحدة ( فريد الغادري) ومعارضة quot; الداخل quot; التي تتشكل من قوى ناشطة في المجتمع المدني، رست على إقتناع راسخ بصعوبة التغيير بالطرق السياسية والإنتخابية، وهي بشقيها باتت مقيمة في ما يمكن وصفهبـ quot;الخيبةquot;، بسبب إستمرار العمل بقانون الطوارئ وإخفاق عملية الاصلاحات السياسية التي انطلقت بخجل وحذر بعد وصول الرئيس بشار الأسد إلى الحكم.

واعتبر السياسي اللبناني أن الإصلاحات في سوريا ربما لم تكمل طريقها بسبب الضغوط الدولية والإقليمية التي وقع تحت ثقلها النظام السوري مما دفعه إلى إعادة ترتيب أولوياته وإلى تجميد المسار الإصلاحي وإلى إغلاق الجبهة الداخلية وتحصينها. أما العامل الثاني في رأيه، فهو اللا مبالاة الشعبية إزاء هذه الانتخابات لأن النتائج معروفة ومحسومة لمصلحة مرشحي حزب quot;البعثquot; الحاكم، والمعركة كادت أن تنحصر في فئة المرشحين المستقلين. ولكن حتى هؤلاء من رجال المال والأعمال يُعدّون نافذين وقريبين من الدولة والنظام. ولأن دور مجلس الشعب في نظام هو في الأساس برلماني ـ رئاسي كان على مر السنوات دور ضعيف في مجال تشكيل الحكومات ومراقبتها ومحاسبتها، وعلى صعيد المشاركة في صياغة السياسة العامة للدولة، فإنه لا يثير الفضول في سورية ولا يعوّل عليه كثيرًا في معادلة الحكم والنظام.

ولربما ساهم الموقف الدولي من هذه الإنتخابات في الفتور حيال الإنتخابات السورية ، وهو موقف راوح بين quot; عدم الإهتمام quot; على ما هو الموقف العربي، وبين والانتقاد على ما هو الحال في الموقفين الاوروبي والأميركي. والأصح أن الأميركي لم يكتف بالإنتقاد بل هاجم بعنف، معتبرًا أن ما يسمى بإنتخابات في سوريا لا يعكس أي مسار ديمقراطي هناك. فالنظام السوري يواصل استخدامه للإجراءات الديكتاتورية التي تضمنتها قوانين الطوارئ .

وإن تلك الإنتخابات شكلت quot; فرصة ضائعة quot; لأنها تجري في ظل هيمنة قوة سياسية أحادية وغياب كلي للإصلاحات السياسية الجوهرية التي كان الرئيس بشار الأسد قد وعد بها، بما في ذلك وضع قانون جديد للإنتخابات. ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية قابلوا ممثلين لـ quot;جبهة الخلاص الوطنيquot; السورية المعارضة ، وطلب هؤلاء من واشنطن مراقبة مجريات الإنتخابات عن كثب وعدم إعطاء الشرعية لها .

أما رد الفعل الأوروبي، فإنه انتقد غياب الشفافية عن هذه الإنتخابات ووصفها بأنها quot;لم تكن حرة وعادلةquot;، خلافًا لما كان يمكن أن تكون في حضور مراقبين دوليين ومحليين حياديين . كذلك إتخذ الأوروبيون من الإنتخابات مناسبة للتذكير بالمسار الإصلاحي البطيء والمتعثر في سوريا، وبأن المطلوب تحقيق إصلاحات حقيقية، وفعلية،وانفتاح أكبر على مستوى التربية والاقتصاد والسياسة.

في الأرقام : يبلغ عدد الناخبين في سوريا 12 مليونًا من أصل 29 مليون مواطن. ويبلغ عدد مقاعد البرلمان، أي مجلس الشعب 250 مقعدًا تنافس عليها نحو 2500 مرشح منهم 171 إمرأة، وقال السياسي اللبناني إن نسبة المشاركة الحقيقية لم تتجاوز 30 في المئة في أفضل الأحوال.