أسامة العيسة من القدس: قدمت إسرائيل روايتها عن أبرز حدث أمني وقع أمس، وهو إطلاق عشرات من قذائف الهاون وصواريخ القسام على أهداف إسرائيلية، من قبل الجناح العسكري لحركة حماس، التي أعلنت بعد ساعات من إطلاق النار، إنتهاء الهدنة غير الرسمية المبرمة مع إسرائيل منذ خمسة أشهر.

وحسب الصحف العبرية الصادرة اليوم، فإن حركة حماس إقتفت خطوات حزب الله اللبناني، واستعارت أسلوبه، وهو إطلاق القذائف بكثافة للتمويه على الهدف الرئيسي وهذه المرة كانت محاولة حماس لإختطاف جندي إسرائيلي، على الأرجح عن طريق المرور عبر نفق إلى موقع عسكري إسرائيلي.

ولكن ما تصفه المصادر الإسرائيلية، بتوفر معلومات استخبارية، واستعداد الجيش الإسرائيلي، أحبطا محاولة الإختطاف المفترضة.

وحذرت الصحف الإسرائيلية، بأنه لا يجب أن يؤدي النجاح بإحباط محاولة الخطف أمس، إلى الإنتشاء والركون إلى انه لن يحدث عملية خطف في المستقبل، وذكرّت، بأن نجاح حزب الله بخطف جنديين في شهر تموز (يوليو) الماضي، تم بعد محاولات خطف عديدة من قبل الحزب أحبطتها إسرائيل.

وكانت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قد حذرت قبل أيام، من تكرار سيناريو خطف الجندي جلعاد شليط المحتجز لدى حماس في قطاع غزة منذ تموز (يوليو) الماضي، وأعلن الجيش الإسرائيلي بأنه عزز وجوده على المناطق الحدودية مع قطاع غزة، واتخذ تدابير أمنية مشددة، للحيلولة دون نجاح حماس بخطف جندي جديد، وهو، ما حاولته الحركة، وفقًا لمصادر الإسرائيلية، يوم أمس، لكنها فشلت.

وسواء كان الهدف من إطلاق القذائف الصاروخية هو خطف جندي، حسب المصادر الإسرائيلية، أم ردًا على الممارسات الإحتلالية الإسرائيلية، حسب حماس، فإن ما حدث أمس، أثار ردود فعل واسعة في إسرائيل، وتساءلت الصحف العبرية الصادرة اليوم، عن السبب الذي جعل حماس تخرق الهدنة من طرف واحد، وبشكل مفاجئ.

وفي تداعيات الحدث، سيعقد اهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، جلسة لحكومته، صباح اليوم، يحضرها قادة الأجهزة الأمنية للبحث في الردود الإسرائيلية المحتملة على إطلاق القذائف أمس.

وسيقدم قادة الأجهزة الأمنية اقتراحات مدروسة لسبل الرد على حركة حماس، ويتوقع أن يوصي هؤلاء بتوسيع العمليات العسكرية ضد قطاع غزة، وحتى احتلال مناطق في القطاع، خصوصًا تلك المواقع التي تستخدم لإطلاق الصواريخ.

وحسب المصادر الصحافية الإسرائيلية، فإن جهاز الأمن العام (الشاباك) لا يحبذ عملية عسكرية كبيرة ضد قطاع غزة، التي ستعيد توحيد المنظمات الفلسطينية ضد الإحتلال الإسرائيلي، والإنصراف عن تناقضات هذه المنظمات الداخلية، والتي أدت في بعض المراحل إلى صراع دموي بينها.

وترجح المصادر الإسرائيلية، أن تستمر الحكومة الإسرائيلية في ما تسميه سياسة ضبط النفس، وهي السياسة التي تقول إنها تنتهجها منذ عدة أشهر، ولكن لا يمنع هذا من القيام بردود عسكرية موضعية.

ويؤيد عدد من الوزراء مثل افيغدور ليبرمان، إعادة إحتلال إسرائيل لمحور صلاح الدين (فيلادلفي) الذي يفصل رفح الفلسطينية عن رفح المصرية، وتشديد القبضة من جديد على القطاع.

وبالتوازي مع هذه المشاورات، توجهت إسرائيل إلى الأمم المتحدة، لتشكو حركة حماس، وفي رسالة سيسلمها مندوب إسرائيل لدى المنظمة الدولية اليوم الأربعاء، للأمين العام، ولرئيس مجلس الأمن الدوري، تقول إسرائيل، إن ما جرى أمس، يكشف عمّا تصفه الوجه الحقيقي لحركة حماس وهو أنها منظمة إرهابية.

واعتبر عمير بيرتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، ما حدث أمس، بأنه خطر جدًا، وقال إن إسرائيل لن تسمح بأن تشكل الحكومة الفلسطينية غطاءً لإستمرار النشاط العسكري الفلسطيني ضد إسرائيل، وقال إن إسرائيل لن تميز بين المستويين العسكري والسياسي في حركة حماس.

ورغم أن قيادة الجيش الإسرائيلي في الجنوب تضغط على المستوى السياسي لإطلاق يدها في عمليات عسكرية واسعة في القطاع، إلا أن بيرتس، يقول إنه سيتم إعادة النظر في الردود الإسرائيلية على ما يسميها الإعتداءات الفلسطينية، لكنه حذر من الإنجرار خلف المنظمات الفلسطينية في تصعيد متبادل.

وطمأن بيرتس الإسرائيليين، بان حكومتهم هي من ستحدد الوقت والأسلوب المناسبين للرد على حركة حماس وباقي المنظمات الفلسطينية.

وقالت صحيفة هارتس، إن الإجابة عن سؤال إذا ما كان حدث أمس هو إيذانًا بإستئناف حماس لنشاطها ضد إسرائيل، أم أنه حدث لمرة واحدة فقط؟، هو ما سيحدد طبيعة الرد الإسرائيلي الذي سيبحث اليوم برئاسة اولمرت.

وتوقعت الصحيفة أن يكون الرد الإسرائيلي موضعيًا، لأن القذائف الصاروخية التي أطلقتها حماس أمس، لم توقع خسائر في الأرواح، وبسبب النداءات التي أطلقها أعضاء في الحكومة الفلسطينية لإستمرار التهدئة.

وكان محمود عباس (أبو مازن) رئيس السلطة الفلسطينية قدوجه أمس نداءً من إيطاليا التي يزورها، مناشدًا إسرائيل أن تبدي ضبط النفس، لأن ما حدث أمس، لن يحدث مرة أخرى.

ولكن لماذا خرقت حركة حماس التهدئة؟ هذا هو السؤال الذي أثار إهتمام محللي الصحف الإسرائيلية، بعضهم رأى أن حماس أرادت تسجيل نقاط لصالحها لدى الجمهور الفلسطيني، والتأكيد على أن خيار المقاومة هو خيارها الرئيس.

ورأى آخرون بان حركة حماس لم تلتزم فعليًا بالهدنة، وانه منذ الإعلان عنها، تم إطلاق أكثر من 200 صاروخًا على إسرائيل، وزرع نحو 50 قنبلة على طول السياج الحدودي، وأن الجناح العسكري لحركة حماس شارك في هذه النشاطات وإن لم يكن يعلن عن ذلك رسميًا مثلما فعل أمس.

فيما قال آخرون، إن حماس تريد صرف نظر الجمهور الفلسطيني عما يصفونه بإخفاق الحكومة الفلسطينية في مواجهة الفلتان الأمني والقضايا الفلسطينية المحلية، وأشاروا إلى وجود إقتناع لدى حركة حماس، بأن الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذ قطاع غزة من حرب أهلية واسعة النطاق، هو إستدراج إسرائيل إلى عملية عسكرية واسعة في القطاع.