موسكو: ينبئ صمت الكرملين المطبق على انتخاب نيكولا ساركوزي رئيسا لفرنسا بمرحلة صعبة من العلاقات بين البلدين، ستكون مختلفة بأي حال عن تلك التي كانت قائمة في عهد جاك شيراك quot;الصديق الشخصيquot; لفلاديمير بوتين، حسب ما يرى العديد من الخبراء الروس.
ورغم مرور أكثر من 36 ساعة على إعلان فوز ساركوزي مساء الأحد لم يوجه بوتين بعد رسالة تهنئة إلى الرئيس الفرنسي الجديد.
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس رفض كل من الكرملين ووزارة الخارجية الروسية التعليق على هذا الأمر.
وقال يفغيني فولك المحلل السياسي في هريتاج فاونديشن quot;إن تهاني رئيس دولة إلى آخر ليست مجرد بروتوكول بل هي تترجم نوعية العلاقات الشخصيةquot;.
وتابع quot;عندما انتخب فيكتور يانوكوفيتش (الموالي لروسيا) رئيسا لاوكرانيا (2004) وجه له بوتين برقية تهنئة حتى قبل إعلان النتائج الرسمية. كما انه دعاه في عيد ميلاده لاحقا، والمؤكد إن بوتين لن يدعو ساركوزي للمشاركة في عيد ميلادهquot;.
من جهته قال المحلل في مركز كارنجي الكسي مالاشنكو إن quot;الكرملين لا يعرف كيف يتصرف وهو غير متأكد ويريد إن يعرف ما إذا كان ساركوزي بالفعل مواليا لأميركاquot;.
ويرى المحللون انه نظرا للتوتر الشديد القائم حاليا بين موسكو وواشنطن بسبب عزم الإدارة الأميركية على نشر درع مضادة للصواريخ في أوروبا الشرقية فان أي تصريح مؤيد لسياسة واشنطن ينظر إليه الكرملين على انه مناهض لروسيا.
ولا يخفي ساركوزي بأي حال إعجابه بالقوة العظمى الأولى في العالم. وقبل أشهر عدة اخذ على جاك شيراك quot;مصافحته بوتينquot; وردا على سؤال حول ميله نحو الولايات المتحدة أجاب بالتساؤل عما إذا كان المطلوب منه بالمقابل إن يكون quot;معجبا بروسياquot;.
وخلال حملته الانتخابية لم يتردد ساركوزي في توجيه الانتقادات مرارا لروسيا بسبب الحرب في الشيشان وهو الموضوع الذي تتعاطي معه موسكو بحساسية بالغة.
ويرى يفغيني فولك إن quot;روسيا لا تنظر بتفاؤل إلى مستقبل العلاقات مع نيكولا ساركوزي ومن غير المتوقع إن ينظر هو إلى روسيا على غرار ما ينظر اليها شيراك الذي ترجم (الشاعر الروسي الكسندر) بوشيكنquot;.
ولفتت صحيفة ازفستيا إلى الاشارة السيئة التي يحملها وجود النائب والرئيس السابق للجمعية البرلمانية للحلف الأطلسي ببار لولوش quot;العدائي جدا تجاه روسياquot; في عداد مستشاري ساركوزي.
واعتبرت ازفستيا إن تعيين لولوش وزيرا للخارجية ولو إن هذا الاحتمال ضئيل سيكون quot;كارثيا لروسياquot;.
ورات هذه الصحيفة أيضا إن موقف ساركوزي المقرب من الولايات المتحدة لا بد إن يحول دون تكرار ما عرف بمعسكر السلام بين برلين وموسكو وباريس ضد الحرب في العراق وهو المحور الذي شجع شيراك على قيامه.
كما ينظر العديد من المحللين يعين الريبة إلى تأثير أصول ساركوزي المجرية على مواقفه، فالمجر كانت تابعة للاتحاد السوفيتي قبل إن تستقل وتنتسب إلى الحلف الأطلسي.
وقال فياتشيسلاف نيكونوف المحلل السياسي في مؤسسة بوليتيكا حسب ما نقلت عنه وكالة انترفاكس quot;نعرف من سيرة حياة ساركوزي إن له علاقات صداقة مع رئيس جورجيا ميخائيل ساكاشفيلي وهذا لا يفترض وجود علاقات ودية جدا مع روسياquot;.
وكانت جورجيا الجمهورية السوفياتية السابقة ابتعدت عن موسكو خلال الفترة الأخيرة اثر ثورة أوصلت ساكاشفيلي إلى السلطة عام 2003.
أما بالنسبة إلى العلاقات الاقتصادية بين روسيا وفرنسا فان الأخيرة ستبقى مستثمرا كبيرا في روسيا كما إن روسيا ستواصل تقديم المواد الأولية إلى فرنسا حسب ما قال المحلل بوريس كاغارليتسكي مدير المؤسسة الروسية حول مشاكل العولمة.